الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. هادي التونسي: نجاة فالو بلقاسم

صدى البلد

من أصل مغربي ، عمرها كان ستة و ثلاثين عاما عندما عينت وزيرة تعليم  فرنسا و قبلها وزيرة حقوق مرأة و متحدثة رسمية لحملات انتخابية للحزب الاشتراكي الفرنسي و مسئولة في مجال الثقافة، فمن هي ؟.


ولدت في قرية شمال المغرب و انتقلت و عمرها 4 سنوات للعيش في حي فقير بشمال فرنسا حيث يعمل والدها في مجال المعمار، وكان والدها يقيد اختلاطها بالأولاد ، فانكبت علي الدراسة و التحصيل و التثقيف.


تقول عن التعليم الفرنسي انه فتح عقلها و أتاح لها الحراك الاجتماعي و اثراء الذات بالتعلم و الإدراك .


هي اذن نتاج تعليم عام متميز ولّوها أمره ، لكن لماذا اختاروها بالذات ! أظهر موقف الفرنسيين المسلمين من الهجوم علي مجلة تشارلي أبدو الكاريكاتيرية تباينا في الآراء عن باقي المجتمع الفرنسي الذي أعلن الحداد علي قتلي الاٍرهاب بدعوي الدفاع عن الاسلام. كما بينت الدراسات الأوروبية ان فرنسا كانت في صدارة الدول الأوروبية  في التمييز التعليمي لأسباب عرقية و دينية.


هي اذن اختيار نظام علماني اشتراكي أراد مواجهة الاٍرهاب و التفرقة و التطرّف بتصحيح نفسه بالادماج و اعلاء المساواة و القدوة والامل. باختيار نموذج وفي لقيمه، كافح العنصرية و نادي بالمساواة بين الجنسين و حقوق المرأة و بتكافؤ الفرص حتي لو كان في حقوق المثليين التي أصبحت من فرضيات المجتمعات الأوروبية .


هي عايشت مشاعر السخط و الغضب بين مسلمي الأحياء الفقيرة التي نشأت فيها، و تقول ان الاحباط دفع الشباب الي اعلاء الهوية الدينية( علي حساب الوطنية) و جاءت لتدمج هؤلاء ، ولتثبت ان العلمانية تتسع للجميع، وأنها كفرنسية مسلمة عربية الأصل يمكن ان تصل الي ارفع وأدق المناصب الحاكمة لقيم المجتمع الفرنسي طالما كانت وفية لها امينة علي ايديولوجية حزبها، و حيث تصف نفسها بأنها يسارية حتي النخاع.


يتهمها البعض ان جزءا من أسباب صعودها السريع في هذه السن يرجع الي زواجها من فرنسي اصبح يعمل نائبا لمدير كبار موظفي قصر الرئاسة . فليكن، لكن ذلك يضيف الي الكفاءة و القدوة و هدف الإدماج الوطني. و يتهمها مسلمون بأنها تناصر العلمانية علي حساب تفسيراتهم للإسلام ، و يصفها محافظون غير مسلمين بأنها آية الله التي جاءت لأسلمة فرنسا. و هي ترد علي الجميع بمناصرتها القوانين التي تعزز الليبرالية العلمانية و تناهض التحرش و التمييز.


نجاة فالو بلقاسم تمثل محاولة مجتمع يصحح نفسه سلميا في مواجهة التهميش و التطرّف و تهديد الفاشية الدينية و العنصرية، فاختار من شبابه المهمشين من ينتمي لقيمه الأصيلة و رسالته الانسانية لتحمل الشعلة بالقدوة و الانجاز.


هو مجتمع تواضع استيعابا بتنصيب معارضة مصلحة منتمية، و لم يختر ناقما هادما مفرقا او عميلا خائنا .


هو مجتمع ادرك ان العلمانية التي كان من أوائل دعاتها العالم ابن رشد المسلم الأندلسي  العربي ،وأنقذت اوروبا من اصولية و ارهاب وحروب و تخلف اوروبا العصور الوسطي هي علمانية تتسع للجميع، فلا يمكن اغتصاب حرية إنسان منحه الله إياها ليحاسبه بمقتضاها يوم الدين بدعوي ان الوصاية تكليف الهي، بينما يتم تقويض اساس المحاسبة، بل ان هذا المجتمع أراد ان تدافع عن علمانيته من هي من ثقافة و دين و عرق الإرهابيين المتأسلمين الذين ناهضوا الحضارة الانسانية، و اقترفوا الجرائم في اوروبا و غيرها، وهي بهذا رسالة اخري لنا اننا يمكننا استعادة تراثنا العلماني بالحكم الرشيد، و ان نتقارب مع  شعوب استعديناها بالتطرف و بإذكاء الخلافات مع قيم المجتمعات المتقدمة.


هي ايضا رسالة ان هدف تحالف الحضارات يمكن ان يحل بديلا عن صدامها، وأن القيم الانسانية العليا جوهرها القيم المشتركة للاديان.


ليت النزاهة تعلو فوق التعصب، ليت الانسانية تعلو فوق الكراهية ، ليت المحبة تعلو فوق التفرقة، ليت السلام يعلو فوق العنف.