في ظل التوترات الجيوسياسية والتحولات والصراعات العالمية برزت مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي كقوة إقليمية صلبة تتبنى سياسة رشيدة تستند إلى إدراك عميق لطبيعة التحديات ورؤية استراتيجية لحماية الأمن القومي المصري، وترسيخ الاستقرار الداخلي، والقيام بدورها المحوري في الحفاظ على أمن الشرق الأوسط والدفاع عن القضية الفلسطينية.
ومنذ تولي الرئيس السيسي مقاليد الحكم كانت المهمة الأولى هي إنقاذ الدولة المصرية من شبح الانهيار بعد أن كادت تسقط في هاوية الفوضى فاستعاد هيبة مؤسسات الدولة، وأعاد ضبط بوصلة الأمن القومي، وبدأ في بناء جمهورية جديدة قوامها التنمية الاقتصادية المستدامة والاستقرار السياسي والسيادة الوطنية.
وبما أن مصر ليست دولة منعزلة عن محيطها فقد أدركت قيادتها أن حماية الداخل تبدأ من استقرار الإقليم، وأن ضعف أي دولة عربية يفتح الباب لتهديد الأمن القومي المصري، سواء عبر الإرهاب أو التدخلات الخارجية أو انهيار المؤسسات ، لذلك كانت التحركات المصرية في كل الاتجاهات نابعة من استراتيجية دولة لا من ردود أفعال آنية.
بالنسبة للقضية الفلسطينية مصر تنظر لها قضية هوية وكرامة وحقوق تاريخية وتعتبرها قضية ضمير وهوية لذلك ظلت القضية الفلسطينية في صدارة أولوياتها فمصر لم تكن طرفا مراقبًا بل فاعلًا رئيسيًا في كل جولة تصعيد أو تهدئة أو مصالحة وموقفها في رفض تهجير سكان غزة أو تصفية قضيتهم عبر فرض الوقائع بالقوة.
اتخذت مصر موقفًا ثابتًا وواضحًا، لا يمكن الحديث عن سلام حقيقي دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وقد تجسد هذا الموقف في جهود التهدئة بغزة وفتح معبر رفح وإرسال القوافل والمساعدات، واستضافة الحوارات بين الفصائل، والمشاركة الفاعلة في جهود إعادة إعمار القطاع.
لقد تمسكت القاهرة بحقوق الفلسطينيين في المحافل الدولية، وفي أروقة الأمم المتحدة، وفي الغرف المغلقة للمفاوضات ولم تقبل أن تستبدل القضية العادلة بمشاريع تهدئة مؤقتة أو بحلول اقتصادية زائفة، تدفع الفلسطينيين للقبول بالأمر الواقع.
بل إن مصر، وسط صمت دولي مطبق، كانت الصوت الصادق الوحيد في الدفاع عن الشعب الفلسطيني في وجه آلة العدوان، داعية إلى وقف الحرب، وإنهاء الحصار، واحترام الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
وأرى دعم مصر لا يتوقف للدفاع عن إستقرار الإقليم والشرق الأوسط فقد كانت مصر حاضرة كصمام أمان رافضة مخطط الشرق الأوسط الجديدة وداعمة لحلول سياسية تعيد للدولة مكانتها وتمنع التقسيم والانهيار والاعتداء علي اي دولة عربية، وكان واضح ذلك في ليبيا قد دعمت القاهرة الجيش الوطني الليبي ووقفت ضد تحويل ليبيا إلى مرتع للمرتزقة والإرهابيين.
موقف مصر كان واضحًا في السودان .. احتضنت الحوار الوطني ورفضت الانزلاق إلى سيناريو الحرب الشاملة .
وبالنسبة لسوريا والعراق ولبنان، دافعت مصر عن وحدة الأوطان، ورفضت التدخلات الأجنبية، وطرحت مبادرات تحفظ المؤسسات وتحاصر التطرف إيمانًا بأن انهيار الدول يفتح أبواب الجحيم للمنطقة بأكملها.
ومن خلال ذلك أرى إن القاهرة سعت لتثبيت مفهوم "الأمن الجماعي العربي"، وأكدت أن لا استقرار في المنطقة دون القضاء على الإرهاب، ووقف تمويل الميليشيات، واحترام سيادة الدول.
مصر لم تكن دولة تبحث عن أدوار مثل غيرها من الدول بل دولة تؤدي دورها التاريخي والطبيعي بما تمليه الجغرافيا والمكانة والتاريخ .
في كل ذلك نجد الرئيس عبدالفتاح السيسي يتحرك بمنطق دولة و يوازن بين المبادئ والمصالح ، يتجنب الانفعال ، ويعتمد سياسة النفس الطويل في مواجهة التحديات لا يدخل صراعات عبثية، ولا ينسحب من ميادين المسؤولية، فهو يرى أن الأمن القومي لا يتحقق فقط بالسلاح بل بالتنمية الاقتصادية المستدامة والتعليم والوعي والتطوير والتكنولوجيا والتحالفات المتزنة.
وفي شرق المتوسط تصرفت مصر بحكمة ومسؤولية فدخلت في شراكات ذكية، وأنشأت منتدى غاز شرق المتوسط، وأكدت على حقوقها السيادية في ثرواتها، دون صدام أو تصعيد، بل عبر أدوات القانون الدولي والدبلوماسية.
وبعد كل هذا نرى مصر بوصلتها واضحة ومسارها ثابت لا يمكن لأي مراقب إلا أن يعترف بأن مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي أعادت ترسيخ موقعها كقوة إقليمية مسؤولة تحمي مصالحها وتدافع عن قضايا أمتها، وتقف إلى جوار الشعب الفلسطيني، وتحرص على عدم تفكك المنطقة في زمن تعصف فيه الرياح من كل اتجاه.
لقد أصبحت القاهرة اليوم صوت العقل في عالم فقد توازنه، ودعامة استقرار في منطقة تعاني من التوترات والصراعات.
وفي ظل هذا المشهد المضطرب، تظل مصر حجر الزاوية في بناء أي نظام إقليمي عادل، وركيزة الأمن العربي، ودرع الدفاع عن القضايا الإنسانية المشروعة وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في دولة حرة مستقلة على أرضه دون قيد أو شرط .