الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.مجدي بدران يكتب: أول أكسيد الكربون القاتل الصامت فى الشتاء

صدى البلد

مع دخول الشتاء وبرودة الجو ،تتكرر حوادث الاختناق و الوفيات بسبب سخانات الغاز أو الدفايات.يقلل استعمال الدفايات و اشعال الخشب للتدفئة من نسبة الأوكسجين في الهواء الموجود في أماكن الضحايا ، وبالتالى يصبح التنفس صعبا ، والحركة أصعب . في حالات الحرائق ، قد تكون الأدخنة المتصاعدة كثيفة ، وتسبب نقصًا في الأوكسجين في موقع الحريق ، في مما يقلل من قدرة الأشخاص على التركيز أو التفكير السليم للبحث عن مخرج للنجاة .

أول أكسيد الكربون من أخطر الغازات ، وهو يسبب العديد من الآثار المدمرة عالية المستوى.للأسف هناك الملايين من البشر أكثر عرضة للتعرض له بمستويات منخفضة على المدى الطويل ، ولا يتم تحديد آثارها بشكل جيد .

أول أكسيد الكربون من عوامل الخطورة لدخول مرضى الربو المستشفيات، ولقد لوحظ مؤخرا وجود ارتباط إيجابي بين حالات الدخول إلى المستشفيات ومتوسط تركيز غاز أول أكسيد الكربون.

محرك الاحتراق الداخلي هو مصدر التعرض لأول أكسيد الكربون.تصدر محركات السيارات عادمًا يحتوي على نسب تتراوح ما بين 3-7% من هذا الغاز، ترتفع بوجود عيوب فيها ، خاصة مع سائقي الشاحنات أو مشغلي الرافعات الشوكية أو أي شخص يعمل بالقرب منها ،و العاملين فى الأنفاق ، وأحواض التحميل ، والمستودعات ، ومحلات تصليح السيارات . كما ينتج أول أكسيد الكربون من السخانات ، و الدفايات ، و مكامير الفحم.

تتعرض المداخن للانسداد بالأتربة ،أو بأعشاش الطيور ، وبالتالي يتراكم أول أكسيد الكربون داخل المنزل لذا ينبغي تنظيفها بصورة دورية.انبعاث رائحة من الثلاجة ربما يكون بسبب خلل فيها يسبب تصاعد غاز أول أكسيد الكربون . الدخان المتصاعد من شواية الفحم يحتوي على نسبة كبيرة من غاز أول أكسيد الكربون ، ولهذا يفضل استخدامها في مكان جيد التهوية أو فى الهواء الطلق .

انسداد ماسورة العادم بالسيارة يسبب تراكم غاز أول أكسيد الكربون داخل السيارة،ويهدد بإختناق الركاب عند غلق النوافذ ، ويحدث ذلك أيضًا عند تشغيل محرك السيارة داخل جراج بلا تهوية . يفضل فتح نافذة السيارة قليلًا أثناء القيادة حتى مع تشغيل تكييف السيارة للسماح بخروج غاز أول أكسيد الكربون.

ينتج أول أكسيد الكربون أيضا نتيجة التدفئة بإشعال الفحم أو الخشب ، ومن غلايات المياه التي تعمل بالغاز ، و دفايات الكيروسين ، و تدخين السجائر، و السباحة خلف قوارب تعمل بمحركات ، و مع استخدام مزيلات الطلاء ، و الأفران التي تعمل بالهيدروكربون الغازي، و التواجد داخل عربات نقل مغلقة ، و الحرائق . جلسة تدخين الشيشة تنتج غاز أول أكسيد الكربون خمسة أضعاف السيجارة ، مما يهدد العاملين بالكقاهى ومرتادىها .

غاز أول أكسيد الكربون عديم اللون والرائحة والطعم ، ينتج من الاحتراق الغير تام للكربون. هو أخف نسبيًا من الهواء، متعادل كيميائيًا لذا لا يسبب أي تهيج بالجلد أو الأغشية المخاطية ، قابل للاشتعال فيتحول إلى غاز ثاني أكسيد الكربون .غاز ثاني أكسيد الكربون غاز سام خانق، التركيزات المرتفعة منه تسبب فقدان الوعي،و زيادة معدل التنفس، وعدم انتظام دقات القلب، والتشنجات، والغيبوبة.

غاز أول أكسيد الكربون لديه شراهة للهيموجلوبين، وهو المادة المسؤلة عن حمل الأكسيجين من الرئة إلى الأنسجة، وحمل ثانى أكسيد الكربون من الأنسجة الى الرئة. يتصارع أول أكسيد الكربون مع الأكسيجين على الهيموجلوبين فى معركة غير متكافئة،لأن شراهته لأول أوكسيد الكربون 200 ضعف الأكسيجين ، لذا تقل نسبة الأكسيجين فى الدم ويتحول الهيموجلوبين الى هيموجلوبين غير وظيفى،ويعانى الإنسان من انخفاض الأداء بشكل عام . أول أكسيد الكربون يقلل من أداء المخ ، حيث يقلل من تركيز الموصلات العصبية فى المخ و كيمياء السعادة و الذاكرة و التعلم .

أول أكسيد الكربون يمكن أن يسبب مخاطر صحية خطيرة، فهو يسبب العديد من أمراض القلب، و يقلل من وصول الأكسيجين الى عضلة القلب، و يسبب زياد لزوجة الصفائح الدموية فتزداد القابلية لتكوين الجلطات ، ويمهد الطريق لتصلب الشرايين ، و يشل المصاعد الهدبية المخاطية للجهاز التننفسى وبالتالى يمهد الطريق لاستيطان الميكروبات التى لاتجد من يردعها ، و احتجاز المواد الغريبة داخل الرئة خاصة مسببات الحساسيات ، و بقاء سموم التدخين الأخرى داخل الرئة مما يؤدى إلى التهابات الجهاز التنفسى وانخفاض وضائف الرئة، و له تأثيرات عكسية قصيرة الأمد على الرؤية .

يستمر تأثير أول أكسيد الكربون السام من 8 إلى 10 ساعات ، و ينخفض الـتأثير إلى ساعتين فقط عند استنشاق أكسجين 100% فى المستشفى . فى حالات التسمم بتركيزات عالية يحدث صداع و دوخة في غضون دقيقتين ، و تشنجات، و توقف التنفس ، و ربما الوفاة في أقل من 20 دقيقة.

تلوث الهواء بأول أكسيد الكربون يهدد الجنين ، و يمكن أن يرتبط بانخفاض الخصوبة ،وارتفاع فقدان الحمل مبكرا. يعشق جزئ الهيموجلوبين فى الجنين أول أكسيد الكربون ثلاثة أضعاف عشق هيموجلوبين الأم به . قد تواجه العاملات الحوامل خطرًا كبيرا عند التسمم بأول أكسيد الكربون ، ولقد أدت حالات التسمم الشديد للحوامل به إلى ولادة جنين ميت ،أو عيوب في الجهاز العصبي لدى الأطفال حديثي الولادة. يزيد التسمم بأول أكسيد الكربون من خطر ولادة طفل ميت ، و الخطورة تزداد عند التعرض في الثلث الثالث من شهور الحمل.

تتفاقم أضرار أول أكسيد الكربون مع الأمراض المزمنة ، فيعانى العاملون المصابون بأمراض الجهاز التنفسي خاصة الربو الشعبى و المدخنين من التعرض الزائد لأول أكسيد الكربون ، حيث يؤثر على تدفق الأكسجين في مجرى الدم ،و يؤثر الغاز سلبًا على المدخنين بشكل أسرع من غير المدخنين.يمكن أن يساهم التعرض لأول أكسيد الكربون أيضًا في الإصابة بالالتهاب الرئوي.

للوقاية من التسمم بغاز أول أكسيد الكربون ، يفضل الحرص على التهوية الجيدة خاصة في الحمامات و المطابخ ، و عدم غلق أبواب غرف النوم بشكل كامل ، و ضرورة الصيانة الدورية للسخانات و البوتاجازات والأفران التي تعمل بالغاز ، و التأكد من عدم وجود ما يسد مدخنة السخان كعش العصافير. عند الشك في تسرب الغاز يجب فتح جميع النوافذ و الأبواب ،و عدم إشعال أي موقد أو سيجارة أو مصباح ، ولو أمكن مغادرة السكن و الخروج للهواء الطلق .