"كُتاب الشيخ على".. 170 عامًا بجدرانه القديمة يقاوم العوامل الجوية ويعانى من تراجع حفظة القرآن الكريم.. أحفاد مؤسسيه تعاهدوا على رعايته حتى الممات
أكثر من 170 عامًا مضت على إنشاء " كُتاب الشيخ على" المبنى بشكل تقليدي من الطوب اللبن، لكنه مازال قائماً يقاوم العوامل الجوية التى بدأت تنال من بنيانه يوماً بعد آخر، ليظل شاهداً على فترات زمنية هامة فى تاريخ مصر عامة و محافظة قنا ومركز قفط خاصة.
الأزمة التى يواجهها "كُتاب الشيخ على" الكائن بقرية الكلاحين التابعة لمركز قفط، ليس فى تعرض جدرانه للتلف كما يظن البعض، لكنها تتجسد فى حرمانه من أبنائه الذين يقصدونه لحفظ القرآن الكريم و تدارس معانيه، بل واختفائهم فى الفترة الأخيرة، بعدما ظل لفترة قاربت قرنين من الزمان يشهد توافد عشرات الأجيال و آلاف الأطفال.
حكاية الكتاب الذى مازال قائماً منذ 170 عاماً ليست هى الوحيدة التى تستحق أن يكتب عنها، فوراء الكُتاب قصص وروايات أشبه بالدرامية، تجسد سنوات وعقود من التاريخ الحافل للكُتاب الذى خرج أجيالا ذهبية من حفظة القرآن الكريم، فالقائمين على الكتاب مازالوا يخصصون وقت الصباح يومياً للبقاء فى المكان حتى و إن لم يقصده أحد.
آخر من تعاهد على البقاء فى الكتاب حتى آخر يوم فى العمر، هو الشيخ عبدالعزيز عبدالصبور محمد، والذى يلقب نفسه بخادم القرآن الكريم، فمع بزوغ شمس الصباح من كل يوم يتوجه إلى الكتاب الذى يبعد عن منزله مسافة ليست قريبة، ويظل متواجداً حتى آذان الظهر تنفيذاً لعهد قطعه على نفسه مع جده الراحل.
قال الشيخ عبدالعزيز عبدالصبور محمد حامد، الكتاب أنشىء تقريباً عام 1871 ميلادية، وتكفلت به سيدة تدعى وصيفة اسماعيل رحمة الله عليها، وبعدها تولى جدى لوالدتى و أحفاده رعاية شئون الكتاب وتحفيظ الراغبين فى حفظ القرآن الكريم، وتوارثت هذا الأمر عنهم، وكان الكتاب فى بداية إنشاءه كما روى لى جدى و أبى يقصده الكثير من طلاب العلم من بلاد كثيرة.
و تابع عبدالصبور ، خلال هذه الفترة التى قاربت على قرنين من الزمان تخرج من الكتاب الآلاف من حفظة القرآن الكريم، كما توارد على مهمة التحفيظ الكثير من العلماء الأجلاء والذين ذاع صيتهم فى المنطقة خلال العقود الماضية، و مازالت أسمائهم تتداول بكل خير لجميل صنيعهم خلال حياتهم وسيرتهم العطرة فى تحفيظ الكثير من الأجيال.
واستطرد الشيخ ، جدى رحمة الله عليه وصانا جميعاً على" الكتاب" قبل أن يتوفاه الله، لذلك تعاهدنا جميعاً على رعاية المكان والعمل على تنظيفه وتهيئته لاستقبال القاصدين، لكن منذ سنوات تصل لحوالى 14عاماً لم يعد الكتاب مقصداً كما كان من قبل، قد يكون ذلك لبعد المكان، لكننى على العهد وحتى آخر يوم فى عمرى، سأظل متواجداً بشكل يومى فى المكان.
و أضاف عبدالصبور، المبنى الحالى على وضعه القديم لم يطرأ عليه أى تغيير أو تعديل منذ إنشاءه عام 1871 م، ولا ننوى إجراء أى تعديلات، فقد تعاهدنا أن نحافظ عليه ونقوم على رعاية شئونه، كما أن تصميمه القديم يمثل أهمية وقيمة تاريخية يدركها جيداً من يعلم تاريخ وقيمة هذا المكان.
و أشار عبدالصبور، إلى أن أسعد الأوقات يقضيها خلال تحفيظ القرآن الكريم للأطفال ويتمنى أن تعود هذه الأيام كما كانت عندما تخرج على يديه الكثير من طلاب الأزهر الشريف، مضيفاً لكن الكتاتيب بشكل عام، لم تعد موجودة كما كانت من قبل، و حدث تراجع كبير فى أعداد الحافظين لكتاب الله، نتيجة تطور الحياة و انشغال أولياء الأمور عن تحفيظ أبنائهم القرآن الكريم.