- بريطانيا قد تعزز تواجدها العسكري في الخليج على خلفية التوتر مع إيران
- دول الخليج العربي تسعى إلى تحجيم النفوذ الإقليمي الإيراني دون إشعال حرب
- ترامب يلمح إلى ضرورة تحمل الأوروبيين نصيبهم من مسئولية حماية الملاحة الدولية
ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن التوتر في مياه الخليج العربي ربما يبدو صادمًا بين الولايات المتحدة وإيران، لكن تطورًا طرأ ليعقد الأمور أكثر، حين هددت القوات البحرية الإيرانية ناقلة بريطانية بالاحتجاز في مضيق هرمز، ردًا على احتجاز حكومة جبل طارق البريطانية ناقلة إيرانية في مضيق جبل طارق.
وأوضحت الصحيفة أن التطور الجديد ينبئ بدخول حلفاء الولايات المتحدة على خط المناوشات العسكرية مع إيران، رغم نفي الأخيرة تهديدها لأي ناقلة بريطانية بالاحتجاز.
يأتي هذا التطور بالتزامن مع إعلان إيران تجاوز الحد المقرر على تخصيب اليورانيوم بموجب الاتفاق النووي، بعد أكثر قليلًا من عام على انسحاب الولايات المتحدة منه، وبالرغم من أن النسبة الجديدة التي أعلنت عنها طهران لتخصيب اليورانيوم لا تشكل تهديدًا بتصنيع سلاح نووي، فإن الإعلان عن الخطوة بحد ذاته جاء بمثابة ضربة للجهود الدبلوماسية التي أفضت إلى توقيع الاتفاق النووي، والساعية للحفاظ عليه.
وأضافت الصحيفة أن مكمن الخطورة الحقيقي هو أن تهديد مسارات الملاحة البحرية القريبة من إيران في الخليج ومضيق هرمز ينطوي على احتمالات انفجار صراع دولي حقيقي، وهو أمر ظهرت مقدماته عندما تعرضت ناقلات في الخليج العربي وخليج عمان لهجمات تخريبية الشهر الماضي، وعندما أسقطت إيران طائرة أمريكية مسيرة، وكادت الولايات المتحدة ترد بتوجيه ضربة عسكرية انتقامية تراجعت عنها في اللحظات الأخيرة.
وتابعت الصحيفة أن تصاعد التوتر بين إيران وبريطانيا قد يكون موضع ترحيب من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي سعت جاهدة لإقناع حلفائها الأوروبيين بانتهاج سياسة متشددة تجاه إيران، بل إن مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون علق على احتجاز الحكومة البريطانية للناقلة الإيرانية بالقول إنها "أخبار عظيمة".
لكن لدى بريطانيا من الأسباب ما يكفي لكي تحاذر رفع درجة التوتر مع إيران، فهي مع بقية الأطراف الأوروبية في الاتفاق النووي تحاول الحفاظ على الأخير والحيلولة دون انهياره، كما أنها لا تزال تعتمد بشكل أساسي على إمدادات الطاقة من الخليج العربي، بخلاف الولايات المتحدة التي أغنتها اكتشافات النفط والغاز الصخريين على أراضيها نسبيًا عن مصادر الطاقة في الخليج.
ومما يعزز من قلق حلفاء الولايات المتحدة تساؤل ترامب مؤخرًا عما يجبر بلاده على تحمل مسئولية حماية الملاحة البحرية، واتجاهه للضغط على حلفائه لتحمل نصيب من هذه المسئولية، الأمر الذي يوسع احتمالات وقوع احتكاكات بين إيران ودول أخرى في الخليج.
وأضافت الصحيفة أن سياسة إدارة ترامب الغامضة والملتبسة تجاه إيران تترك الجميع في حيرة من أمرهم بشأن أي الخيارات ستتبعها واشنطن مع إيران، وهل هي الحرب والصدام العسكري أم التهدئة والتفاوض؛ ففي حين يدفع بعض مسئولي إدارة ترامب باتجاه إسقاط النظام الإيراني، يحاول آخرون إقناع الرئيس الأمريكي بالعودة إلى الاتفاق النووي.
ومن المؤكد أن ترامب يرفض الصيغة القائمة للاتفاق النووي المبرم في عهد إدارة سلفه باراك أوباما، لكنه لا يكف عن إرسال رسائل متناقضة لا تشف عن نواياه، فبينما يقول إن الولايات المتحدة قد تصبح أفضل أصدقاء إيران في المستقبل، تخنق العقوبات الأمريكية الاقتصاد الإيراني بشدة، وتستهدف المرشد الإيراني علي خامنئي نفسه.
وبحسب الصحيفة، فإن ما يبعث على الاطمئنان نوعًا ما أن الدول المعنية بالأزمة الإيرانية تتجنب جميعًا وصول الأمور إلى درجة الانفجار، سواء فيما يتعلق بالاتفاق النووي أو نشاط إيران الإقليمي، فدول أوروبا لم تزل متمسكة بالاتفاق رغم انسحاب الولايات المتحدة وتهديدات إيران المتتالية بكسر التزاماتها الواردة به، وحتى دول الخليج العربي المتضررة من الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار تبذل مساعيها باتجاه مكافحة النفوذ الإقليمي الإيراني وتحجيمه، دون المخاطرة بإشعال حرب تبتلع المنطقة بأسرها.
لكن المشكلة بالنسبة لحلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين هي أنهم لا يطمئنون لموقف ترامب، فقد أثبت الأخير في أكثر من مناسبة استعداده لتوجيه الإهانات إليهم والتودد إلى خصومهم.
وبالنسبة لبريطانيا، فبينما تتعرض سفنها للتهديد والتحرش من جانب إيران، من المتوقع أن توجه لندن مزيدًا من قطعها البحرية العسكرية إلى الخليج، وهذا بحد ذاته يرفع احتمالات انفجار العنف على خلفية تهديد الملاحة الدولية، بمعزل عن مواقف الأطراف من الاتفاق النووي.