الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الإنشاد الديني .. تراث يتجدد ومقامات فريدة تمس القلوب

الانشاد الديني
الانشاد الديني

رغم تنوع فنون الغناء وانتشارها الكبير في مختلف المجتمعات، إلا أن فن الإنشاد الديني لا زال حاضرا بقوة على الساحة الفنية، في ظل الاهتمام الجماهيري الواسع بعروض هذا الفن الراقي، والتي كان آخرها الحفلة التي قدمها المنشد ياسين التهامي على مسرح المحكى ضمن فعاليات الدورة 30 لمهرجان قلعة صلاح الدين الدولي للموسيقى والغناء الذي يختتم فعالياته اليوم الأربعاء.

 


فبكلماتها الهادفة التي تمس قلوب سامعيها ومقاماتها الفريدة بين فنون الطرب، استحوذت عروض الإنشاد الديني على رصيد هائل لدى محبي هذا النوع من الفنون في العالمين العربي والإسلامي، لما تحتويه على رسائل قائمة على مدح آيات الله وصفاته العلا، وسيرة الرسول الكريم وأخلاقه السامية، فضلا عن تقديم دروس معبرة حول تعاليم وقيم الإسلام السمحة.


في هذا السياق، تقول الكاتبة والباحثة مروة البشير، مؤلفة كتاب "فن الإنشاد الديني"، لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إن عصر ظهور الإسلام كان له نصيبه من هذا الفن عن طريق قصائد المديح النبوي، التي تعد عماد الإنشاد الديني الإسلامي، منوهة في هذا الصدد بشاعر الرسول حسان بن ثابت، رضي الله عنه، وشاعرين آخرين من الصحابة هما: كعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهما.


وأضافت أن من أشهر الشعراء الذين تغنى الكثيرون بشعرهم كعب بن زهير وقصيدته البردة، التي لاقت انتشارا واسعا، وتمت ترجمتها إلى لغات عديدة لما شملته من معان ومدح للرسول الكريم، والتي سرعان ما مهدت الطريق أيضا لظهور ألوان متعددة للإنشاد الديني، الذي ظل حاضرا في المناسبات والاحتفالات الدينية في البلدان العربية والإسلامية.


فعلى مدار 14 قرنا، اكتسب فن الإنشاد الديني أنماطا متنوعة وتطورا كبيرا في عدد من الدول العربية، وفقا لما قاله الدكتور محمد أمين عبد الصمد الباحث في الانثروبولوجيا الثقافية، لوكالة أنباء الشرق الأوسط ، مشيرا إلى أن انتشار هذا الفن جعل لكل بلد طبيعة خاصة ومقامات فريدة في فن الإنشاد الديني، لا سيما في مصر، ومنطقة الشام، وبلاد المغرب العربي، والعراق.


وأضاف أن التطور التكنولوجي في القرنين الحالي والسابق كان له نتائج إيجابية أيضا على هذا الفن وساعد على تجويده وانتشاره، بدءا من استخدام مكبرات الصوت وتحسين صوت المنشد، مرورا بالاحتفاظ بالتسجيلات على الأسطوانات وشرائط الكاسيت، ووصولا لإذاعتها على القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي، فضلا عن إتاحة فرص لتعلم هذا الفن وإتقانه من خلال الوسائل الحديثة.


وفي ظل هذا التطور التكنولوجي، استطاع عدد من المنشدين الدينيين في العصر الحديث، حفر أسمائهم لدى الجمهور العاشق لهذا الفن، وفي صدارتهم المنشد وقارئ القرآن نصر الدين طوبار، وأستاذ المداحين الشيخ سيد النقشبندى، ومداح النبي محمد الكحلاوى، والشيخ طه الفشنى، ومنشد البردة عبد العظيم العطوانى، والمنشد فؤاد الخنطوماني، والمنشد صبري مدلل.


وقبل ظهور التقنيات الحديثة، شهد الإنشاد الديني تطورا أيضا في محتوى كلماته وطريقة عرضه، من بينها الحوارات الغنائية بين المنشد وفرقته التي تقف خلفه، فضلا عن التنقل بين المقامات والألحان، كما كان الإنشاد الديني يتم في بداياته دون آلات موسيقية، قبل أن يعتمد لاحقا على الفرق الموسيقية المصاحبة للمنشد، والتي كانت تسمى بالتخت أو بالخماسي الموسيقي بالاعتماد على العود والقانون والناي والكمان والإيقاع، مرورا بظهور فرق الموسيقى العربية التي تناولت التراث الموسيقي والغنائي بأشكال وقوالب جديدة، إلى جانب ظهور الدعاء الديني بالفصحى والعامية، والغناء الديني الشعبي الذي يمدح الرسول الكريم ويروي سيرته وسيرة أصحابه والشخصيات البارزة في التاريخ الإسلامي.


ومع هذا التطور، ظهرت مبادرات للحفاظ على تراث الأناشيد الدينية، كان من بينها تأسيس فرقة الإنشاد الديني بدار الأوبرا المصرية في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ثم أصدر الزعيم الراحل محمد أنور السادات قرارا جمهوريا بإنشاء هذه الفرقة عام 1971، وفقا لما ذكره المبتهل والمنشد حسام صقر لوكالة أنباء الشرق الأوسط.


يقول صقر إن هذه الفرقة حافظت ولا زالت على التراث المهم من الأناشيد الدينية، والذي يذخر بمختلف القوالب اللحنية والدروب والأوزان والنغم المفعم بروحانيات القرب من الله تعالى وحب رسوله الكريم، مشيرا إلى أن الهدف الرئيسي لهذه الفرقة هو صون التراث والفلكلور الشعبي للأناشيد الدينية لإعادتها للساحة من جديد، وهو ما جعلها حاضرة بقوة على مسارح دار الأوبرا ووزارة الثقافة المصرية، ومن بينها مسرح المحكى في مهرجان قلعة صلاح الدين للموسيقى والغناء.