الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ندوة اتفاق ستوكهولم: إيران تستخدم الحوثيين ورقة مساومة في ملفاتها العالقة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بحثت ندوة بعنوان "اتفاق ستوكهولم .. التحديات والآفاق" عقدت في "المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية"، التحديات التي تواجه اتفاق ستوكهولم بعد أكثر من شهر على دخوله حيز النفاذ، واستشراف مستقبله ودوره في إنهاء الأزمة اليمنية وإعادة الاستقرار إلى البلد الذي مزقته الحرب التي تقف على أعتاب عامها الخامس.

أدار الندوة الدكتور محمد مجاهد الزيات المستشار الأكاديمي بالمركز، وتحدث فيها أعضاء من وفد الحكومة الشرعية بمفاوضات استكهولم، هم: رنا غانم، الدكتور حمزة الكمالي، وبليغ المخلافي المستشار الإعلامي للوفد، وعدد من المفكرين السياسيين والأكاديميين المصريين واليمنيين.

ووصفت رنا غانم - فِي كلمتها - الحوثيين بأنهم "جماعة طائفية مذهبية"، قائلة إن أسوأ ما يمكن أن تواجهه هو جماعة مليشيات مسلحة، وبالتالي التعامل معهم يعد في منتهى الصعوبة، مشيرة إلى توقيع نحو 75 اتفاقية معهم، ولم يتم تنفيذ أي منها.

ولفتت غانم - التي تشغل أيضا منصب أمين عام مساعد الحزب الناصري اليمني - إلى أنه قبل مشاورات ستوكهولم كانت هناك محطة مهمة في الكويت، حيث وقعت الحكومة اليمنية خلال "مشاورات الكويت"، وهى تعلم أن الحوثيين لا يلتزمون، بل وقعت لتثبت ذلك، ثم تعثرت الأزمة اليمنية؛ مشيرة إلى طريقة تعامل الأمم المتحدة مع الملف اليمني وتركيزها على أن يتم التعامل تدريجيا ملفا ملف وليس كقضية سلام شامل، إلا أن ما حدث أن الأمم المتحدة أضافت بعض الشرعية للحوثيين.

وأعربت عن اعتقادها بأنه "ربما لو لم تضغط الأمم المتحدة على التحالف العربي والجيش الوطني اليمني لإيقاف الحرب لكان قد تحرر ميناء الحديدة"، لافتة إلى أن الحوثيين يقومون بتلغيم أية منطقة قبل انسحابهم منها، متوقعة بأن مشكلة الألغام ستمثل كارثة سيواجهها اليمن لعشرات السنين.

وقالت إن اتفاقية ستوكهولم نصت على تسليم الميناء إلى السلطة المحلية التي كانت موجودة في 2014، وأن تشرف الأمم المتحدة على الميناء، إلا أن الحوثيين غيروا الزِي ولبسوا زي خفر السواحل، وسلموا الميناء منهم وإليهم، مشددة على ضرورة أن يكون هناك آليات لتنفيذ أي اتفاق.

وأكدت أن إعادة الانتشار والانسحابات قد تعثرت أيضا، فضلا عن خروقات وقف إطلاق النار من جانب الحوثيين، معتبرة أن الاتفاقية قد فشلت بعد 30 يوما من اتفاق ستوكهولم، فضلا عن فشل الهدنة باليمن، وإجهاض الحوثيين للاتفاق وإخراجه من عناصره الأساسية.

وأضافت أن الحوثيين عرقلوا كذلك الاتفاق حول ملف الأسرى والمعتقلين، وأن هناك مفاوضات جديدة تعقد في عمان لملف الأسرى والمعتقلين، مشيرة إلى أن ملف محافظة تعز قد فتح كذلك في مشاورات ستوكهولم التي تعاني منذ أربع سنوات من ويلات الحرب، وأن تعز من أكثر المحافظات معاناة، حيث تم قصف المدينة عشوائيا، فضلا عن الحصار الذي يفرضه الحوثيون عليها وعلى مداخلها، ونشرهم القناصة لقتل كل من يمر.

واعتبرت أن ما يجري حاليا هو تبريد للأزمة اليمنية وليس حلها، خاصة أن هناك تركيزا على الحلول الجزئية، وليست هناك جدية في الضغط على الحوثيين، مشيرة إلى ضعف التعامل الدولي على هذا المستوى، وهو ما يجعل أية اتفاقيات حتى الآن تتسم بالهشاشة؛ وأن الأمم المتحدة تركز على الجانب الإنساني بصورة أساسية وليس على حل التسوية السياسية.

من جهته، قال بليغ المخلافي المستشار الإعلامي للوفد إن المجتمع الدولي اعتبر اتفاق ستوكهولم قصة نجاح في ظل الفشل المتراكم للأمم المتحدة عموما وللأزمة اليمنية خصوصا بعد أربع سنوات من عمر الأزمة اليمنية.

ورأى أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة تنظران إلى الملف اليمني على أساس أنه الملف الأسهل تحديدا في ملفات المنطقة، إذا تمت مقارنته بالملف السوري والليبي، حيث إن الأطراف الداخلية والخارجية معروفة، كما أن هناك مرجعيات يمكن البناء عليها.
واعتبر بليغ المخلافي أن التركيز على إجراءات بناء الثقة والملف الإنساني فَيَ الازمة اليمنية وصولا إلى الترتيبات الأمنية والسياسية قد فشلت حتى الآن في تحقيق عائد إيجابي للازمة.

وأضاف أن كل ما تحدث عنه المبعوث الأممي مارتن غريفيث وكل مباحثات چينف 3 ومشاورات ستوكهولم هي نتاج لمشاورات الكويت، حيث إن مشاورات الكويت قد وصلت لمرحلة متقدمة جدا من النقاشات ورفضت في آخر لحظة.

وأشار إلى أن الأمم المتحدة تتعامل مع الحوثيين كطرف على نفس المستوى، وهو ما يزيد من ثقل الحوثيين، وأتاح لهم أوراق ضغط، لافتا إلى الفرق بين البعثة الأممية السياسية وبعثة المراقبة، موضحا أن ما يخشاه اليمنيون أن تتطور الأمور بعد وصول 75 مراقبا، وأن تصبح هناك حاجة لدخول قوات حفظ سلام إلى الحديدة، وبالتالي تدويل القضية اليمنية.

واعتبر أن إيران حصلت من خلال دعمها للحوثيين على ورقة تفاوض ومساومة في ملفاتها العالقة مع القوى الإقليمية والأوروبية، مضيفا أنه إذا كان هناك جدية في بعثة المراقبة الأممية فربما ستحقق إنجازات، وأن الحوثي سيكون في مواجهة المجتمع الدولي في ذلك الوقت إذا لم ينفذ الخطوات الكاملة فيما يتعلق بتنفيذ اتفاق الهدنة في الحديدة.

وتابع أن تنفيذ الاتفاق فيما يتعلق ببعثة المراقبة يمكن أن يكشف موقف الحوثيين ويمثل ضغطا عليهم لاسيما أنهم مازالوا يسيطرون على المنافذ البحرية الأساسية في الساحل الغربي وهو ما يعني استمرار تهريب السلاح رغم كل الإجراءات التي تتم واستمرار تهريب البضائع والحصول على مصادر دخل تقوي من موقفه.

ورأى بليغ المخلافي أن الاهتمام بالملف الإنساني على حساب معالجة الأمور السياسية أعطى الحوثيين أوراق مساومة.

بدوره، تحدث حمزة الكمالي عضو الوفد الحكومي اليمني بمشاورات ستوكهولم ووكيل وزارة الشباب والرياضة اليمنية عن الفرق بين الاتفاقات الصلبة والاتفاقات الهشة، واصفا التسوية في ستوكهولم "بالهشة الضعيفة" التي انتجت بفضل ضغوطات دبلوماسية.

وأوضح أن مشاورات ستوكهولم لم تكن مباحثات مباشرة بل كانت مشاورات يتنقل بها مبعوث الأمم المتحدة بين الطرفين وينقل وجهات النظر، وكان هناك لجنة خاصة فقط بملف الأسرى والمعتقلين، مذكرا بأن هذا الملف قد بحث ووقع قبل الذهاب إلى السويد وكان النقاش في ستوكهولم على كيفية تطبيقه وتبادل قوائم الأسرى إلا أنه لم يتم تنفيده أيضا.

وقال إن الحوثيين لا يطبقون أي اتفاق تم توقيعه، مشيرا إلى اتفاق 2006 والذي وقع عليه الحوثيون برعاية قطرية ولم يتم تنفيذ بند واحد منه رغم كل الجولات التي تمت.

وأضاف أن ما يحدث في اليمن هي معركة الدولة الوطنية ثم أتت هذه المليشيات من الجبال مدعومة من إيران بشعارات متطرفةتنقلب على الدولة وتهددها، مضيفا أن المدخل الطائفي كان المدخل الرئيسي للحوثيين مثلما حدث في بلدان عربية أخرى.
واعتبر أن الحوثيين لا ينفذون سوى الأجندة الإيرانية وذلك على حساب بلدهم، ما سيزيد من معاناة الشعب اليمني الإنسانية، حيث يتم استخدامهم كورقة ضغط للاستفادة منها.

وانتقد حمزة الكمالي المنظمات الإنسانية التي تكثر في اليمن، وتستفيد من الحرب وتمولها لأنها إذا عادت الدولة اليمنية وانتهت الأزمة سيتوقف عملها وتمويلها الهائل الذي تحصل عليه، وبالتالي فإن المنظمات تحرص على أن تستمر الأزمة في اليمن، معتبرا أن هذه المنظمات تُمارس الفساد في البلاد مثلها مثل "الحوثي".

وشدد على أنه طالما استمرت صفقات بيع السلاح والوضع العسكري على ما هو عليه، والذي يمكن الحوثيين من استمرار السيطرة على محافظات ومداخلها ومحاصرة أخرى فستستمر الأزمة، موكدا أن الحوثيين لن يقبلوا بحلول إلا إذا تم ممارسة الضغط عليهم واستعادة سلطة الدولة المركزية في التعامل معهم.

وقال إن المعركة في اليمن بالنسبة لإيران هي معركة استنزاف لدول التحالف العربي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودول الخليج، مضيفا أنه لم يكن لأحد أن يسمح بوجود عسكري أجنبي أو أن تدخل الأمم المتحدة في ميناء الحديدة لو أن هذا الميناء كان تحت السلطة اليمنية الشرعية، ولكن طالما الحوثي موجود في هذا الميناء فسيكون للأجانب موطئ قدم، كما أن وجود دولة هشة لا تملك نفوذا في منطقة الحوثي سيكون كذلك مبررا لدخولهم إلى اليمن.

وكان مجلس الأمن الدولي اعتمد بالإجماع، الأربعاء، مشروع قرار بريطاني بشأن نشر بعثة أممية إضافية في مدينة الحديدة اليمنية، لمراقبة تطبيق اتفاق استوكهولم، وينص المشروع على إنشاء بعثة من 75 مراقبًا لدعم تنفيذ الاتفاق في محافظة الحديدة وموانئها على النحو المنصوص عليه في الاتفاقية، لمرحلة أولية مدتها 6 أشهر.

ويعطي القرار البعثة الدولية مهاما قيادة ودعما للجنة تنسيق إعادة الانتشار؛ للإشراف على وقف إطلاق النار على نطاق المحافظة، وإعادة نشر القوات وعمليات إزالة الألغام.