"الحرفيين" تعتبر الآن مهرب المصريين من جحيم ارتفاع أسعار قطع غيار السيارات خصوصا مع ارتفاع أسعار الدولار مقابل الجنيه المصري.
وبالنسبة لأغلبية مالكى السيارات، فإن "الحرفيين" تعتبر أحد البدائل القوية للهروب من غلاء الأسعار الحاد الذي يجده المستهلكون فى مراكز الصيانة المعتمدة، حيث توجد الحرفين بالقرب من منطقة جسر السويس بحى مصر الجديدة.
وعلى الرغم من تواجدها على طريق مصر إسماعلية الصحراوى، إلا أن هناك عددا كبيرا من الزبائن الباحثين عن السلعة ذات السعر المتدنى نسبياً.
لينتشر الاسم بصورة كبيرة، فهناك من يرشد صاحبه ليذهب إلى "الحرفيين" ويصف له فنى معين أو محل محدد، ليجد هناك هدفه الذى تطلبه سيارته، حتى أصبحت "الحرفيين" ظاهرة.
وذهبت عدسة "صدى البلد" إلى "الحرفيين" لتكتشف هذا العالم، حيث ينفتح أمامك عدة طرقات وشوارع جانبية بأسماء الماركات، فتسأل عن شارع "تويوتا"، أو شارع "مرسيدس"، أو شارع "بيجو" أو شارع "بي إم دبليو"، وعلى غرار ذلك باقى الماركات الشهيرة، وتبدأ رحلة البحث عن ماتحتاجه سيارتك، وتتنقل من تاجر إلى تاجر ومن محل إلى محل، حتى تجد القطعة المطلوبة بالسعر الذى يتناسب مع متطلباتك، وهنا تكون أمام خيارين أما أن تبحث عن مكان للتركيب أو يزودك التاجر بامكانية تركيب القطعة التى تقوم بشرائها، من خلال مركز الصيانة التى يوفرها بعض التجار.
واستمرت عدسة صدى البلد فى التجول بالحرفيين حتى كان لنا حوار مع أحد أصحاب مراكز البيع بالحرفين، ويدعى "جمال يوسف" وهو من أوائل الزاحفين إلى الحرفيين منذ 12 عاما، وبسؤاله عن تحول الحرفيين إلى ظاهرة فى الأعوام الأخيرة، أكد أن المستهلك يجد هنا القطعة الأصلية لسيارته، وبالتالى ليس هناك مجال للتشكيك فى جودة قطعة الغيار المطلوبة، وحتى قطع الغيار المستعملة نعطى عليها ضمانا لمدة شهر.
وأضاف أن هناك عاملين مدربين بإحترافية، يركبون القطع المطلوبة على أكمل وجه، وبالتالى وزادت مهارة العاملين بعد تدريبهم وإستخدامهم لأحدث الأجهزة، لنوفر للمستهلك قطعة ذات جودة عالية، وتركيبا احترافيا مما يجذب إلينا المستهلك باستمرار، وأشار إلى أن هناك العديد من فئات قطع الغيار مابين الجديدة والمستعملة والدرجات المختلفة من صينى وتايوانى حسب إمكانيات المستهلك الإقتصادية فهى الفاصل الأساسي فى عملية البيع من خلالنا.
وهنا طرحنا سؤال كيف يتم تقييم سعر قطعة الغيار، فكان الجواب أن السعر يعتمد على السعر الذى يحدده المستورد وبالتالى يلعب استقرارالعملة الصعبة المتمثلة فى "الدولار" دورا لتحديد سعر القطعة بمعنى أكثر وضوحا أن سعر السلعة يكون حسب اليوم.
وأضاف أن الحالة الإقتصادية هى المحرك الرئيسي لعملية البيع والشراء، فى الماضى كان العميل يقوم بتغيير أى مستلزمات لسيارته على الفور معتمدا على قطعة الغيار المستعملة والتى تتراوح حالتها مابين 60 % إلى 70%، لكن الآن أصبح يغيرها بعدما تتوقف تماماً عن العمل، والحالة الإقتصادية الحالية أصابتنا بالكساد وضعف عملية البيع تماماً.
وبسؤاله عن شريحة المستهلك هل تقتصر على الطبقات المتوسطة فقط، فأجاب أنه يأتى إليه مستهلكون يمتلكون سيارات موديل العام وفارهة جداً، أو سيارات بمواصفات خليجية على سبيل المثال، ولايجد قطع الغيار المناسبة يجدها هنا بالجودة التى ظل يبحث عنها كما وأنها مرسلة إليه من الشركة الأم المصنعة لسيارته.
وبأحد مراكز البيع وجدنا أحد الأشخاص يقوم بعمل صيانة لسيارته في العقد الثالث من عمره يدعى "حازم بركات" يعمل فى محال الإستثمار العقارى، وبسؤاله عما اذا كان من رواد الحرفيين حديثاً، أجاب أنه يقوم بعمل صيانات سيارته بانتظام منذ 10 سنوات فى الحرفيين، حيث تقتصر زيارته لمركز صيانة سيارته المعتمد أثناء الصيانات الأولية لكن بعد مرور فترة زمنية كبيرة عليها، تتحول وجهته للحرفين.
ويعود ذلك لإرتفاع أسعار قطع الغيار بالمراكز المعتمدة، وتكون السيارة بحاجة للعديد من المسلتزمات كلما تمر عليه فترات أطول، اما هنا "قاصداً الحرفيين" أجد عاملين محترفين تماماً، وقطع غيار أصلية أثق فيها تماماً حسب التاجر الذى أتعامل معه، كما أننى "أرى سيارتى أمام عينى، فعلى سبيل المثال عندما أقوم بتغيير زيت العربية أدفع كلفة باهظة تماماً، أما هنا أقوم بنفس المهمة بسعر أقل بكثير، ليؤكد أن سبب وجهته الأولى للحرفيين هو فارق السعر".
واستمرت عدسة صدى البلد فى التجول حتى وجدت ضالتها فى أحد المراكز الموجودة هناك، ومتابعة العمل مباشرةً على مجموعة من السيارات المختلفة يقوم العاملون بصيانتها وإصلاح ما بها لتكون بحالة "الزيرو"، لنجد مجموعة من السيارات المهشمة والمعطلة، والتى تقوم بتغيير دهانها، والتى تحتاج لتعديلات يرغبها صاحبها، فعندما تنظر للسيارة أثناء إصلاحها لاتستطيع تحديد موديلها أو فئتها حيث تتحول إلى مجموعة من الجزاء المفككة تماماً، وكل عامل مختص بجزء معين بالسيارة يقوم بصيانته كما وأنه جديد تماماً.
وأيضا كان لابد من معرفة سبب كثرة العمالة مابين حملة المؤهلات العليا وصولاً للغير متعلمين، فطرحنا السؤال على "محمد السودانى" وهو أحد العاملين هناك 18 عاماً، ليرد أن صعوبة المعيشة والبحث عن قوت يومه السبب، حيث نشأ منذ أن كان صغيراً وتعلم "الصنعة" على حد قوله، ليتردد على محلات عدة وأماكن صيانة ليكتسب مهارات جديده تمكنه من زيادة دخله "يوميته".
ويضيف أن الفارق بينى وبين العامل بمركز الصيانة المعتمد هو الإمكانيات، فهناك يتم تدريبه على أجهزة حديثة وتوفير تدريبات نظرية وعملية تؤهله للعمل، لكننا هنا نتعلم طواعية لكى نطور من أنفسنا حتى وصلنا للمستوى الحالى من الحرفية العالية، ويتهافت علينا أصحاب المحلات ويطلبنا "الزبائن" بالإسم.
ودعم كلام "السودانى" أكثر من عالم حيث ينظرون إلى العاملين بالمراكز المعتمدة على أنهم مرفهون، ولايواجهون مايواجهونه يوميا من صعوبات، ما بين اليومية ومشاكل بعض المحلات والمراكز بالحرفيين، التى تلجأ أحياناً لتسريح العاملين، سيعودون مجدداً لنقطة الصفر ويبحثون من جديد.
لتكون فى النهاية الإجابة الأقوى أن فارق الأسعار الكبير بين مراكز الصيانة المعتمدة والحرفيين هى السبب الرئيسيى، فى توافد مالكى السيارات لإصلاح سياراتهم وتبديل قطع الغيار المطلوبة فى وقت قياسي وبسعر مقبول، ومن ثم تنشاً علاقة ثقة بين المستهلك والتاجر ليتحول إلى "زبون" دائم.