الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. سلامة عمر يكتب: القيم الخُلقية وبناء الشخصية الإنسانية

صدى البلد

أهمية القيم الخُلقية ودور الأسرة في غرسها لدى النشء:
القيم جوهر الثقافة ومركز الهوية وهي الأساس في بناء الشخصية الإنسانية؛ لأنها إذا ما رسخت في النفوس فإنها تشكل التزامًا عميقًا يؤثر على الشخصية الإنسانية ويرسم لها خط التزام لا تحيد عنه، وفي حمايتها من الوقوع في الزلل والخطأ، حيث تشكل هذه القيم درعًا واقية لها، وتجعل الفرد كذلك يشعر بالطمأنينة والتوازن في الحياة الاجتماعية، كما تساعده على كسب ثقة الناس واحترامهم ومحبتهم، والقدرة على التأقلم مع الظروف برضا وقناعة، وتشكيل نمط عام للمجتمع وقانون يراقب تحركاته، والقيم من أعظم الفضائل التي يمكن أن يتحلى بها المجتمع، لأنه الإنسان قد يضحي برغباته وميوله سعيًا إلى تجسيد قيم الحق، والخير، والشرف، والكرامة، والشجاعة، وكل القيم التي تشكل جوهر الحياة الأخلاقية وغايتها، فإذا شاعت القيم الفاضلة في مجتمع كقيم الصدق والأمانة والعدل والإيثار صار المجتمع كالجسد الواحد مصداقًا لقوله النبي ﷺ "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، وإذا شاعت السلوكيات السلبية كالكذب والخيانة والظلم والطمع فسد المجتمع وضاعت الحقوق وانقلبت الموازين، ويظهر أثر القيم الأخلاقية في سعادة حياة الناس في الدنيا ورضا الله في الآخرة. 
والأسرة هي أهم المؤسسات التربوية الاجتماعية لتنشئة الأفراد، فهي الخلية الأولى في المجتمع في تعهد النشء وتربيته، وتعليمه القيم الروحية والوجدانية والخُلقية والعادات والمبادئ والاتجاهات، فهي تتولى غرس القيم الخُلقية لدى أطفالها وذلك من خلال ما تقدمه لهم من النماذج الخُلقية والقدوة الحسنة والخبرات والمعلومات التي تسهم في تنمية القيم الخُلقية لديهم. 
تأثير غياب القيم على المجتمع:
إن القيم الجوهرية مؤسسة في الإسلام، لكنّ كثيرًا من هذه القيم عُطِّلت وبقيت إرثًا يفاخر به الكثيرون دون أن يعملوا به في واقعهم، وحلت مكانها الأنانية وحب الذات والبحث عن المصالح الشخصية والتراجع عن مساعدة من يحتاج للمساعدة، وهذا مكمن الخطر على الشخصية العربية التي تتعرض للتشويه والمسخ نتيجة غياب القيم الأخلاقية الإسلامية، ويمكن القول بأن العديد من الأزمات التي يعاني منها المجتمعات العالمية هي وليدة الأزمة الخُلقية والقيمية، فليست تلك الأزمات سوى أعراض للمرض الرئيس وهو الأزمة الخُلقية والقيمية.
وقفة لترسيخ القيم الخُلقية عند النشء:
لابد لنا من وقفة لترسيخ القيم الأخلاقية عند النشء والتحذير من السلوكيات السلبية، وعدم التساهل في أي خروج على المنظومة القيمية والأخلاقية للمجتمع وإعمال القانون بكل حسم وقوة في هذا الشأن، فغرس القيم والمثل العليا في نفوس المسلمين لا يقل أهمية عن التحصيل المعرفي؛ لأنها تمثل إحدى الدعامات الأساسية التي تلعب دورًا كبيرًا في تكوين شخصية الأفراد وتماسك المجتمع وتوحيده، ومن هذا المنبر الإعلامي ننادي بوقف كل الأعمال الفنية التي تدعوا إلى الانهيار والسفه، الذي تجاوز كل الخطوط من السباب والشتائم والسخرية والعنصرية الفجة والبلطجة وغيرها من السلوكيات، ويجب أن تنهض المدارس والجامعات بدورها التنويري في صيانة التربية الخُلقية وإعادة بناء القدوة  في المجتمع من الباحثين والعلماء في البحث العلمي والتميز الأخلاقي، ورفض الفكر المتشدد والتطرف، واستعادة سمات الشخصية المصرية الأصيلة  التي تتحلى بالقيم الخُلقية الفاضلة.
كيف نحقق رقي وريادة أمتنا؟ 
يجب علينا مقاطعة النماذج المشوهة التي اشتهرت من خلال نشر القبح والتبجح في المجتمع، فلقد اتضح جليًا أن المجتمعات لن تحقق رقيها وعلوها إلا بتمسكها بتعاليم دينها عبادة ومعاملة وسلوكًا، وأن شمسها الساطعة غربت حينما ابتعدت عن دينها الوسطي المعتدل، وأنها لن تعود لمجدها ورقيها وريادتها وسيادتها إلا بالرجوع إلى تعاليم الإسلام الوسطي إذ به ستشرق شمس أمتنا من جديد.