الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كواعب البراهمي تكتب: ثقافة الإنترنت

صدى البلد

الإنترنت طبعا يشمل محركات البحث، والوصول إلى المعلومات، ويشمل كل وسائل التواصل الاجتماعي، ويشمل أيضا "فيس بوك"، وسوف أقتصر في حديثي هنا عن "فيس بوك".

عندما ظهر "فيس بوك" في كل دول العالم كان عبارة عن وسيلة للتواصل بين الأهل والأقارب والمعارف وزملاء العمل، والتعرف على أشخاص جدد، وبالطبع في كل دول العالم المتقدم فإن التقنيات الحديثة في كل شيء، يستخدمها الأفراد بالقدر اللازم لاحتياجهم.

أما في دولنا العربية، فالوضع يختلف تماما، وحقيقة لا أعرف السبب في إساءة استخدام أي شيء، أو عدم استعماله الاستعمال الأمثل.

فلم يكن لنا مع "فيس بوك" وقت محدد للاستخدام، وإنما جعلناه معنا في المنزل والمكتب والسيارة والمدرسة والعمل وحتى في غرف نومنا، نحن شعوب تحتاج قبل أن تعطيها تقنية أن تمهد لها طريقة استعمالها، ووقت استعمالها،
وبدأ طبعا بالمثقفين أو الذين يدعون الثقافة، ومنهم أو على رأسهم طلبة الجامعة، وقد سبقنا في استعمال تلك التقنية دول الخليج، وذلك لأن لديهم المال اللازم للشراء، وكذلك لديهم بعض اللغة قبل أن يتم تعريب "فيس بوك".

ثم أتى إلى مصر، وقد كان من دواعي الفخر أنه عندما تسأل شخص هل لديك حساب على الفيس، فإن كان لا، فهو ينضم إلى طائفة المتخلفين وغير المواكبين للعصر.

وللأسف أصبح الأشخاص يستخدمون أسماءً وهمية وبيانات غير حقيقية، وكان الهدف إما مراقبة من يهمونهم، أو الحديث مع أي شخص لا تستطيع أن تحادثه بنفس الطريق لو كشفت له عن اسمك الحقيقي.

بل وأصبح للهجوم على النساء، فكانت من لديها صفحة تفضل أن لا تكون باسمها الحقيقي، أو لا تضع صورتها، وذلك لأن الرجال والشباب فعلا ينظرون لمن لديها صفحة وكأنها دعوة للحديث غير اللائق مع أي شخص، أو وكأنها شخصية مستباحة للغير وتريد الحديث في أي مجال ولها كل الوقت للحديث مع الآخرين.

ولا أدري لماذا تلك الثقافة الدونية في ذهن أغلب الرجال العرب، خاصة المصريين، وقد احتاج الأمر لسنوات لكي يفهم بعض الرجال أن تلك التي على "فيس بوك" هي شخصية محترمة وتظهر باسمها ولا تريد أحاديث جانبية، ولم تدخل الفيس من أجل التسلية معهم.

والحقيقة كان يوجد أيضا على الفيس بعض النساء بأسماء مستعارة تتحدث فيما يفيد وفيما لا يفيد، وقد تتحدث بما لا يجوز طالما لا أحد يعرفها، وكأن الأخلاق تقتصر فقط على أن نستخدمها مع من نعرفهم.

وتلك للأسف مساوئ تربية، بدليل أن بعض الفتيات أو النساء إذا ذهبت لدولة أجنية ترتدي ما لا تستطيع ارتداءه في بلدها وتفعل ما لا تقدر أن تفعله في بلدها، لأن المقياس عندها والحاكم هو الناس وليس الله.

المهم أصبح الفيس متنفسا للبعض، ووسائل اطمئنان للبعض، واكتساب معلومات للبعض.

أصبح الفيس مجالا للبحث عن عمل، ومجالا أيضا للفصل من العمل بسبب التشويه، ونقل الأخبار الكاذبة والتجني ومضيعة وقت العمل.

أصبح الفيس وسيلة للتوافق بين طرفين والزواج، وربما عن طريق التعارف عبر الفيس أو حتى عن طريق إعلانات وشركات متخصصة في ذلك، وأصبح كذلك من أهم أسباب الطلاق، حيث انشغال البشر عن بعضهم البعض سواء الزوج أو الزوجة، أو استجابة أحد الطرفين لدخيل أو دخيلة والتفريق بين المحبين أو بين الأزواج.

أصبح وسيلة لتعلم أنواع الأطعمة من كل بلاد العالم وكيفية طهيها، واكتساب مهارات في ذلك، وأصبح أيضا سببا في فشل الزوجات وتركهن للمطابخ والبعد عن الأطعمة التي تحتاج وقتا، حيث إن للنت الوقت الأكبر، وأصبح مكسبا للمطاعم ومحلات الأطعمة الجاهزة والتيك أواي.

الفيس وسيلة لتبادل المعلومات بين الطلبة وربما الاستذكار، ولكن له الدور الأكبر في فشل التلاميذ والانشغال بالشات ومضيعة الوقت والتقصير في الدراسة.

الفيس على قدر ما هو وسيلة لتقارب الكثيرين من أبعد الأماكن، على قدر ما هو سبب تباعد الأهل والأقارب والإخوة والأخوات، وانشغال كل منهم بالغير وعدم وجود حديث مشترك في المنزل الواحد.

الفيس وسيلة للتعبير عن رفض شيء معين، والهجوم عليه وتأليب الرأي العام، والفيس سبب التقارب والتكاتف حول شيء معين، وذلك حدث في وقت الثورات.

الفيس سهل الحصول على معلومة أو فتوى دينية من مصدرها، وسهل معرفة الموضة والجديد، وساعد في كشف سلبيات كثيرة تحدث في المجتمع، بل وساعد على ضبط مرتكبي بعض الجرائم، بعرض صورهم أو الفيديو الخاص بالواقعة، وساعد أيضا في نشر طرق الجرائم وكيفية تعلمها
الفيس به تعرف شخصيات جذابة قوية تتعلم منها أشياءً كثيرة، وتستفيد من صفحاتها، والفيس أيضا به ناس وضيعة تكتب أي كلام ولو خادش للحياء غير مراعين أن لديهم صديقات من النساء أو لهن أخوات أو بنات ممكن تقرأ ما يكتبون، الفيس يجمع كل المتضادات بنفس الوقت، فتكتب مبروك، وبعد ثوانٍ تكتب البقاء لله، حتى المشاعر لم يعط لها وقتا للتجاوب مع الفرح أو الحزن، فهو وسيلة التهنئة والتعزية، وتبادل التهاني والدعوات.

كان النت حتى فترة بسيطة غير مغلف بحماية قانونية، ولكن بعد انتشار السب والقذف عبر صفحات التواصل، وبعد انتشار سرقات الأعمال التي تنشر على الفيس سواء أكانت ابتكارات فنية موسيقية أو تفصيل أو رسم أو ما شابه، وسرقة لنصوص أدبية، وأبحاث علمية، وسرقة أفكار.

والسرقات في كل الأحوال هي سرقات سواء أكانت مادية أو معنوية، فمن يسرق عملا أدبيا لن يتورع أن يسرق المال إن وجد فرصة مناسبة، وأمام جرائم الفيس بوك أو النت جميعه نظرا لانتشاره في كل دول العالم، ونظرا لعدم وجود وسيلة لمعرفة من يستخدمه، كانت تلك الجرائم كثيرة وكبيرة، ومتشعبة.

لذلك لابد أن يقوم القائمون على هذه الصفحات من وسائل التواصل الاجتماعي بتقنين الاشتراك بأن يكون بالاسم الحقيقي والرقم القومي، أو وسيلة سهلة للوصول للشخص في حالة اعتدائه على آخرين أيا كان نوع الاعتداء، وأن يكون ذلك للمسئولين فقط ولا يعرض للعامة، ولكن في حال حدوث سرقات أو حال حدوث اعتداء لفظي أو إهانة شخص أو نسبة ما ليس به إليه، يجد المتضرر وسيلة للعقاب والمحاسبة والحصول على حقه كاملا،
لذلك أرجو تقنين كل وسائل التواصل الاجتماعي.

-