الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عيدا عدت


عاش عمره كله راضيًا رغم قسوة ظروفه ومعيشته فقد ماتت أمه، وتزوج أبوه وأنجب الكثيرين وأصبح هو وسطهم غريبا وعاملته زوجة أبيه خادما وعامله أخوته على حياء كأخ، طيلة سنينه التى امتدت ثمانية عشر عاما كان يعيش معهم على ما تبقى منهم ويأخذه راضيا ممتنا. 

وبموت أبوه تبدلت الحياة من سىئ لأسوأ فقد حرموه من مجرد الاستمرار معهم والعيش وسطهم بحجة أن المكان لا يسعه وأنه صار كبيرا يمكنه الاعتماد على نفسه، وبنفس الرضا ارتضى ما حكموا به عليه وترك بيت أبيه وأمه وتنقل بين الناس يطلب منهم المساعدة وأن يعمل ليوفر مصاريف دراسته المتفوق فيها ليحقق رغبة أمه رحمها الله بأن يصبح طبيبا يعالج فقراء بلدته المرتمية فى أحضان الجبل فى أقصى مناحى الجمهورية المحروسة. 

بعد طول تنقل وانتقال احتضنه احد الطيبين وشمله برعايته وآمنه على صيدليته ووظفه فيها وجعلها له معاشا يبيت فيه .لم يصدق هاسمعه من هذا الرجل الطيب وحاول ان يقبل يديه الا ان الاخير طلب منه ان يرفع يده الى السماء ويدعو له بشفاء وحيدته التى لايرجو من الدنيا سواه .. مضت ايام وشهور وهو يسابق الدنيا فى نيل رضا من انعم عليه ويدعو الله كل وقت وكل صلاة بأن يشفى ابنة الرجل الطيب التى لم يرها ابدا ، بل انه حبا فى هذا الرجل الطيب الذى اعطاه طوق النجاة فى هذه الحياة كان يذهب الى الكنائس فى كل مكان قريب منه ويوقد شمعة بنية شفاءها وان تعود السعادة الى ابيها الطيب. بعد وقت علم من المقربين منوصاحب الصيدلية ان الابنة ليست مريضة مرضا جسميا ولكنها حزينة على امها التى طلقها ابيها واجبرها بسلطته على ترك البلاد كلها والعودة الى بلدها الاصلى انجلترا حيث التقى بها ابيها اثناء تحضيره للدكتوراه هناك وحصوله عليها .حاول ان يعرف تفاصيل الطلاق ولكنه لم يصل للحقيقة فالمقربون من الطبيب يتهمون طليقته بالخيانة والكترهون له يصفونه بالجحود ونكران الجميل .. على قدر نجاحه فى العمل والخياة والدراسة الا ان مسألة هذه الفتاة وامها اخذت منه ومن تفكيره الكثير ، وفى اخر عام دراسى له فى كلية الطب التى كان ينجح فيها كل عام بامتياز يؤهله لسلك التدريس بها فى هذا العام استجمع قوته وتحدث مع صاحب الصيدلية فى عذا الامر العائلى وطلب منه ان يتزوج ابنته التى لم يرها ، واستقبل الاخير طلبه بنظرة تقليل وربما تكدير تندرج تحت رفضه لان يكون ذلك الاسلوب من قبيل رد الجميل له .. اقترب منه وقال له معنديش بنات للجواز اللى عندى مريضة طالبة الشفا ، لما تخلص دراستك ممكن اخليك تكشف عليها، سامعنى !
ومضت الايام سريعا ونجح بامتياز ولم يفرح بنجاحه بقدر فرحته بأنه سيعالج ابنة ولى نعمته وذهب اليه يبشره بنجاحه ويشكره على منحه وعطائه ويطلب منه ان يوفى بوعده ويتركه يعالجها وبالفعل احتضنه الرجل وبكى بكاء شديدا وهنأه على هذا النجاح وبقدرته على التحدى والارتقاء واصطحبه معه الى بيته لاول مرة فى عمره وعرفه على ابنته التى لم ير مثلها فى حياته بهذا القدر من الجمال وأكد له انها ليست مريضة وان امها توفت منذ فترة وان ابنته رأته ذات مرة وحكت له انها رأته فى حلمها زوجا لها وايقن اباها لما يعرفه من طيبة ابنته ومن ان ماتراه ليس حلما فقد رأت الكيفية التى ماتت عليها امها كما كانت بالضبط ويذكر انه بقدر تأنيبه لها على هذا الحلم الذى اقشعرت منه ابدان امها بقدر هذا التأنيب بقدر ايمانه بصحة ماتراه وحتميته وواقعيته ، فما كان منه الا ان افتعل قصة طلاقه لزوجته وطلب من كل المحيطين ان يأكدوا له صحة الرواية والحكاية واعطاه الامل بأن نجاحه يوازيه سماحه له بعلاج ابنته وهاهو نجح وهاهى ابنته امانة عنده يوفى بها الوعد ويجزل لها العطاء ...

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط