
في مثل هذا اليوم الثاني من أغسطس قبل نحو 169 عاماً توفي مؤسس مصر الحديثة محمد علي باشا، في عام 1849، بعد فترة من حكم مصر كانت مليئة بتغييرات سياسية واقتصادية على المجتمع المصري لم يُشهد لها مثيل من قبل.
لكن طريقة وفاة
محمد علي صاحبتها أحداث ومشكلات بسبب مرضه، ففي عام 1848 نشرت الوقائع المصرية فى
عددها رقم 113 الصادر فى الخامس من جمادى الثانى أنه نظراً لمرض محمد على فقد تشكل
مجلس فوق العادة تحت رئاسة إبراهيم باشا لتسيير دفة أعمال الحكومة.
واجتمع الديوان فى 24 من شوال بحضور العلماء والمشايخ وأشراف البلد ومن لزم حضوره من الذوات بديوان الغورى حيث قرئ على رؤوس الأشهاد الفرمان القاضى بتعيين إبراهيم باشا والياً على مصر فى إبريل عام 1847 وصدر فرمان التقليد من الباب العالى بذلك.
إصابته بالخرف
بدأت قصة تدهور الحالة لمحمد علي باشا بعدما انسحب الجنود المصريين من بلاد الشام وفصل الأخيرة عن مصر وعودتها لربوع الدولة العثمانية بدعم دولى كبير، وبعدما تبين أن فرنسا ليست مستعدة لخوض حرب فى سبيل مصر أو وإليها، أصيب محمد على باشا بحالة من جنون الارتياب، وأصبح مشوش التفكير، ويعانى ضعف الذاكرة.
وما زاد من الطين بلة وأدى لتدهور صحتة
أكثر عندما أصيب ابنه إبراهيم باشا بمرض السل واشتد عليه داء المفاصل، وأخذ يبصق دمًا
عند السعال، فزاد ذلك من هموم محمد على وحزنه، فأرسل ولده إلى إيطاليا للعلاج، على
الرغم من أنه أدرك فى قرارة نفسه أن ولده فى عداد الأموات، ويتضح ذلك مما قاله للسلطان
عندما زار الآستانة فى سنة 1846، حيث قال نصاً للسلطان "ولدى عجوز عليل، وعباس
متراخ كسول، من عساه يحكم مصر الآن سوى الأولاد، وكيف لهؤلاء أن يحفظوها؟".
بعد ذلك عاد محمد على إلى مصر وبقى والي عليها حتى اشتدت عليه الشيخوخة، وبحلول عام 1848 كان قد أصيب بالخرف وأصبح توليه عرش الدولة أمرا مستحيلا، فعزله أبناؤه وتولى إبراهيم باشا إدارة الدولة.
زيادة ديون مصر
من بين تلك الأحداث التي تسببت في تدهور صحة محمد علي باشا عندما تبين لرئيس الديوان المالي شريف باشا سنة 1844 أن ديون الدولة المصرية قد بلغت 80 مليون فرنك، وأن المتأخرات الضريبية قد بلغت أكثر من 14 مليون قرش من الضريبة الإجمالية المقدرة بحوالي 75 مليون قرش وتخوّف الباشا من عرض الموضوع على محمد علي لما قد يكون له من وقع شديد عليه، فعرض المسألة على إبراهيم باشا الذي اقترح أن تقوم أحب شقيقاته إلى والده بنقل الخبر، إلا أن ذلك لم يكن له الأثر المرجو، فقد فاق غضب محمد علي ما توقعه الجميع، ولم يهدأ باله ويستكين خاطره إلا بعد مرور ستة أيام.
وفاة
ولده
في أواخر حياة محمد علي كان ابنه إبراهيم باشا قد حكم مصر مدة تقرب من ستة أشهر قبل أن يتمكن منه المرض وتوافيه المنية في 10 نوفمبر من عام 1848، فخلفه ابن أخيه طوسون، عباس حلمي، وبحلول هذا الوقت كان محمد علي باشا يُعاني من المرض أيضًا، وكان قد بلغ من الخرف حد لا يمكنه أن يستوعب خبر وفاة ابنه إبراهيم، فلم يبلغ بذلك، وعاش محمد علي بضعة شهور بعد وفاة ولده، وتوفي في قصر رأس التين بالإسكندرية بتاريخ 2 أغسطس سنة 1849.