قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

في ذكرى رحيله.. جلال الدين الرومي تأثر بـ «أسرار نامه».. وحزن على موت «التبريزي»


تركت أشعار ومؤلفات جلال الدين الرومي، الذي تحل اليوم ذكرى رحيله، والتي كتبت أغلبها باللغة الفارسية وبعضها بالعربية والتركية، تأثيرًا واسعًا في العالم الإسلامي وخاصة على الثقافة الفارسية والعربية والأردية والبنغالية والتركية، وفي العصر الحديث ترجمت بعض أعماله إلى كثير من لغات العالم، ولقيت صدًى واسعًا جدًا إذ وصفته البي بي سي سنة 2007م بأكثر الشعراء شعبية في الولايات المتحدة.

ولد الرومي، في منطقة بلخ في خراسان وما يعرف حاليًا بأفغانستان في 30 سبتمبر 1207م، ويَعتقد بعض أتباعه أنه ولد في مدينة صغيرة تسمى واخش في طاجيكستان الحالية، وحينها كانت بلخ تابعة لإمبراطورية الخوارزم الخرسانية، وكانت عائلته تحظى بمصاهرة البيت الحاكم في "خوارزم"، وكانت أمه مؤمنة خاتون ابنة خوارزم شاه علاء الدين محمد، وكان والده بهاء الدين يلقب بسلطان العارفين لما له من سعة في المعرفة والعلم بالدين والقانون والتصوف.

وعند قدوم المغول، هاجرت عائلته هربًا إلى نيسابور، إذ التقى الرومي هناك الشاعر الصوفي فريد الدين العطار، الذي أهداه ديوانه أسرار نامه والذي أثر على الشاب وكان الدافع لغوصه في عالم الشعر والروحانيات والصوفية، ومن نيسابور سافر مع عائلته وهناك لقب بجلال الدين، ثم تابعوا الترحال إلى الشام ومنها إلى مكة المكرمة رغبة في الحج، وبعدها، واصلوا المسير إلى الأناضول واستقروا في كارامان لمدة سبع سنوات حيث توفيت والدته، وتزوج الرومي بجوهر خاتون وأنجب منها ولديه: سلطان ولد وعلاءالدين شلبي، وعند وفاة زوجته تزوج مرة أخرى وأنجب ابنه أمير العلم شلبي وابنته ملكة خاتون.

وفي عام 1228م توجه والده إلى قونية عاصمة السلاجقة بدعوة من علاء الدين كيقباد حاكم الأناضول واستقروا بها حيث عمل الوالد على إدارة مدرستها، تلقى جلال الدين العلم على يدي والده، ويدي الشيخ سيد برهان الدين محقق من بعد وفاة والده لمدة 9 سنوات ينتهل علوم الدين والتصوف منه، وفي عام 1240م توفي برهان الدين فانتقل الرومي إلى مزاولة العمل العام في الموعظة والتدريس في المدرسة، وخلال هذه الفترة توجه الرومي إلى دمشق، وألتقى فيها الشيخ محي الدين بن عربي صاحب كتاب الفتوحات المكية وأهداه بعض أعماله العربية، وقضى فيها أربع سنوات حيث درس مع نخبة من أعظم العقول الدينية في ذلك الوقت، بمرور السنين تطور جلال الدين في كلا الجانبين: جانب المعرفة وجانب العرفان.

وفي عام 1244م وصل إلى مدينة قونية الشاعر الصوفي شمس الدين تبريزي، باحثًا عن شخص يجد فيه خير الصحبة وقد وجد في الرومي ضالته، ولم يفترق الصاحبان منذ لقائهما حتى إن تقاربهما ظل دافعًا لحسد الكثيرين على جلال الدين لاستئثاره بمحبة القطب الصوفي التبريزي، وفي عام 1248م اغتيل التبريزي ولم يعرف قاتله ويقال أن شمس الدين التبريزي سمع طرقًا على الباب وخرج ولم يعد منذ ذلك الحين.

وحزن الرومي على موت التبريزي وأحبه حبًا عميقًا خلف وراءه أشعارًا وموسيقى ورقصاتٍ تحولت إلى ديوان سماه ديوان شمس الدين التبريزى أو الديوان الكبير.

وحتى مماته كان الرومي يقدم المواعظ والمحاضرات إلى مريديه ومعارفه وللمجتمع، ووضع معظم أفكاره في كتب بطلب من مريديه وتوفي في 17 ديسمبر 1273م وحمل نعشه أشخاص من ملل خمسة إلى قبر بجانب قبر والده وسمى أتباعه هذه الليلة بالعرس وما زالوا يحتفلون بهذه الليلة إلى الآن.

وكان الرومي يستعمل الموسيقى والشعر والذكر كسبيل للوصول إلى الله، فالموسيقى الروحية بالنسبة له تساعد المريد على تعرف الله والتعلق به، ومن هذا المنطلق تطورت فكرة الرقص الدائري التي وصلت إلى درجة الطقوس، وقد شجع الرومي على الإصغاء للموسيقى فيما سماه الصوفية السماع، فيما يقوم الشخص بالدوران حول نفسه، فعند المولويين الإنصات للموسيقى هو رحلة روحية تأخذ الإنسان في رحلة تصاعدية من خلال النفس والمحبة للوصول إلى الكمال.

وبعد وفاة الرومي حول ابنه سلطان ولد تعاليم أبيه إلى سلوك للمريد، والذي عُرف بالطريقة المولوية، وانتشرت هذه الطريقة في مختلف أصقاع العالم الإسلامي، ولقيتْ صدًى واسعًا في العالم الغربي في العصر الحديث.

وكانت لمؤلفات جلال الدين الرومي، التأثير الكبير في الأدب الفارسي والتركي والعربي والأردي، كما أثر في التصوف.

كما غنى نجوم موسيقى بوب غربيون مثل مادونا ترجمات أشعار الرومي لتعظيمه قوة الحب، واعتقاده في الفائدة الروحية للموسيقى والرقص.

وتعتبر "قواعد العشق الأربعون"، من أبرز الأدلة على تأثير جلال الدين الرومي في الثقافة الحديثة والمعاصرة، وواحدة من أبرز وأشهر الروايات الحديثة استمدت أحداثها من السيرة الذاتية للصوفي الشهير، وهي رواية (قواعد العشق الأربعون) للكاتبة التركية ألف شفق، وتدور أحداث الرواية في خطين متوازيين أحدهما يدور حول علاقة الصداقة التي ربطت بين جلال الدين الرومي وشمس الدين التبريزي، كما تبرز الرواية جانبًا من تعاليم وأفكار الرومي الصوفية، صدرت الرواية في عام 2010م وحققت نجاحًا مدويًا حيث وصل عدد النسخ المبيعة منها في تركيا إلى أكثر من مليون نسخة، وفي الأعوام التالية تم ترجمة الرواية إلى العديد من اللغات الحية، وتصدرت الرواية قوائم الكتب الأكثر مبيعًا في العديد من الدول حول العالم.