هل حقا المدينة المنورة لا تصاب بالطاعون؟.. فلماذا عُلقت الصلاة بالمسجد النبوى؟.. مفكر إسلامي يجيب

أجاب الدكتور محمد داود، المفكر الإسلامي والأستاذ بجامعة قناة السويس، عن سؤال مثير للجدل يروجه بعض الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو: "هل حقا المدينة المنورة لا يدخلها الطاعون؟! فلماذا تم تعليق الصلاة بالمسجد النبوى الشريف خوفا من انتشار كورونا؟!.

وأوضح الدكتور محمد داود، أنه فيإطار انتشار الوباء العالمى كورونا وتعليق الصلاة بالمسجد النبوى بالمدينة المنورة ثارت أسئلة مستحقة عن حديث البخارى بشأن عدم دخول الطاعون للمدينة المنورة، ووصل الأمر لحد التشكيك والإنكار! ونص الحديث : "على أنقاب المدينة (أبواب ومداخل المدينة) ملائكة أى: (يحرسونها) لا يدخلها الطاعون ولا الدجال. رواه البخاري.

وقال المفكر الإسلامي: نحن هناينبغى أن نسلك سبيل العلم فى البيان: أولًا: ينبغى تحديد معنى كلمة الطاعون فى زمن النبوة: حيث إن معانى الكلمات تتغير من زمن إلى زمن .. وينبغى أن يدرس معنى "كلمة الطاعون" فى سياقها الزمنى،(زمن النبوة) – وفى بيئتها المكانية.

وتابع: قوانين التطورالدلالى للكلمات عبر الزمن (انظر كتابى .. كلمات القرآن والتطور الدلالى .... ، وكتابى: كلمات السنة والتطور الدلالى).

وأشار إلى أن المعجمات القديمة نجد أن تعريفها لكلمة الطاعون، قد تعددت معانيه فى مجالات مختلفة واسعة المدى الدلالى:(مجال الحرب ، مجال الأخلاق الذميمة، مجال المرض) ودلالته على المرض جاءت بمعنى: مرض وبائى سببه ميكروب يصيب الفئران وتنقله البراغيث والقوارض (المعجم الوسيط) وهو مايعبر عنه فى العلم الحديث بالطاعون الغددى.

وأكمل: ثانيًا : تحديد معنى الطاعون فى العلم الحديث:-

الطاعون فى العلم الحديث نوعان: أولًا : الطاعون الغددى : القروح الخارجة من الجسد، وهو الذى ينتشر من الفئران إلى الإنسان بواسطة عض الحشرات وأهمها البراغيث، فينتقل الميكروب بواسطة الأوعية اللمفاوية من موضع عضة البرغوث إلى الجلد عند اتصال الأوعية اللمفاوية وأهمها الموجودة فى المراق وهى المنطقة عند اتصال الفخذ بالبطن وغدد الإبط اللمفاوية .. ومنها غدد العنق اللمفاوية .. وتتضخم هذه الغدد وتتورم وتمتلئ صديدًا.

وأفاد بأن هذاالنوع مطابق لوصف النبى صلى الله عليه وسلم لمَّا سألته السيدة عائشة رضى الله عنها: فما الطاعون؟ قال صلى الله عليه وسلم "غدة كغدة البعير تخرج فى الآباط والمراق .... أليس هذا وصفًا دقيقًا للطاعون الغددى! و(الآباط – جمع إبط وهو معروفالمراق – ما أسفل البطن فما تحته من المواضع التى يرق جلدها).

واستطرد: أما النوع الثانى : هو الطاعون الرئوى وتسببه الفيروسات المختلفة (مرض فيروسى) وهو أشد فتكًا من الطاعون الغددى (مرض بكتيرى)؛ وهذا النوع لم يأت ذكره فى حديث البخارى، ولا ينطبق عليه التعريف الذى حدده النبى صلى الله عليه وسلم للطاعون، وبهذا يتضح البيان ويزول الإشكال.