قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

حكومة فرنسا أمام منعطف خطير.. قلق من إسقاط الحكومة في ظل أزمة اقتصادية

أرشيفيه
أرشيفيه

بعد أقلّ من عام على تشكيل الحكومة، تدخل فرنسا في نفق من القلق يوم غد الاثنين مع تصويت الجمعية العمومية على الثقة بحكومة، يرأسها فرنسوا بايرو، التي تهدّدها خطة تقشفية، تشمل خفض الإنفاق العام بـ44 مليار يورو وزيادة الضرائب، لإخراج فرنسا من عجز مالي تجاوز 142 مليار يورو.

كما ارتفع الدين العام إلى مستويات قياسية بلغت ما يقارب حدود الـ114% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعادل نحو ثلاثة تريليونات و300 مليار يورو.

هذا الدين، وخدمة الدين، أنتجا تضخم وضعف في القدرة الشرائية في البلاد، فيما تتجه الحكومة، إزاء هذا الوضع المتردي، إلى فرض مزيد من الضرائب ومزيد من التقشف، ما يقلّص مكتسبات الطبقة الوسطى، التي انهارت فعلياً، كذلك مكتسبات الطبقة العاملة، وهذا ما سيضعف، بطبيعة الحال، قدرة الدولة على تحسين جودة التقديمات، لا سيما خدمات الصحة والتعليم.

وإذا كان ظاهر الأزمة مالياً اقتصادياً، يرى المراقبون أن المشكلة في فرنسا هي في التركيبة السياسية، فبعد حلّ الجمعية الوطنية في يونيو  2024، إثر فوز ساحق لأقصى اليمين في الانتخابات الأوروبية، جاءت نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة في فرنسا، التي جرت في السابع من يوليو/ تموز 2024، مخالفة لاستطلاعات الرأي. 

الخلاف السياسي انعكس، بشكل واضح، على العمل الحكومي، وقد أسقط حكومة ميشيل بارنييه، بعد ثلاثة أشهر فقط على تكليفه، أواخر عام 2024، ويُرجح أن تلاقي حكومة بايرو، غداً المصير نفسه.

التوتر السياسي والاقتصادي له أضرار كبيرة، حيث يمتلك المستثمرون الأجانب حوالي 56% من إجمالي الدين الحكومي الفرنسي، الأمر الذي يجعل الاقتصاد تحت رحمة معنويات المستثمرين التي تتأثر من الأجواء السياسة المحتدمة.

وهي نسبة أعلى بكثير من حوالي 28% في إيطاليا، و30% في الولايات المتحدة، و40% في إسبانيا، و45% في ألمانيا، وفقاً لبيانات من باركليز ووزارة الخزانة الأميركية.

ارتفاع نسبة الملكية الأجنبية قد يعني أنّ تسوية تكاليف الاقتراض الفرنسية قد تستغرق وقتاً أطول.

إلى ذلك، يشير الخبراء إلى أنّ النسبة التي يمتلكها المستثمرون الأجانب من الديون قد تكون أعلى بكثير، لأنّ شركات الاستثمار الفرنسية التي تملك أقلّ من 50% من الديون، حالياً، هي فقط شركات خدمات مالية، لكن الملكية الحقيقية لتلك الاستثمارات هي لأجانب.

الوضع في فرنسا سثير قلق الاتحاد الأوروبي، لكن رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، قالت الأسبوع الماضي، إنّ فرنسا ليست في وضع يستدعي تدخل صندوق النقد الدولي في الوقت الحالي، لكن أي خطر من سقوط حكومة في منطقة اليورو هو أمر مقلق.

وشدّدت لاغارد على أنّ الانضباط المالي لا يزال ضرورياً في فرنسا، مشيرة إلى أنها تراقب عن كثب وضع فروق أسعار السندات الفرنسية.

وتأتي الخطة الاقتصادية في سياق أوسع من محاولات الحكومة الفرنسية لتحقيق التوازن بين خفض العجز المالي وتحفيز النمو الاقتصادي، خصوصاً بعد الضغوط التي فرضتها زيادة الدين العام وتباطؤ النمو في بعض القطاعات.

وقد أكد خبراء اقتصاديون أن أي تأجيل للإصلاحات المالية قد يؤدي إلى تكاليف أكبر على المدى الطويل، بما في ذلك ارتفاع معدلات الفائدة على الدين الحكومي.

ومع استمرار الجدل، يراقب المستثمرون الأسواق المالية من كثب، إذ إن فشل الحكومة في تمرير ميزانيتها قد يؤدي إلى ضبابية اقتصادية، تؤثر على استقرار العملة الوطنية واستثمارات القطاع الخاص، ما يزيد الحاجة لإيجاد حلول مالية متوازنة تضمن استدامة الاقتصاد الفرنسي.

وسواء أُسقِطت الحكومة أم كسبت الثقة، يلوح عدم استقرار الدولة العريقة والأساسية في منطقة اليورو في الأفق، في ظل وجود حكومة بأغلبية هشة ووعود بإصلاحات تقشفية تقابل برفض حاد، فضلاً عن ضغوط شعبية تتوعّد بشلّ حركة البلاد في الأيام المقبلة.