الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نوسة واللغة العربية


"ما قولتلك يا نوسة بلاش إعلام" 
كان هذا السؤال الأول بامتحان الميد تيرم اللغة العربية لطلاب الفرقة الأولى بكلية إعلام جامعة القاهرة.. 
خبر تداولته وسائل إعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي وفي نفس الأسبوع تطالعنا الصحف بخبر آخر عنوانه "الأوقاف تواجه ضعف الأئمة في اللغة العربية بدورات مكثفة في المهارات اللغوية"  
خبران أثارا ناقوس خطر كبير.. 
ما الذي أصاب اللغة الأم ولماذا تراجعت إلى هذا الحد وأين في الجامعات وعلى منابر الخطابة
وواقع يبرهن علي التحديات الصعبة التي تواجهها لغتنا العربية اليوم حيث تعاني عقوق أهلها وتنكرهم لها واستحيائهم من نطقها فالبعض هجرها إلى اللغات الأجنبية من باب الوجاهة الاجتماعية والبعض الآخر انتهجوا العامية بديلا عنها وآخرون أدخلوا عليها كلمات ومصطلحات أجنبية لتظهر لنا لغة ثالثة لا علاقة لها بالعربية.
ساهم في هذا الواقع عوامل كثيرة منها فقدان المؤسسات التعليمية دورها في تعزيز وتعميق اهمية اللغة العربية في حياتنا بعد أن تم تهميشها وأهملها حراسها فلم تمتد إليها أيديهم في تطوير أساليب تعليمها فظلت مادة جامدة لاتتماشي مع الواقع المعاصرعكس طرق تدريس اللغات الأجنبية. 
وازدادت أحوالها سوءًا بانتشار وسائل التواصل الاجتماعي أحد أكبر التحديات التي تواجهها اللغة العربية ودورا آخر ساهم في إضعافها وتجريفها وقلب موازينها عند قطاع كبير من راودها من الشباب بسبب التداول الإلكتروني
الخاطئ الذي يتسم بالتساهل ويحمل ركاكة وأخطاء وانتهاكات لغوية فادحة قضت علي البقية الباقية منها
اما الاعلام والفن فقد حدث تحول من النقيض للنقيض ويكفي ما تعرضه قناة ماسبيرو زمان احد حراس الهوية المصرية و شاهدة علي زمن الفن الجميل بجميع مكوناته وأهمها اللغة لنرى كيف كان الإعلام والفن أرقى سفير للغة الضاد التي صاغت وجدان الأمة فتعضدت مكانتها بالمحبين والداعمين وحينما اخلص لها ابناؤها حافظت علي مكانتها وبريقها وجمالياتها.
ومنذ أيام شاهدت علي شاشة قناة ماسبيرو زمان مسرحية شمس النهار عن عمل أدبي لتوفيق الحكيم وفي نفس اليوم عرضت إحدى حفلات كوكب الشرق أم كلثوم وكانت قصيدة الاطلال للشاعر ابراهيم ناجي وبلغ مسامعي هذا الزاد اللغوي المبهر والتركيب اللفظي المبدع هكذا كان حال اللغة وهكذا كان مستمعو ومتذوقو الفن على اختلاف طبقاتهم الاجتماعية ودرجاتهم العلمية في هذه الحقبة الزمنية وشجون أثارها هذا الوعي اللغوي الثري الذي كان الفن أحد أعمدته الرئيسية التي يرتكز عليها في جعل اللغة العربية لغة الحكي داخل الوعي الجمعي للمصريين.
أما اليوم فقد تغيرت وتبدلت ملامح اللغة سواء فى التناول الإعلامي أو الثقافي أو الفني ووصلنا لحالة قبح نالت من قيمة اللغة وهيبتها ولم يعد التعامل باللغة العربية يليق بمكانتها ومقامها الرفيع.
فاللغة حاضنة التاريخ والهوية ولكي تكتشف عظمة أي أمة أنظر إلى لغتها ورغم أن اللغة العربية هى التى حملت النور إلى ظلمات العصور الوسطى في أوربا وكانت ذات يوم الأولى في التسيد الحضاري والإنساني إلا أنه بتراجع
تلك الحضارة تراجع التعامل بالعربية حتى في البلدان الناطقة بها وانفصل مواطنوها عن لغتهم الأم فتشوهت الكلمات وتدنت المفردات وبات تصحيح أوضاع اللغة العربية وحمايتها لا يقل أهمية عن محو الأمية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط