شكل الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف قيادات سياسية لحركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، أمس الثلاثاء، نقطة تحول خطيرة في مسار الحرب المستمرة على غزة، بعدما اعتبر ضربة مباشرة لدور الوساطة القطرية، التي كانت تمثل أحد أبرز قنوات التفاوض بين الحركة وإسرائيل، وفق مقال رأي نشر في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية اليوم الأربعاء.
وجاء الهجوم، في وقت كانت قيادات حماس تستعد لمناقشة مقترح قدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف.
وكان المقترح يقضي، في يومه الأول، بإفراج حماس عن جميع الأسرى الإسرائيليين (20 أحياء و28 جثامين) مقابل انسحاب إسرائيلي كامل من غزة والإفراج عن نحو ألف أسير فلسطيني، على أن يتولى ترامب شخصيًا، في اليوم التالي، ملف الترتيبات السياسية وإعادة الإعمار.
وأوضحت واشنطن بوست، ان استهداف الاجتماع في الدوحة قوض هذا المسار وأثار صدمة في أوساط القيادة القطرية، التي سارعت للتواصل مع واشنطن.
وأشارت مصادر عربية إلى أن البيت الأبيض كان على علم مسبق بالهجوم، في ظل وجود قاعدة العديد الأمريكية في قطر، ما يجعل من الصعب تجاهل التحليق الإسرائيلي قبيل الضربة.
ورغم أن التقارير الأولية لم تؤكد مقتل القادة المستهدفين، بينهم خالد مشعل وخليل الحية، إلا أن مصادر ذكرت أن نجل الحية لقي مصرعه.
وبالنسبة للدوحة، اعتبر الهجوم خرقًا للتفاهمات غير المعلنة مع كل من واشنطن وتل أبيب، وهو ما سمح لقطر بلعب دور الوسيط في قضايا حساسة، أبرزها صفقات تبادل الأسرى مع الإدارة الأمريكية عامي 2023 و2025، إلى جانب وساطتها في نزاعات إقليمية أخرى شملت أرمينيا وأذربيجان، وأزمة الكونغو ورواندا، وحتى التهدئة بين إيران وإسرائيل.
ويرى مراقبون أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أظهر من خلال هذا التصعيد تصميمًا غير مسبوق على "تدمير حماس"، حتى لو أدى ذلك إلى تدمير المسارات الدبلوماسية المتاحة.
واعتبر البعض أن إسرائيل، بتعطيلها القناة القطرية وربما المصرية أيضًا، ضيقت على نفسها الخيارات، تاركةً الباب مفتوحًا أمام خيار واحد فقط: إعادة احتلال غزة عسكريًا، وهو السيناريو الذي طالما حذرت منه الدوائر الأمنية الإسرائيلية.
ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن هذا التطور، يجعل الحرب في غزة تدخل مرحلة أكثر خطورة، بعدما جرى تقويض أحد آخر المسارات الممكنة للتسوية، في وقت يتزايد فيه الضغط الدولي لإيجاد مخرج سياسي ينهي النزيف المستمر منذ أكتوبر 2023.