قررت النيابة الإدارية إحالة رئيس منطقة الفيوم الأزهرية ومدير الإدارة الهندسية بالمنطقة والمدير القانوني بالوحدة المحلية لمركز ومدينة الفيوم للمحاكمة التأديبية العاجلة بتهمة الإضرار بممتلكات الأزهر.
أكد تقرير الإتهاِم في القضية رقم 64 لسنة 62 قضائية عليا أن المحالين الثلاثة خرجوا على مقتضى الواجب الوظيفي، ولم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة ولم يحافظوا على ممتلكات الوحدة التي يعملون بها
وكشفت التحقيقات أن رئيس منطقة الفيوم الأزهرية أصدر تفويض للمحال الثاني لاتخاذ إجراءات التنازل عن مساحه ٢١ قيراط بمحافظة الفيوم المملوكة للأزهر الشريف لصالح مجلس مدينة الفيوم لاستخدامها شارع بعرض ٢٥ متر للمنفعة العامة دون الرجوع الي السلطة المختصة المتمثلة في فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر أو وكيله مما ترتب عليه الإضرار بممتلكات الأزهر الشريف.
وأكدت النيابة الإدارية أن المحال الثاني مدير الإدارة الهندسية بمنطقة الفيوم الأزهرية اتخذ إجراءات التنازل المشار إليه دون الحصول على موافقة السلطة المختصة مما ترتب عليه الإضرار بممتلكات الجهة التي يعمل بها.
وتضمن تقرير الاتهام أن مدير الشئون القانونية بالوحدة المحلية لمركز ومدينة الفيوم وافق قبل إحالته للمعاش على إقرار التنازل المحرر بمعرفة المحال الثاني دون الرجوع للسلطة المختصة أو التحقق من كون الواهب مفوض منها من عدمه، أو أن على الأرض الموهوبة حقوق للغير مما ترتب عليه تجريف جزء من تلك الأرض التي كانت مؤجرة للمواطن ناصر أحمد سعد والاضرار بممتلكات الأزهر.
والقصد الجنائي في جريمة الإضرار بالمال العام هو اتجاه إرادة الموظف العام الجاني إلى الإضرار بالأموال أو المصالح المعهودة إليه ، فلا تقع الجريمة بسبب الإهمال ، بل يجب أن يثبت بما لا يدع مجالًا للشك أنه أراد هذا الضرر وعمل من أجل إحداثه ، ويتعين عدم الخلط بين الخطأ الجسيم وبين الغش ، إذ إن كلًا منهما يمثل وجهًا للإجرام يختلف عن الآخر اختلافًا تامًا ويناقضه ، فالخطأ هو جوهر الإهمال والغش هو محور العمد ، وإن جاز اعتبارهما صنوين في مجال المسئولية المدنية أو المهنية ، إلا أن التفرقة بينهما واجبة في المسئولية الجنائية.
يؤكد ذلك أن المشرع أدخل بالمادة ١١٦ مكررًا عقوبات جريمة الإضرار العمدي في التعديل ذاته الذى استحدث به جريمة الإهمال الجسيم ، فاستلزم الغش ركنًا معنويًا في الجريمة الأولى ، واكتفى بالخطأ الجسيم ركنا في الجريمة الثانية .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيان واقعة الدعوى على ما مجمله أن الطاعن بصفته رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون تعاقد على شراء أعمال فنية بدون عرضها على اللجنة التى أوجب قرار رئيس مجلس الأمناء موافقتها على التعاقد ، وأن لجنة فنية قدرت أن الثمن في العقود مغالى فيه ويزيد عن الثمن الذى قدرته لها ، ونتج عن ذلك خسارة الاتحاد الفارق بينهما ، مما أضر بأمواله ، وأورد الحكم نص المادة ١١٦ مكررًا من قانون العقوبات.
وبعد أن بيَّن وشرح أركان جريمة الإضرار العمدي المجرمة به ، اقتصر في التدليل على قصد الإضرار لدى الطاعن ، واطراح دفعه بتخلفه على قوله : المتهم قد أضر عمدًا بأموال الجهة التي يعمل بها لكونه موظفًا عامًا وأتى فعلًا أضر بأموال الجهة التي يعمل بها ، وهى اتحاد الإذاعة والتلفزيون ، وكان هذا الذى أورده الحكم واتخذ فيه من تعاقد الطاعن لشراء بعض الأعمال الفنية بثمن مغالى فيه ، وبالمخالفة لقرار رئيس مجلس الأمناء بوجوب موافقة لجنة حددها على تلك العقود ، لا يسوغ به التدليل على توافر قصد الإضرار لدى الطاعن ، بمعنى انصراف نيته إلى إلحاق الضرر بالأموال العامة التي يتصل بها بحكم وظيفته ، هذا فضلًا عن أن الحكم لم يتفطن لدفاع الطاعن أمام محكمة الموضوع بأن إبرامه العقود كان في إطار سلطته التقديرية.
وأنه لم يكن ملزمًا بالحصول على موافقة لجنة من مرؤوسيه ، وأن قصده كان الصالح العام لا الإضرار به ، وأن اللجنة الفنية قد قدرت قيمة الأعمال محل التعاقد لذاتها غافلة عن قيمة الإعلانات المصاحبة لها ، وعن قيمة تشغيلها اللاحق ، وهو دفاع يعد في الدعوى المطروحة دفاعًا جوهريًا ، كان على محكمة الموضوع أن تمحص عناصره وتستظهر مدى جديته ، وأن ترد عليه بما يدفعه إن رأت الالتفات عنه .