الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحقيته في نوبل للسلام تتبدد.. فاينانشيال تايمز: حرب آبي أحمد على إقليم تيجراي تحطم سمعته.. رئيس الوزراء الإثيوبي خلق مشاكل أكبر لم يستطع تسويتها.. وسياسة الإصلاح تضيع في غمار المعركة

رئيس الوزراء الإثيوبي
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد

اتهامات للجنة نوبل للسلام بالتسرع في تكريم شخصيات فبل اختبارها في السلطة
الحرب على إقليم تيجراي تغذي نزعة آبي أحمد الانفصالية
مئات الإثيوبيين لقوا مصرعهم في أعمال عنف أو على يد قوات الأمن
اتهامات لـ آبي أحمد بالسعي لتمديد بقائه في السلطة

يمكن أن نسميها "لعنة نوبل للسلام"، الجائزة التي فاز بها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بعد مضي 9 أشهر فحسب على بدء رئاسته عام 2009، قبل أن تذهب وعوده بإحلال السلام في الشرق الأوسط أدراج الرياح.

وهي أيضًا الجائزة التي نالتها زعيمة ميانمار الحالية أونج سان سو تشي إبان خضوعها للإقامة الجبرية في بلادها عام 1991 تكريمًا لنضالها المدافع عن الحريات والديمقراطية، قبل أن تتحول إلى حاكمة حديدية قومية متطرفة تبارك ارتكاب جيش بلادها مذابح وفظائع دموية بحق أقلية مسلمي الروهنجيا.

والآن حان دور رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد كي يبرهن من جديد على قاعدة لعنة جائزة نوبل للسلام، فالزعيم الأفريقي الذي خطف الأنظار خلال الأشهر الأولى لولايته عام 2018 بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وصنع السلام مع الجارة إريتريا لم يلبث أن أطلق العنان للجيش الإثيوبي لشن حرب كاملة على إقليم تيجراي شمالي البلاد، عقابًا على التمرد على قرار الحكومة تأجيل الانتخابات البرلمانية.

وفي الحالات الثلاث أصبحت لجنة جائزة نوبل للسلام موضع اتهام بالتسرع في في تكريم شخصيات قبل خضوعها لامتحان السلطة، إما على خطاب مدافع عن السلام والحرية مثل حالة أونج سان سو تشي أو على وعود براقة تبددت فيما بعد مثل حالة أوباما وآبي أحمد.

وقالت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية إن الشعب الإثيوبي استبشر خيرًا بصعود آبي أحمد إلى السلطة، وراهن على قدرته على نزع فتيل الصراعات الأهلية الممتدة في طول البلاد وعرضها، ونقلت الصحيفة عن الخبير بالشأن الإثيوبي رشيد عبدي قوله "جاء آبي أحمد إلى السلطة محملًا بمهمة تسوية الصراعات الإثنية-القومية، لكنه خلق من المشاكل أكثر مما استلمه، ويجاهد الآن يائسًا لاحتوائها".

وأضافت الصحيفة أن آبي أحمد، بإعلانه الحرب على إقليم تيجراي الحاضن للجماعة الإثنية التي حكمت إثيوبيا لمايقرب من 3 عقود قبل وصوله إلى السلطة، قد خلق عداوة مع إقليم لديه لغته وثقافته وتاريخه المستقلين، مانحًا دفعة مجانية لدعوات انفصالية كان يجدر به تفويت الفرصة عليها لا إعطائها قبلة الحياة.

وتابعت الصحيفة أن خطاب آبي أحمد الممجد للسلام والتنوع كان له وقع حسن على الآذان الغربية، وبالنسبة للإثيوبيين كان مسوغًا كافيًا لرفع آبي أحمد إلى قمة السلطة، على أنه سرعان ما كشف عن نوع السلطة التي ينوي ممارستها والتي يجدر بلجنة نوبل للسلام إعادة النظر فيها.

وختمت الصحيفة بالقول إن آبي أحمد بات يتصرف كما لو كان يحتكر الحقيقة المطلقة، وأيا كانت ما ستسفر عنه الحرب على إقليم تيجراي فالنتيجة المؤكدة هي أن سمعة صانع السلام قد تحطمت إلى الأبد، وبالنسبة للجنة جائزة نوبل فعليها أن تعي الدرس جيدًا هذه المرة: الانتظار أفضل.

وبحسب صحيفة "بوليتيكو" الأوروبية، فمنذ وصوله إلى السلطة في 2018 ، شرع آبي أحمد في حملة إصلاح طموحة تهدف إلى تنفيذ سياسات لفتح الاقتصاد وثقافة الحكم، وتم الإفراج عن آلاف السجناء السياسيين بمجرد السماح للأحزاب المحظورة بالتسجيل، وصدرت تشريعات لتحرير قطاع الاتصالات وتعزيز الاستثمارات الرقمية.

لكن خلال العام المنقضي منذ حصول آبي أحمد على جائزة نوبل، لقي مئات الإثيوبيين حتفهم إما على أيدي قوات الأمن أو في أعمال عنف اندلعت بين الجماعات الإثنية المتنوعة في إثيوبيا، وألقي القبض على الآلاف من المتظاهرين المناهضين للحكومة ونشطاء المعارضة والسياسيين.

ونقلت الصحيفة عن أستاذ دراسات السلام والصراع بجامعة بيوركنيس النرويجية كيتيل ترونفول قوله "من النادر جدًا أن يتم التشكيك بإرث أحد الحاصلين على جائزة نوبل بعد وقت قصير من فوزه بها، وبالأحرى في غضون عام واحد من فوزه بها. يبدو واضحا أن الانتقال السياسي قد توقف ، والحكومة تعود إلى الممارسات الاستبدادية".

وقال الأستاذ بكلية الحقوق بجامعة ولايتا سودو الإثيوبية "على الصعيد المحلي، كان العام الماضي مليئًا بالعنف وعدم الاستقرار وقمع المعارضين السياسيين. إذا درسنا الأحداث الأخيرة وحدها، فإن سجن شخصيات سياسية بارزة دون توجيه اتهامات وجيهة حتى الآن يلقي بظلال من الشك على وعد آبي أحمد بضمان الإصلاحات السياسية".

ورأت الصحيفة أن حملة القمع الأخيرة كانت نتيجة مباشرة لتحركات آبي أحمد المبكرة وغير المدروسة نحو الانفتاح السياسي والاقتصادي، وأدى رفع الحظر عن المعارضة الإثيوبية والجماعات المتمردة إلى إذكاء الانقسام السياسي والمنافسة المقموعة منذ فترة طويلة بين الجماعات العرقية، ما أدى إلى تصاعد نغمات المطالبة بالانفصال أو على الأقل الحكم الذاتي لأقاليم إثيوبيا المختلفة وجماعاتها العرقية المتباينة، كما واجهت الإصلاحات معارضة متزايدة من الجماعات المناهضة للحكومة بل وداخل الحزب الحاكم نفسه.

ومما زاد الطين بلة، الانتخابات المحلية التي أجريت مؤخرًا في إقليم تيجراي شمالي إثيوبيا، الذي ظل تحت حكم جبهة تحرير شعب تيجراي لما يقرب من ثلاثة عقود حتى عام 2018، بالمخالفة لقرار الحكومة الفيدرالية تأجيل الانتخابات في عموم البلاد بحجة مكافحة فيروس كورونا، والتي اعتبرها مراقبون ومعارضون كثر مجرد ذريعة لتمديد بقاء آبي أحمد في السلطة.

وبحسب مجلة "ذي ناشونال إنترست" الأمريكية، فقد خفتت الحماسة التي قوبلت بها وعود آبي أحمد الإصلاحية الكبرى، بدءًا من الإفراج عن المعتقلين السياسيين وحتى فتح المجال للإعلام الحر، أما الوعود نفسها فقد باتت ذكريات بعيدة لا أكثر.

وأضافت المجلة أن إدارة آبي أحمد فشلت في معالجة أسباب المشاحنات السياسية بين الأطياف المكونة للحكومة الاتحادية، فضلًا عن نزع فتيل الصراعات الإثنية، وهذان العاملان بالذات يضعان إثيوبيا على طريق الخراب، إذ فشلت الحكومة في حصد قبول قطاع معتبر من المجتمع والقبائل الإثيوبية لاعتبارها السلطة العليا في البلاد، ما فتح المجال لفاعلين قبليين لحمل السلاح في مواجهة الدولة.