الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نادية صبرة تكتب: نتنياهو يبحث عن الفوضى

نادية صبرة
نادية صبرة

الخلاف الداخلي الإسرائيلي المتفجر حاليا هو من تجليات الحرب على غزة التي كشفت على الملأ نقاط الخلاف وعدم التجانس داخل المجتمع الإسرائيلي المختلف فكريا وعرقيا وثقافيا فهو مجتمع الانزياح يمينا ايدلوجيا ويسارا سياسيا وارتباط ذلك بالمؤسسة العسكرية التي كانت تبدو الاكثر حرصا على وحدة المجتمع وتمثل القاسم المشترك وعدم توجيه أي انتقادات لها إلا أنه حتي الثقة بالجيش أيضا تبددت بوضوح خاصة بعد الإخفاقات في الحرب بأرض المعركة في غزة وما سبقها من إخفاق فى السابع من أكتوبر وما تعرضت له قوى الردع الإسرائيلي من ضربة قاسمة لذلك شاهدنا هجوم من وزير الأمن المتطرف (بن جفير) على قيادات أمنية بارزة واتهامها بالتقاعس فى أداء المهام وتصريح وزير المالية (سموتريتش) الذي قال( نحتاج قيادة جديدة للجيش من القادة الميدانيين الذين أثبتوا أنفسهم خلال الحرب) إضافة إلى الجدل المشتعل حول قانون تجنييد المتدينين المتزمتين ( الحريديم).


وما كشف عنه من اختلاف فكري فيما يتعلق بالخدمة داخل الجيش ..وعلى عكس ما كان متوقعا من تماسك الجبهة الداخلية الإسرائيلية اثناء الحرب  إلا أن إطالة أمد الحرب ادي إلى سرعة بروز هذه التجليات بسرعة أكبر حتي داخل الحكومة الإسرائيلية ولعل استقالة ( جدعون ساعر) برغم عدم أهميتها بالنسبة لتماسك الحكومة إلا أن من المتوقع أن تكون لها امتدادات أخري خاصة مع وجود الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تمثل ( المركبات العضويةللحكومة) كما ستمثل هذه الخلافات الداخلية الايدلوجية حالة من الاشتباك الداخلي لن تكون حربا داخلية ولكنها تعزز فجوة الثقة بين الأطراف الداخلية وبالتالي أضعاف الجبهة الداخلية والمناعة الأمنية لإسرائيل ولذا هناك أطراف إسرائيلية تتخوف من تورط إسرائيل فى حرب إقليمية لن تقدر على مواجهتها وهي مفككة داخليا ..وحتي (يؤاف جالانت) خلال اجتماعه فى واشنطن مع الوزير( اوستن) كان الإحباط يملأ وجهه وهو يقول إن إسرائيل تواجه هجوم من سبع جبهات تقف وراءه إيران وأنه فى نفس لحظة اجتماعنا في واشنطن يجتمع اسماعيل هنية مع القادة فى طهران ..فى محاولة لكسب التعاطف الأمريكي والخروج بكل اهداف الزيارة التي جاء من أجلها واهمها الحفاظ على التفوق العسكري لإسرائيل ( وهو ما تحقق بالفعل) إلى جانب الحصول على ضوء أخضر امريكي للعملية البرية في رفح لذلك عقب عودته زادت وتيرة الهجوم الإسرائيلي على جنوب لبنان وتعهد جالانت بملاحقة حزب الله في بيروت وسوريا وأماكن أبعد اي أنه سيغير قواعد اللعبة مع حزب الله.


أن أمريكا أعطت إسرائيل فسحة من الوقت لتحقيق أهداف الحرب ولكنها طالت أكثر مما توقعت وبالرغم من توافق امريكا مع نتنياهو حول الأهداف الرئيسية للحرب كاستعادة الأسري والقضاء على حماس إلا أن التباين بين إدارة بايدن ونتنياهو هو فقط في طريقة تعاطي نتنياهو للحرب ولعل امتناع امريكا عن التصويت في مجلس الأمن لتمرير قرار وقف إطلاق النار فى رمضان سببه أن السياسة الأمريكية والأوروبية وصلت إلى قناعة بأن استراتيجية نتنياهو ليست في مصلحة امريكا وأوروبا وإسرائيل أيضا لذلك لابد من إرغام نتنياهو على تغيير المسار من خلال الضغط عليه بتمرير القرار ولذلك صوتت بريطانيا لصالح القرار ولم تتحفظ عليه حماية لإسرائيل من نفسها وحتي حلفاء امريكا اليابان وكوريا صوتوا لصالح القرار ورغم محاولات (جون كيربي) تبرير الموقف الأمريكي والتهوين من القرار ووصفه بأنه غير ملزم لإسرائيل لأنه لم يتضمن البند السابع إلا أن القرار ملزم من الناحية القانونية والسياسية والأخلاقية ويمثل الغطاء القانوني لمنع استمرار هذه الحرب الهمجية ومثل صفعة لنتنياهو الذي يعتقد أنه انتصر فى الحرب وامريكا تريد حرمانه من مواصلة الانتصار.


"الانتصار المطلق" دائما ما يهذي نتنياهو بهذه العبارة لذلك يذهب لمفاوضات الهدنة كارها تحت ضغط الشارع الإسرائيلي الذي أصبح يطالب يطالب حاليا برحيل نتنياهو وحكومته وتحت الضغط الأمريكي رغم أن حماس أبدت مرونة في وقف الحرب وطبيعة الأسري... فكرة الانتصار المطلق تم ربطها بعملية عسكرية في رفح  بغض النظر عن حجمها ربما لن يكون اجتياح وتكون ضربات محددة كما أقترح الجانب الأمريكي إلا أن التراجع عنها هزيمة شخصية لنتنياهو الذي يجيد استخدام كل التناقضات التي تحدث ويحاول دائما تقديم نفسه للداخل الإسرائيلي بأنه الوحيد القادر على مواجهة كل الضغوطات الدولية وإعادة الأسري وكلما وجهت له انتقادات دولية اعاد سردية الحرب ( احداث السابع من أكتوبر) وكأنها بداية الحرب حتي بعد أن يدخل رفح سوف يتذرع بأسباب أخري لاستمرار الحرب وللاسف كل ما تقوم به الولايات المتحدة هي جولات مكوكية لمسؤولين أمريكيين ومعارك كلامية دون ممارسة أي ضغوط حقيقية.


أن الضغط الإنساني على غزة الهدف منه إجبار حماس للموافقة على الهدنة بشروط نتنياهو لكي يقدم الصفقة للمجتمع الإسرائيلي كمرحلة أولى من مراحل الحرب وليس نهاية الحرب والدليل على ذلك تقييد الوفود الذاهبة للتفاوض ورفض منح صلاحيات لرئيس الموساد إلا بخطوط حمراء لا يمكن تجاوزها أثناء المفاوضات.
نتنياهو فى واقع الأمر يسعى إلى شراء الوقت وايهام الداخل الإسرائيلي وخاصة أهالي الأسري أنه جاد في المفاوضات خاصة وأنهم باتوا يتظاهرون يوميا أمام منزل نتنياهو فى القدس وأمام مقر إقامته الحكومية وهو مستمر في المماطلة في نفس المربع ويبحث عن كل ما يؤدي إلى إطالة أمد الحرب ..يبحث عن مزيد من التناقضات والعبثية باختصار ومن أجل مصالحه الشخصية نتنياهو يبحث عن الفوضى.