الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

البلاسْتيِك وَمَا أَدْرَاكَ مَا البلاسْتيِك!

نهى زكريا
نهى زكريا

البلاستيك شريك حياة الإنسان على الأرض ، فلا يوجد شيء إلا وكان للبلاستيك نسبة فيه فالملابس التى ترديها بها نسبة من البلاستيك او ما يُسمى ( بوليستر) و معظم الأجهزة و كل تقع عينيك عليه من حولك به نسبة من البلاستيك. 

ستجد البلاستيك فى أعماق البحار و المحيطات، و تقول التقارير إن هناك ما يُقدْر بتفريغ شاحنة من النفايات البلاستيكية فى المحيطات كل دقيقة لتبتلعها الأسماك و تكون سببًا فى نفوقها أو اصطياد الإنسان للأسماك آكلة هذه المواد البلاستيكية لتسكن فى أجساد البشر.

وكل ذلك لا يبدو شيئًا مع اكتشاف العلماء لجزيئات من البلاستيك فى لبن الأم !! وهى الكارثة التى تجْعلنا نتساءل ما هى حكاية هذا العفريت محاولةً منا فى صَرْفه.

فى عام 1869 عرضت إحدى الشركات في مدينة نيويورك تقديم مبلغ بقيمة عشرة آلاف دولار لأي شخص يجد بديلا للعاج (أنياب الفيل) لصناعة كرات لعبة البلياردو فقد كان صُنعها يتطلب كمية كبيرة من عاج الفيلة التي أصبحت مُهددة بالانقراض،  و توصل أحدهم لأول تركيبة للبلاستيك في عام 1872، و الطريف هو أنه رفض تقديم اختراعه للشركة، بل أسس مصنع كرات البلياردو الذي أصبح ينافس تلك الشركة قبل أن يتفوق عليها، أحدث هذا الاكتشاف ثورة بمعنى الكلمة فقد حَلْت هذه المادة الجديدة مكان الأنياب و المعادن و الخشب، كما استفادت البيئة أيضا بعد ان توقف الصيد العشوائي للفيلة و السلاحف.

وفي عام 1907 توصل العلماء إلى مادة (البكلايت )وهي بلاستيك صناعي بالكامل كانت متينة و أصبحت الأكثر انتشارا في السوق وسميت بمادة "الألف استخدام"  أما أقرب نسخة للتي نستخدمها حاليا فقد صُنعت عام 1952.

وأعْتَقدَ صانع هذه النسخة أنها أُخترعت لإنقاذ البشرية وهى ليست حقيقة لإن أضرار البلاستيك أعلى بكثير من فوائده و اشد ضرراً لماذا؟

يتم إنتاج 380 طنا من البلاستيك سنويا، وفقا لإحصاء أجرتها منظمة بلاستيك أوشن. 

حتى الآن تم إنتاج 9 مليار طن من البلاستيك، وهو رَقم يُشابه تقريبا وزن كل البشر الذين مشوا على الأرض حتى الآن لم يتم تدوير اكثر من 10٪ منه.

يستغرق البلاستيك آلاف الأعوام ليتحلل، معنى ذلك أن كل قطعة بلاستيك لا تزل موجودة على سطح الأرض منذ اختراعه ..

وهذا سبب فى انتشار الجزيئات البلاستيكية فى الهواء الذي نتنفسه، حيث يمثل البلاستيك 20 إلى 40 في المئة من العوالق الهوائية في المنازل ويأتي من الأثاث، والمفارش، والملابس، التي يدخل البلاستيك في صناعة أغلبها.

وعن الغذاء الذي نتناوله فَحدث بلا حرج فهو أيضا مليئًا بالبلاستيك الذي يأتي مما تبقى من التغليف أو البلاستيك الذي ابتلعتها الدواجن والمواشي والأسماك وأكله الإنسان.

وأثبتت الدراسات أن جزيئات البلاستيك تتسبب في موت الخلايا البشرية ومن أحد أسباب الإصابة بمرض السرطان.. 

والسؤال هل يمكن الاستغناء عن البلاستيك الذى تُقدر حجم استثماراته دوليا بمليارات الدولارات و الذى أصبح جزء من حياتنا والأكثر أهمية هل هناك بديل للبلاستيك ؟ 

نعم يمكننا العيش بدون هذا النوع من البلاستيك حيث أن أضراره أكثر من فوائده ، و خاصةً أن البلاستيك من الخامات الحديثة الظهور و أنتشاره بهذا الشكل لم يتعد السبعون عام أيضا هناك البديل و هو البلاستيك (الحيوى) او ( العضوى). 

و البلاستيك الحيوي قابل للتحلل و هذا ما يجعله امن على البيئة ولا يسبب ظهور أي نفايات تُنذِر بالخطر بل إن تحلله بشكل تلقائي دون الحاجة إلى إعادة التدوير لا يُساعد في الحد من التلوث البيئي فقط  وإنما يعمل أيضًا على زيادة درجة خصوبة وجودة التربة ويُعد وسيلة جيدة للتسميد حيث يتم صناعته من مواد نباتية، مثل قصب السكر والذرة والقمح أو البطاطا، وكذا من الزيت النباتي. هذه المواد الأولية تستعمل مثلا في صناعة أغلفة الهاتف الخلوي، والأحذية وحفاظات الأطفال، وأكياس التسوق.

والبلاستيك العضوى ليس بجديد حيث تم استخدامه فى خيوط الجراحات لإنه يتحلل فى وقت قصير وأيضًا بعض المطاعم العالمية تستخدم هذا النوع من البلاستيك فى صناعه أدوات المائدة.

وما يُعيب هذا النوع من البلاستيك هو انه مرتفع الثمن، ولكن اذا ما قامت كل دولة بحساب الفرق بين الآثار السلبية و الإيجابية بين النوعين ستجد أن البلاستيك الحيوي هو الأوفر حيث إنه سيوفر الكثير من المليارات التى تدفعها لوزارة الصحة بسبب سلبيات البلاستيك وانتشار الأمراض.

بإلاضافة للحافظ على البيئة و توفير أماكن دفنه حيث أن من بين 9 مليارات طن من بلاستيك الوقود العادي او ( الأحفوري) المنتج منذ الخمسينيات، تم إعادة تدوير 9% فقط، فيما تم دفن الباقي في مكبات النفايات أو حرقها و تلوثت الأراضي والممرات المائية بها. 

ويعني التركيب الكيميائي لبلاستيك الوقود الأحفوري أنه لا يمكن أبداً أن يتفكك تماماً، وبدلاً من ذلك يتحلل إلى جزيئات أصغر وأصغر وكلما صَغُرت زاد التلوث، نحتاج إلى مُراجعة أساسيات حياتنا من أجل جيلًا يتمتع بصحةً افضل.