الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تاريخ طويل من العلاقات الاقتصادية.. حكاية أول قرض لمصر من صندوق النقد الدولى

صندوق النقد الدولى
صندوق النقد الدولى

العلاقات بين مصر وصندوق النقد الدولي ليست وليدة اليوم أو السنوات الأخيرة، بل تعود إلى سنوات بعيدة، خصوصا أن مصر تتمتع بعضوية الصندوق منذ عام 1945، وكان أول اختبار حقيقي لتلك العلاقة في الخمسينيات مع بدء محاولات الحصول على أول قرض للمساعدة في تمويل بناء السد العالي إلا أن تلك المحاولة باءت بالفشل، وحاولت مصر بعدها الاقتراض أكثر من مرة من صندوق النقد الدولى، لكن الاعتبارات السياسية والاجتماعية كانت دائمًا تحول دون تنفيذ أي خطة تحمل مساعي حقيقية من أجل إتمام القرض.


وفي مايو 1962، وّقعت مصر أول اتفاق مع الصندوق للتثبيت للحصول على أول قرض، لكن المفاوضات تم تجميدها فترة من الزمان، إلى أن عادت الحكومة المصرية لاستئنافها في النصف الثاني من السبعينات، ، وقامت الحكومة المصرية بتوقيع برنامج للتثبيت الاقتصادي مع صندوق النقد خلال الفترة 1977-1981، من أجل تجاوز تلك المشاكل الخاصة بالعجز في ميزان المدفوعات.




واختبأ خلف قرار القرض ظروف وملابسات عديدة عايشها الاقتصاد المصري بعد حرب أكتوبر 1973، فخلال الفترة بين 1973 و1977 عُقد برنامج التثبيت الاقتصادي، وخلال ذلك العام، كان تمويل الجزء الأكبر من الواردات المختلفة يتم عن طريق التسهيلات المصرفية التي بلغت حوالي 1.21 مليار دولار، تلك التسهيلات مثّلت قفزة كبيرة في الاعتماد على هذا النوع من الديون، كما بلغت نسبة عجز الميزان التجاري إلى الناتج المحلي الإجمالي 10.2%، وارتفع معدل الدين إلى 39.8%، وهو أعلى معدل سجلته الإحصائيات الدولية بين مجموعة الدول المتخلفة في هذا العام، وذلك لتزايد الاعتماد المصري على القروض الخارجية قصيرة الأجل وحلول آجال السداد لمعظم القروض المتوسطة والطويلة.


وبعد خفوت نيران الحرب، برزت مجموعة من المشاكل كان لها الدور الأكبر في إعادة صياغة وتشكيل السياسة الاقتصادية المصرية، جاء في مقدمتها زيادة حاجة مصر إلى استيراد المواد الغذائية وخاصة القمح، واضطرارها لاستيراد تلك المواد بالدفع نقدًا أو عن طريق التسهيلات المصرفية، وتزامن ذلك مع زيادة أسعار هذه المواد بشكل حاد في السوق العالمي عقب غلاء أسعار البترول.


إضافة إلى ما واجهته مصر بعد الحرب، من تدهور سريع في أرقام المخزون السلعي من المواد الخام الوسيطة والسلع الاستراتيجية والمواد الغذائية، في الوقت الذي كانت تستعد فيه القيادة السياسية لافتتاح قناة السويس وتطهيرها. الأمر الذي وضعها في ورطة اقتصادية كبيرة،علاوة على ذلك، فقد عانت المرافق العامة من التدهور الشديد نظرًا لتعرضها للاستهلاك والتدمير أثناء الحرب، فضلًا عن عدم تعرضها لأعمال الصيانة والإحلال والتجديد لمدة زمنية طويلة.


وما ضاعف من صعوبة تلك المشاكل، ضآلة حجم الاحتياطات الدولية التي امتكلتها مصر آنذاك، وتعرض جهود التنمية لعثرات شديدة، تمثلت في تدهور معدلات الادخار والاستثمار، وتدهور معدلات التبادل الدولي في غير صالح مصر.


وفي عام 1974، تعرض عجز الميزان التجاري في مصر إلى قفزة هائلة من 98 مليون جنيه في عام 1973 إلى 530 مليون جنيه. أي بزيادة نحو خمسة أضعاف ونصف. كما ارتفعت نسبة العجز من 2.6% في عام 1973 إلى 12.6% في عام 1974 نتيجة للزيادة المفاجئة في الواردات والتي مولتها القروض الخارجية قصيرة الأجل (التسهيلات المصرفية). ومن ثَمَّ تراجعت نسبة الاحتياطات الدولية للواردات من 11.2% في عام 1973 إلى 4.4% في عام 1974. علاوة على تدهور تغطية الصادرات للواردات إلى 64.5% وارتفاع نسبة عجز الموازنة من 14% في 1973 إلى 18% في 1974.


وفي ضوء تلك المؤشرات، أعلنت السلطة السياسية تبنيها سياسة الانفتاح الاقتصادي، الذي بدوره يوفر الضمانات والحوافز ومنح الامتيازات وتهيئة المناخ الجاذب للاستثمارات. فأظهرت السياسة الاقتصادية للدولة ميلًا للقروض الخارجية الرسمية، وتفضيلًا لشكل الاستثمارات الأجنبية الخاصة، الذي يتيح الفرصة لرأس المال الأجنبي والعربي للإسهام في دعم الاقتصاد المصري.


وفي عام 1975، ارتفع حجم المساعدات التي قدمتها الدول العربية لمصر، ووصلت إلى أعلى مستوى لها فبلغت 2.774 مليار دولار.


وغطت تلك المساعدات 106% من عجز الميزان التجاري و80% من إجمالي العجز الخارجي. لكن الحال لم يدم طويلًا، فشهد عام 1976 انخفاضًا في معدل المساعدات العربية إلى 1.72 مليار أي بما يعادل 58% من عجز الميزان التجاري و42% من إجمالي العجز الخارجي.



لم تكن القروض المتوسطة وطويلة الأجل التي حصلت عليها مصر من الدول العربية والمؤسسات الدولية كافية لمواجهة كل هذا العجز الخارجي، الأمر الذي ألجأها للاعتماد المفرط على موارد التمويل الخارجي قصير الأجل ذي سعر الفائدة المرتفع والذي وصل إلى 20%.


وضعت السياسة الاقتصادية للنظام مصر في مفترق طرق، ففي عام 1976، لم يكن لدى مصر كميات كافية من السيولة النقدية لتسديد أعباء ديونها الخارجية، مما دفعها للسعي الحثيث من أجل الحصول على مزيد من القروض الخارجية في شكل سيولة نقدية، كي تخصص جزءًا منه لدفع أعباء الديون مستحقة السداد، نظرًا لأن معظم القروض المتوسطة وطويلة الأجل هي قروض مقيدة أي مرتبطة بتنفيذ مشروعات معينة.


وبدأت المرحلة الحاسمة والفعلية في علاقة مصر بصندوق النقد الدولي في منتصف السبعينيات، ففي عام 1974 بدأ دور صندوق النقد في تكييف الاقتصاد المصري في حقبة الانفتاح، وقد تزامن ذلك مع بدء تدشين سياسة الانفتاح بموجب قانون رقم 43 لعام 1974، كانت تلك البداية التي من خلالها تدخل الصندوق في الاقتصاد المصري، وأقحم من خلالها مسلك الاقتراض في عقل القيادة الحاكمة آنذاك.


ومن أبزر تعاملات مصر مع صندوق النقد الدولى على مر التاريخ كانت:

- ديسمبر 1945: انضمام مصر لعضوية صندوق النقد.

- في عامي 1977ــ 1978: مصر تقترض من الخارج لأول مرة في تاريخها في عهد أنور السادات.

- اقتراض 186 مليون دولار لحل مشكلة المدفوعات الخارجية وزيادة التضخم.

- في عامي 1991- 1993: مصر تقترض للمرة الثانية في عهد حسني مبارك.

- اقتراض 375 مليون دولار لسد عجز الميزان التجاري.

- في عامي 1996 ــ 1998: مصر تطالب بقرض بـ 434.4 مليون دولار تم إلغاؤه.

- إلغاء 50% من الديون المستحقة لمصر لدى دول نادي باريس.


منذ ثورة 25 يناير:
- مصر تطلب الحصول على قرض في عهد المجلس العسكري.

- مصر تطلب مرتين الحصول على قرض في عهد محمد مرسي.

- مصر تطلب زيادة القرض من 3.2 إلى 4.7 مليار دولار.

- عدول مرسي عن تنفيذ العديد من الإصلاحات أدى إلى تعليق المفاوضات.


اتفاق عام 2016:

- برنامج إصلاح اقتصادي مدته 3 سنوات.

- الحصول على قرض بـ 12 مليار دولار.