الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مشاهدة جهاز العروس يوم الزفاف.. قصة عادة غريبة ابتكرها الخديوي إسماعيل ومستمرة حتى الآن

عائلة الخديوي إسماعيل
عائلة الخديوي إسماعيل

عادة ليس لها تفسير أو مبرر سوى التباهي، وهي مشاهدة الزوار جهاز العروس يوم الزفاف أو قبله، والتجول بين أروقة الشقة لمشاهدة محتوياتها وكأنها متحف، ولهذه العادة تاريخ طويل يرجع إلى عصر الخديوي إسماعيل الذي يعد السبب الرئيسى في وجود هذه العادة بعدما أقام فرح لابنائه الأربعة وكان الجهاز لكل منهم من الذهب والياقوت والألماس.

حفل دام 40 ليلة
يسترجع «صدى البلد» أصول هذه العادة، وكانت تتمثل قواعد الأفراح الملكية في إقامة حفلات الاستقبال التي يحضرها الوزراء والأمراء في صحبة زوجاتهم وأقاربهم، ويشترك الجميع في هذا الاحتفال، وشهد العصر الحديث أروع الحفلات الملكية خاصة عهد إسماعيل باشا، وأقيمت الحفلات في عهد احتفالات بزواج 3 من ابنائه وواحدة من بناته، وهم الأمراء: توفيق، حسين كامل وحسن والأميرة فاطمة إسماعيل.

ودامت حفلات زواج الأمراء أربعين يوما بلياليها، وبلغت هذه الحفلات من الفخامة والجمال ما يفوق الخيال، وظهر فيها كرم إسماعيل وبذخه بشكل لم يسبق له مثيل، أما الأمير توفيق الخديوي فقد عقد له على الأميرة أمينة هانم إلهامي الملقبة بأم المحسنين، وتزوج الأمير حسين كامل السلطان من الأميرة عين الحياة، وتزوج الأمير حسن علي من الاميرة خديجة هانم، وتزوجت الأميرة فاطمة من الأمير طوسون باشا نجل سعيد باشا أحد ولاة مصر السابقين، وفقا لكتاب القصور الملكية في مصر، تاخ وحضارة، لمؤلفه دكتور محمود عباس أحمد عبدالرحمن.

قصة طريفة
ولزواج الأمير حسن بالأميرة خديجة هانم قصة طريفة، فقد أنشأ الخديوي إسماعيل مدرسة ابتدائية لتعليم البنات، ألحق بها بعض أميرات البيت الملكي ومن بينهن الاميرة خديجة، وبعض بنات الأسرة العلوية، وكان الخديوي قبل ذلك قد وعد الأميرة خديجة بأن يزفها غلى نجله الامير حسن إذا هي أظهرت تفوقا في الدراسة.

وفي أحد الأيام ذهب بنفسه إلى المدرسة لتفقد أحوالها، وطاف بين الفصول حتى دخل الفصل التي تدرس به الأميرة خديجة وسألها عما تعلمته من القرآن حتى الآن، فأجابت (وأذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد)، فسر إسماعيل لذكائها وسرعة خاطرها وقال : (أجل، ما زلت عند وعدي).

وأوفى بالفعل بوعده ومر أقل من 5 سنوات حتى تم الاحتفال بزفاف الامير حسن ابنه والأميرة خديجة، وبدأت هذه الأفراح بإقامة حفلة كتب الكتاب التي اقيمت بسلاملك القصر العالي مقر والدة إسماعيل بجاردن سيتي، ودعى إليها أعضاء الأسرة الخديوية والعلماء والنظار وكبار الأعيان، بعد اكتمال عدد المدعوين.

وكان شهود العقد يدخلون إلى الحرملك حيث كانت الأميرات العرائس قد جلسن بين بقية الأميرات، فكانوا يسألون كل واحدة منهن من وراء الستار الكثيف : "هل قبلت الزواج من خطيبك؟"، فكانت تجيب بالقبول بعد تمنع طويل كعادة جرت في ذلك العهد، فإذا سمع الشهود الإجابة عادوا السلاملك لصياغة عقد الزواج وتقديم المشروبات والحلوى في أكواب ذهبية وتوزع الهدايا الفاخرة للحاضرين.

جهاز من الذهب
وأعد إسماعيل للعرائس الأربع جهازا فخما ، من اجمل الحلي، والجواهر المرصعة بالألماس، ومجموعات ثمينة من الاواني الفضية والذهبية، وأطقم الشاي والشوبكات المصنوعة من الكهرمان الخاص والذهب والاحجار الكريمة.

واحتل هذا الجهاز 3 غرف واسعة بالقصر العالي، وأمر إسماعيل بعرضه أياما في هذه الغرف تحت الحراسة، وكان الأمراء والاميرات يأتون لرؤيته، والتفرج عليه، حتى إذا انتهى عرض زف جهاز كل عروس على حدة إلى منزل عريسها في موكب ضخم يحرسه حرس الخديوي ومحاط به فرسان العرب بأزيائهم البيضاء.

وكان من بين الجهاز (الشوار) وهو سرير مكسو بطبقة من الذهب الخالص، ورصعت أعمدته بالياقوت والزمرد والفيروز، وأشبه بالسرير الذي أهداه إسماعيل إلى الإمبراطورة أوجيني تذكارا لزيارتها وادي النيل أثناء الاحتفال بافتتاح قناة السويس.

أما الحلي والمجوهرات فقد وضعت في (أسبتة) مكشوفة على وسائد من المخمل المزركش، ويحمل كل واحدة منها أربعة من رجال الحرس في ملابسهم الرسمية، وقد شهروا السيوف في أيديهم وظل الموكب يطوف بشوارع القاهرة بين صفين من الجنود تتقدمه الموسيقى والناس من حوله يهتفون.

الزفة
بينما كانت تصتف السيدات في الشرف لترديد الأغاني والزغاريد، وقد أقيمت في سراي القصر حفلات متوالية طوال مدة إقامة العرائس فيه، حتى موعد (الزفاف) تبدأ زفة كل عروس على حدة، وكان الأغوات يصطفون وبيد كل منهم فنيار، وترتدي العروس أجمل ملابسها وتتجمل بالمجوهرات الثمينة، وتسدل العروس على وجهها الدوالك الذهب يالرفيع، وتسير إلى الكوشة برفقة اثنين من الأغوات، لتجلس بين والدها ووالدتها.

والخديوي إسماعيل (1830 - 1895) يعد خامس حكام مصر من الأسرة العلوية، بدءا من 18 يناير 1831 حتى موعد خلعه عن العرش بواسطة السلطان العثماني، ويلقب بالمؤسس الثاني لمصر الحديثة بعد جده محمد علي باشا، حيث شهدت مصر خلال فترة حكمه تطوير الاقتصاد والإدارة والعمران في مصر.