قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

"التوك توك".. "قرصان" لتخريب الصناعة والحرف اليدوية ..و"شباب": العائد أكبر و"مريح" ..و"مستثمرون": تأثيره "كارثى " ونعانى من "التصحر"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

"نقيب المستثمرين" :
العمالة المصرية لا تضيف بالشكل الكافى للصناعة الوطنية
مجدى زكى:
غياب واضح لدور "الثقافة" والإعلام فى نشر التوعية
رئيس "الصناعات الهندسية":
عودة وزارة التعليم الفنى وتعظيم دور الدولة

فى الوقت الذى تنفذ فيه الدولة برامج مختلفة للنهوض بالصناعة ودعم وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ، تبرز على الساحة العديد من التحديات ، لعل فى مقدمتها أزمة العمالة وندرتها التى اصبحت تمثل "صداعا مزمنا" للمستثمرين وأصحاب المصانع والورش والأعمال اليدوية .. وبدأت مشكلة ندرة "العمالة" تظهر بوضوح مع دخول "التوك" إلى شوارع مصر منذ مطلع عام 2006 حتى أن عددها وصل حاليا وفقا لبعض التقديرات لنحو 3 ملايين مركبة.

وبحسب خبراء فإن الدخل السنوى الذى يحققه "التوك توك" الواحد يتراوح ما بين 300 إلى 500 الف جنيه ، ويدور سعره ما بين 21 إلى 23 الف جنيه ، ويوفر 2 فرصة عمل يوميا على الاقل وتتخطى استثماراته فى مصر حاجز الـ3.5 مليار جنيه ، والشباب الذى يعمل على المركبة معظمهم تخلوا عن وظائفهم المهنية فى المصانع والورش.

مشكلة البطالة

وقد يخرج علينا البعض ليقول أن هذه المركبة نجحت فيما فشلت فيه الحكومات المصرية المتعاقبة فيما يتعلق بالتعامل مع مشكلة البطالة ، والإجابة يمكن أن نراها بنظرة بسيطة لحال المصانع والورش والأعمال المهنية التى أصبحت خاوية على عروشها ، وإلى خطوط الإنتاج التى توقفت عن الدوران بسبب هذا"التوك توك".

وإذا أعتبرنا "التوك توك" وسيلة نقل مناسبة فى المناطق العشوائية والغير مخططه ، حيث يمكنه السير فى الشوارع والحوارى الضيقة ..بالمقارنة بالتاكسى او سيارات الأجرة وأصبح الشاب يتعامل معه كـ"وظيفة" فإن هذه المعطيات تأتى على حساب انشطة أخرى تصب فى صالح الاقتصاد والإنتاج والتصدير.

ومع تزايد الاعتماد على " التوك توك" وسماح الدولة باستيراده سابقا ، حرصت شريحة كبيرة من الشباب الذين كانوا بمثابة قوة "ضاربة" وأساسية فى المهن والأعمال اليديوية بالورش والمصانع المختلفة تتجه نحو هذا "البيزنس" الجديد .. وصار لسان حال هؤلاء :لماذا أعمل لدى الغير طالما يمكننى خلق فرصة عمل لنفسى وتحديد ساعات عمل والحصول على دخل مناسب ؟

"توضيح مهم"

وبعيدا عن مسألة تقنين " التوتوك" الذى يجرى حاليا إعداد مشروع قانون بشأنه من خلال لجنة النقل والمواصفات بالبرلمان ويحدد قواعد الترخيص كدرجة بخارية ..يفتح " صدى البلد" ملف التأثيرات السلبية " القاتلة " لظهور هذا الإختراع على النشاط الصناعى والمهن المرتبطة به بما فيها الصناعات والحرف المختلفة ، خاصة بعد " الصداع" الذى سببه لهذه القطاعات وأصبح أشبه بالقرصان الذى يسطو دون رحمة على العمالة ، وطال الألم مصانع عديدة أغلقت بالفعل خطوط انتاج وأخرى تعانى بعد هروب الشباب والعمال إلى هذا الوافد الجديد .

جانب كبير من وجهة نظر أصحاب "بيزنس " التوك توك صحيحة ، وبقراءة بسيطة لواقع الحال وعبر جولة لـ "صدى البلد" فى عدد من المناطق الشعبية تبين أن الشاب الذى يعمل على توك توك يحصل يوميا على مقابل ما بين 60 إلى 70 جنيها فى الدورة الواحدة التى تمتد لـ 8 ساعات وتتضاعف فى حال العمل لمدة 10 أو 11 ساعة ، وفى الغالب يعمل "التوك توك" الواحد شخصان .

وقال محمد السيد " شاب عشرينى من إمبابة : كنت أعمل فى ورشة لصناعة الأخشاب ، وكان دخلى الشهرى 1300 جنيه ، وكنت اذهب إلى الورشة يوميا الساعة العاشرة صباحا وأغادر فى الساعة التاسعة مساءا ، وكنت اعانى من تحكم وسء معاملة صاحب الورشة ، وعندما عرض عليه احد أصدقائى العمل باليومية على "توك توك" مقابل الحصول على 60 جنيها يوميا وافقت على الفور .

ويتفق مع الرأى السابق حسين النمس قائلا : انا كنت بشتغل فى مصنع ملابس بمدينة السادس من أكتوبر ، وكنت احصل على مرتب 1600 جنيه ، وعلشان المشوار وتحكم المشرفين وأصحاب العمل والخصومات اللى بتحصل لما نتأخر بسبب زحمة المواصلات ، فكرت أشتغل عند نفسى ، أبويا ساعدنى وكملت واشتريت " توك توك" بالتقسيط ، والحمد لله سددت القسط وحاليا بشتغل براحتى وبيدخلى مبلغ كويس جدا " ، ولو كنت فى المصنع حتى الأن ما كان لى ان أحقق حلم الزواج وبناء أسرة .
.
"تدريب من اجل التشغيل"

ويحدد المهندس محمد المهندس رئيس غرفة الصناعات الهندسية عددا من النقاط المهمة للخروج من الأزمة التى يسببها وجود "التوك توك" على النشاط الصناعى والمهن المختلفة حيث يقول : لا خلاف على وجود تأثيرات كبيرة جدا جراء انتشار هذه المركبة ، فأصبحت تستقطب معظم الشباب وهو ما اثر على العمالة وتسبب فى ندرة كبيرة تعانى منها المصانع ، ونحن كاتحاد صناعات لدينا مبادرات لتاهيل الشباب وخلق فرص عمل لهم بالتعاون مع الحكومة ممثلة فى وزارة التربية والتعليم عبر مشروع "إصلاح التعليم الفنى والتدريب المهنى " .. ومن خلال هذا المشروع يتم حضور الطلبة لمدة 3 أيام فقط وينتقل للمصنع لتطبيق الجانب النظرى الذى تمت دراسته وهو ما يعرف بالتعليم المزدوج ، وقطعنا بالفعل شوطا معقولا فيه.

ويواصل رئيس غرفة الصناعات الهندسية حديثه لـ "صدى البلد" قائلا: أيضا نفذنا مبادرة من خلال اتحاد الصناعات تحت شعار " التدريب من أجل التشغيل" .. وكنا نقدم تسهيلات للشباب للاستمرار فى هذا البرنامج "مصاريف جيب" ، على أن يتم اختيار المتفوقين منهم للعمل فى المصانع ، ونجحت التجربة ، كما أن الشباب الذى لم يلتحق بالعمل فى المصانع كونوا شركات فيما بينهم ونزلوا لسوق العمل ليفتحوا ورش صيانة أو محلات.
ويضيف : لمسنا من التعامل مع الشباب انهم يبحثون عن أعمال غدارية أو مكتبية ، ولكن بعضهم فضل الاستمرار وحقق نجاحا كبيرا ، وأصبح لدينا " أسطى " يملك امكانيات وخبرات لا تقدر بثمن.

وأوضح " المهندس" أن الظاهرة السائدة حاليا هو عزوف كثير من الشباب عن العمل أو تعلم مهنة ولجأ إلى العمل على " توك توك" ، حيث يحقق دخل مرتفع ، ويعمل بحرية وفقا لوجهة نظره التى أرى أنها قاصره .. فهؤلاء الشباب لا ينظرون غلى المستقبل ، فالعمل على "توك توك" لا يصاحبه تأمين صحى أو إجتماعى ومعرض للاصابة والتوقف عن العمل فى أى وقت ويأتى عليه وقت يصبح غير قادر على العمل أو الكسب ، وذلك عكس الالتحاق بمؤسسة أو مصنع يكتسب منه خبره ويكون وضعه المالى فى تحسن مستمر ويمكن له التنقل من مكان لأخر طالما أنه يملك هذه الخبرهه فيما يشبه "الإحتراف" ، وبالتأكيد سيكون لذلك مقابل مادى .

مظلة الدولة ..

ويطالب محمد المهندس الدولة بمزيد من الجهد لمواجهة التداعيات السلبية لوجود "التوك توك" على النشاط الصناعى والمهنى ، متسائلا: لماذا تم إلغاء وزارة التعليم الفنى ؟ ، التى حققت تحولا بدا أنه سيكون الأفضل على مستوى الاهتمام بالتدريب المهنى وخلق .. ومطلوب من الدولة اعادة النظر فى التعليم الفنى فلايمكن للقطاع الخاص العمل منفردا ، فمظلة الدولة فى غاية الأهمية .. القطاع الخاص قادر على أن يمد الدولة بحرفيين ، لتغطية العجز وحالة الخواء التى تشهدها صناعات وحرف مثل الموجودة فى خان الخليلى وغيرها .

اما محمد جنيدى رئيس النقابة العامة للمستثمرين الصناعيين فيتفق تماما مع وجهة النظر الخاصة بكون "التوك توك" أحد المنافذ التى تسلسل إليها الشباب هروبا من العمل فى الورش والمصانع وبحثا عن الراحة وعدم المسائلة ، مشيرا إلى أننا كأصحاب مصانع نعانى معاناة شديدة جدا من ندرة العمالة حتى أننا نضطر إلى الذهاب لمحافظات مجاورة لاستقدام عمالة ولكن للاسف الأمر لا يستمر طويلا ، فترى الشباب يحجم عن المواصلة بدعوى أنه وجد وظيفة على " توك توك" وهذا فى حد ذاته شيئ ماساوى ويضرب الصناعة والمهن المختلفة فى مقتل . . وإذا نظرا لوجهة نظر الشباب الذين يستقطبهم "التوك توك" نجد أن حجتهم فى الغالب تأثر علاقاتهم الإجتماعية وافتقادهم لشلة الأصدقاء فيفضل العمل الفوضوى تاركا منظومة مستقرة قوامها تأمينات أجتماعية وصحية ، علاوة على الاستقرار والخبرة والمشاركة فى بناء البلد ..

كارثة و"اقتصاد طفيلى"

وأضاف : لا توجد وسيلة مواصلات غير مقننة .. اعطينى سبب واحد لعدم تقنينها حتى الأن .. بعضها يمثل وكرا متنقلا .. طالبنا بترخيصه وبسعر معقول وأن يعامل مثله مثل التاكسى ، فلماذا لا يكون بحوزته سائقه رخصه و يخضع للضرائب .. لأن ما يحدث حاليا فى رأيى هو اقتصاد "طفيلى " وما يجرى لا يليق ابدا بدولة بحجم مصر .. حيث يتم فتح المقاهى لمدة 24 ساعة وتكون هذه الاماكن ملجا لهؤلاء ، فوجود" التوك توك "مع المقاهى يمثل كارثة ولو لم نتعامل نحسم التعامل معها سيتتحول لكارثة .

واشار إلى انه عرض على المهندس إبراهيم محلب خلال توليه رئاسة الوزراء وعلى أحمد زكى بدر وزير التنمية المحلية فى ذلك الوقت مشروع لتقنين "التوك توك" ووضع ضوابط لوجوده ، مشيرا إلى أنه أثر على مهارات العمالة الخارجة من المدارس الفنية ..مؤكدا على أن العمالة المصرية لا تضيف بالشكل الكافى للصناعة الوطنية

كما ان طلبة المدارس الفنية أصبحوا غير منتظمين فى الدراسة لأن معظمهم يعمل على " توك توك" ، مشيرا إلى ان ترخيصه ودخوله تحت المظلة الرسمية سوف يساهم فى الحد من هذه الظاهرة نظرا لأنه سيكون مطلوب من أصحابها رسوم متباينة وضرائب وغيرها .

ويؤكد المهندس مجدى زكى عضو جمعية رجال الأعمال وأحد اصحاب المصانع أن قطاع الصناعة والمهن المختلفة تعانى بالفعل من جفاف فى الأيدى العاملة وندرة لم نمر بها من قبل ، والسبب فى ذلك ذهاب الشباب إلى العمل على "توك توك" ، مشيرا إلى أن دور الدولة ممثلا فى وزارة الثقافة والاعلام بجميع مكوناته أصبح فى غاية الأهمية لتقيف الشباب وتوعيتهم بضروة المشاركة فى بناء الوطن ن وأن العمل على "توك توك" خاصة بالنسبة للذين يملكون مهارات او أصحاب مهن يضر الصناعة ويؤثر بالسلب على الاقتصاد .

وأشار "ذكى" إلى أن الندرة فى العمالة التى تحتاجها المصانع خاصة التى تم تدريبها أشبه بحالة من التصحر والجفاف ، فعندما نستعين بعامل أول شيئ يسأل عنه الراتب ويبحث عن عمل مكتبى او إدارى ويرفض معظمهم الوقوف على خط إنتاج أو تعبئة ، وتكون وجهته البحث عن فرصة عمل على " توك توك".