الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مصطفى الشيمى يكتب : نيوتن وسياسة الثقب الواسع

صدى البلد

النجاح ليس أن تكون إنسانًا كاملًا في جميع جوانب الحياة فهذا يصادف الصفوة وهم قلة من البشر ، النجاح أن تكون مميزًا في جانب من جوانب حياتك بما يجعل هذا الجانب مصدر إفادة وإثراء للآخرين وإحداث تغير فى ثوابت ظن البعض أنها لن تتغير . فأصحاب العقول العظيمة لديهم أهداف وغايات لخدمه أجيال قد لا يسعفهم العمر لرؤيتهم ، أمّا من يعيشون خارج هذا الإطار فيكتفون بالأحلام ، وانتظار ما سينتجه هؤلاء المنهمكين بين تلال الكتب يستنزفون أعمارهم من أجل إكمال معلومه قد يعيش لإثبات صحتها أو نفيها . فالقناعة فى المعرفة لا تُعارض الطموح ، القناعة هي حدود الممكن للطموح ، و لعل النقوش التى وجدت على قبر إسحاق نيوتن الملقب ب "رجل التفاحة والجاذبية الشهير" في كنيسة وستمنستر بالعاصمة البريطانية لندن تلمح إلى أن هذا الرجل قدم عجائب وخدمات عظيمة للبشريه ولم يتوقف يومًا عن التأمل والتنظير . حيث أظهرت النقوش إن نيوتن كان سبب فى فرحة البشرية كلها ، و لم يسبق أن عاش رجل عظيم مثله في تاريخ السباق العلمي البشري ، وأنه يعد زينة العلم الإنساني وفخره كله . نيوتن كان ينتمى لأسرة فقيرة ، فهو أبن أحد المزارعين غير المتعلمين ، وقد تُوفي وهو موسوعة حقيقيه متعددة الجوانب الثقافية ، فقد حاز على درجات الماجستير في كل من علم الفلك ، والكيمياء والرياضيات والفيزياء وعلم اللاهوت.

ولم يترك بابًا للعلم وخدمه البشريه إلا طرقه . فبجانب قانون الجاذبيه الذى اكتشفه ، تمكن نيوتن من اكتشاف نظرية ذات الحدين ، ونظرية متعددة الحدود ، وقرّب القيم الجزئية للمتسلسلة المتناسقة باللوغاريتمات . نشر نيوتن نظريته عن الألون وقوس قزح ، وقانون نيوتن المدارى ، وأدى فضوله الذي كان يُميز به أن لا نهاية لمعالجة المشكلات حتى وأن كانت ضئيلة مثل القطط التي تتبول على السجاد كما كان مبالغًا إلى درجة بحثه عن الهدف النهائي للبشرية في هذا الكون.

لكن لم يُصيب عبقري القرن السابع عشر عندما قال إن الطريقة الأفضل لعلاج الطاعون هى تعليق ضفدع طين من ساقيه في مدخنة لمدة ثلاثة أيام ، وتجميع قيئه مع الحشرات الكثيرة التي يحتوي عليها على طبقٍ من الشمع الأصفر ، ثم جمع مسحوق ضفدع الطين مع فضلاته لصنع أقراص تُوضع بالقرب من المنطقة المصابة وتقضي على العدوى ، و كانت هذه الملاحظات التى دونها عن الطاعون ذات منطقية إلى حد ما ، غير أن علاجه للعدوى كان أقل منطقية وتزايدت حالات الوفيات نتيجه الطاعون وبالرغم من ذلك بيعت ملاحظات اقتراح نيوتن لعلاج الطاعون بالمزاد العلني وتراوح ثمنها بين 80 و 120 ألفًا . وقد عرضت - بدار المزادات الدولية Bonhams للفنون الجميلة والتحف - تلك الوثائق التاريخية للبيع عبر الإنترنت فى يونيو الماضى . 

وفي الوقت الذي كان فيه نيوتن يتخيل فيه علاج للطاعون ، أو يحاول معرفة ما يحمله الكون من ألغاز ، كان يُشغِل عقله الجبار في بعض المشاكل الأخرى ،ليؤكد أن الفشل ليس نهاية المطاف والخطأ ليس ذريعة للتقوقع ، المهم أن لا تُسلب ثقتك فى نفسك وأن الإنسان ليس فاشلًا ، ولكن الفشل أن يبقى حيث سقط.
و فكر فى الطرق التي تجعلنا نحافظ على أبواب المنزل دون خدوش والتى تتسبب فيها القطط... ! 

نيوتن لم يتزوج ، وكان يملك عددًا قليلًا من الأصدقاء لكنه قام بإفساح المجال في حياته للقطط والكلاب. 
قصة هذا الاختراع جاءت نتيجة تجارب نيوتن في جامعة كامبريدج ، التي كانت تتوقف بإستمرار بسبب القطط التي تخدش باب مكتبه لذلك استدعى النجار وأخبره بعمل ثقبين ، ثقب واسع للقطة الأم وآخر لصغيرها. وبطبيعة الحال كانت تمر جميع القطط الصغيرة والكبيرة عبر الثقب الأكبر ، فظل الثقب الأصغر دون استخدام. و من هنا فإن نيوتن كان هو المسؤول عن اختراع أحد أهم الإضافات المميزة للحيوانات ، وهي الفتحات التي توجد في الأبواب لعبور القطط والكلاب والتي لا يخلو منها بيت تقريبًا في الولايات المتحدة وأوروبا ... 

نيوتن يخطئ ويصيب رغم أنه نابغة عصره ، نيوتن أخطأ فى علاج الطاعون ولكن محاولاته الفاشله قدرت بآلاف الدولارات . نيوتن أخطأ فى ذلك الثقب الصغير ولكن الناس فى عصره لم يروا هذا الخطأ بسبب عبور القطط من الثقب الواسع وتحقيق الغرض . نيوتن نجح لأنه لم يجد من يسبقه بخطوة ، الفشل هنا كان مفتاح لأبواب النجاح حتى لو بالصدفه وربما يكون الفشل أحيانًا صديقي وصديقك وصديق الجميع لكن المهم ألا يكون صديقك الوحيد...

وأخيرا ماذا لو كان نيوتن حى يرزق فى أيامنا بهذا العقل ... ! تُرى ما كان سيقوم بتجفيفه للقضاء على هذا الوباء القاتل هل كان سيصيب ... أم سيدخل الجميع من الثقب الواسع وننسى تلك الثغرة الصغيرة ... ؟

-