الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. عواد سالم يكتب: فضل العشر الأواخر من رمضان

صدى البلد

فمن نعم الله علينا الجليلة شهر رمضان الكريم، فهو إحدى نفحات الله ـ تعالى ـ في أيام دهرنا، وقد اختصه الله ـ سبحانه ـ بفضائل لا توجد في غيره، وقد جاءت آيات القرآن الكريم، وأحاديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مفصلة ومبينة لفضائل ومناقب هذا الشهر العظيم، قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ﴾( )، وقال النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ في فضائل هذا الشهر: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر) ( )، وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين) ( )

أما عن العشر الأواخر من رمضان فهي خيار من خيار، أيام فاضلة كريمة من شهر فاضل كريم، وقد جاء من الشواهد والنصوص التي تدل على فضلها وشرفها.

ولكن قبل ذكر فضائل هذه العشر تفصيلًا أشير إلى حقيقتين: 
الأولى: تفضيل العشر الأواخر من رمضان على ما سواه من باقي أيام الشهر لا يعني ـ أبدًا ـ الغض أو التنقيص من بقية أيام هذا الشهر الكريم ولياليه، وإنما كان هذا التفضيل لكون هذه الأيام هي ختام هذا الشهر، والأعمال بالخواتيم، ففي الحديث: (إِنَّ العَبْدَ لَيَعْمَلُ ، فِيمَا يَرَى النَّاسُ ، عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ ، وَيَعْمَلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ ، عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ ، وَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا) ( )

وكذلك: تفضيل هذه الأيام جريٌ على سنة الله ـ تعالى ـ في خلقه، فالله ـ سبحانه ـ فضَّل بعض الأزمان على بعض، وبعض الأماكن على بعض، وبعض الناس على بعض.

الثانية: أن التفضيل لا يكون إلا بقاطع شرعي، وفي هذا تأكيد على قيومية الله ـ تعالى ـ وهيمنته على خلقه، وأنه وحده له الخلق والأمر والحكم والتدبير، وأنه ـ سبحانه ـ هو الذي يُحسِّن الشيء، أو يُقَبِّحُه، وهذا يذكرنا بالقاعدة التي أجمع عليها أهل السنة، وهي: أن الحسن والقبح تابعان للأمر والنهي، والشيء لا يشتمل على صفات ذاتية والعقل يقتصر دوره على استنباط جهات الحكم بالحسن أو بالقبح.

ومن باب الإسقاط أقول: هذه الأيام ليس لها فضيلة ذاتية، وإنما جاء تفضيلها لما تعلق بها من فضائل ومناقب جاءت بها النصوص الشرعية. 

ومن فضائل هذه العشر: 
1 ـ نزول القرآن الكريم في العشر الأواخر من رمضان، في ليلة القدر، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ ( )، وقال عز وجل: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ﴾( )

2 ـ اشتمال العشر الأواخر على ليلة القدر لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان) ( )، تلك الليلة التي من أدركها بالعمل الصالح، فقد أدرك الخير كله، ومن حرمها فقد حُرِم الخير كله، كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم) ( )

3 ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمزيد من الاجتهاد في العبادة؛ فقد كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ  (يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ ) ( )، وكان ـ عليه الصلاة والسلام ـ (إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ ، وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ) ( )، كما خصَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذه العشر بعبادة الاعتكاف في المسجد؛ فقد (كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده) ( ).

واغتنامًا لفضل هذه العشر، وأسوة بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن نجتهد في العبادة والتبتل في عامة أحوالنا، وفي شهر رمضان وفي العشر الأواخر منه خاصة، ليكون ذلك دليًلا على صدق العهد مع الله تعالى، وليكون خير وداع لهذا الشهر الفضيل.

رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول

-