"فقه التلون".. كتاب محمد طعيمة عن الذين يجيدون لعبة النفاق

هناك في الخفاء من يجيدون اللعب على إيقاعات متعددة بنفس القدر من المهارة في الأداء الذي يجعلك طوال الوقت تستسلم لتصديقهم ، ليس فقط لتصديقهم ، بل للسير وراء تصوراتهم المزيفة المشوهة ، ولكن الكشف عن الحقائق يبدو مهما ، وتعرية المتلونين وفضحهم أمر ضروري في مجتمع يئن من كثرة الزيف والخداعات ، يرصد محمد طعيمة جانبا من هذا التلون المقنن في كتاب بعنوان " فقه التلون " الصادر عن دار العين مؤخرا ، عندما يتحدث عن طروادات الإخوان وآل سعود ، وهو بالتحديد يتناول الإخوان والأيديولوجيات الإسلامية التي أجادت وبمهارة أن تمارس فقها خاصا للتلون ، فقها يعتمد على الإيهام والإقناع ، الظاهر لك في الفكر المؤسسي الديني الإخواني مثلا أنه متماسك لحد منهجي معين ، وإنما الباحث في أغوار هذا الفكر يكتشف فجأة أن هناك " إخوانات" كثيرة ، و" إسلامات " كثيرة ، تباينات هنا وهناك ، تبعا لأجواء المنفعة المرجوة والموقف السياسي الرائق والمصالح التي ينبغي الوصول إليها ، أنت إذا تقاد إلى فكر ظاهر بمظهر المتماسك ولكنه لا يتضمن في أحشائه إلا التفكك والتباين والاختلاف والرياء ، في بداية كتابه يرصد محمد طعيمة هذا الأمر رصدا جليا ومتكشفا حيث يقول عن "الإسلام هو الحل " ،:ــ" كلهم يتحدثون باسمه وعن وجوب تطبيقه ، ولم يلحظ معظمنا أن آراءهم عنه متناقضة ، نتحدث عن تنظيم يفترض أنه متماسك أيديولوجيا ، هو الإخوان ، هو في حقيقته "إخوانات " متباينة ، تباين لا يبدأ فقط ب" شكل " الحجاب ، الذي رغم رمزيته القصوى غاب عن رؤوس زوجات وأخوات وبنات " مرشدين " وقيادات تاريخية ، ولا ينتهي بالموقف من المحتل . ودائما ومع كل تلون بتدرجاته .. تستدعى الأسانيد الشرعية لتوظف . محمد طعيمة يرصد كل ألوان الخداع والتلون القصوى التي يمارسها الإخوان سياسيا ، يكشف تلوناتهم في كل البلدان وفي كل المعارك السياسية التي يكونوا طرفا فاعلا فيها ، إنها " التوظيفات "التي تشوه الدين ، إنه التلون الذي يصل إلى حد الانتهازية الصادمة ، يرصد مثلا هذا التلون العبثي عندما ترى أن في " الجندر" يوليه 2008 ، " امرأة " تترأس اللجنة التحضيرية لأول مؤتمرات حزبهم في موريتانيا .. لتظل واجهة الجماعة عدة شهور ، وينادونها " الرئيسة " وفي المغرب ثلاثة فصائل .. الجماعة الأقدم تقودها ابنة مراقبها العام ، وبمجلس شورتها ثمانية نساء . وفي تونس ، تعهد سيدهم راشد الغنوشي باحترام مجلة الأحوال الشخصية .. شديدة التقدمية ، وبالمساواة التامة بين الجنسين . أما مشرقيا ، فهم يحرمون في حماس استشهاد النساء دون " محرم " ولتقنين نظام المطاوعة ، وفي الكويت يطعنون قضائيا في الانتخابات لمجرد ترشح " سافرات " فيها ، وفي مصر يرفضون توليها القضاء والرئاسة ، .. عبر كتابه يرصد الكاتب خداعات هنا وهناك ، ومواقف لا تعد ولا تحصى تكشف لك كل الوجوه القبيحة للتلون ، البراعة في الانتهاز والقفز على المواقف بدون أدنى حدود لاحترام المبدأ والأصول والتوافق والتصالح الذاتي مع قوانين مبادئ وقناعات خاصة .