الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الذكرى الـ 1399 ميلادية.. مواقف لا تعرفها عن رحلة النبي إلى المدينة

الهجرة
الهجرة

ذكرى الهجرة النبوية الشريفة ورحلة النبي إلى المدينة.. تحل اليوم الثلاثاء، الحادي والعشرون من شهر سبتمبر، ذكرى الهجرة النبوية الشريفة ورحلة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وصحبه أبا بكر الصديق إلى المدينة، والتي يمر عليها نحو 1399 سنة ميلادية، حيث يحتفي المسلمون بذكراها خلال شهر الله المحرم كموافق هجري على بداية التقويم الهجري، إلا أنها لم تحدث في هذا الشهر.

التأريخ الهجري

أكدت دار الإفتاء المصرية، أن الهجرة النبوية كانت في شهر ربيع الأول وليست في المُحَرَّم، مشيرة إلى أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وصل إلى المدينة في شهر ربيع الأول، لكن جُعِل شهر المحرم بداية العام الهجري لأنه كان بداية العزم على الهجرة.

واستدلت الإفتاء في فتوى لها، بقول الحافظ ابن حجر في كتاب «فتح الباري" (7/ 268، ط. دار المعرفة): «وَإِنَّمَا أَخَّرُوهُ -أي التأريخ بالهجرة- مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ إِلَى الْمُحَرَّمِ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْعَزْمِ عَلَى الْهِجْرَةِ كَانَ فِي الْمُحَرَّمِ؛ إِذِ الْبَيْعَةُ وَقَعَتْ فِي أَثْنَاءِ ذِي الْحِجَّةِ وَهِيَ مُقَدِّمَةُ الْهِجْرَةِ، فَكَانَ أَوَّلُ هِلَالٍ اسْتَهَلَّ بَعْدَ الْبَيْعَةِ وَالْعَزْمِ عَلَى الْهِجْرَةِ هِلَالُ الْمُحَرَّمِ، فَنَاسَبَ أَنْ يُجْعَلَ مُبْتَدَأً. وَهَذَا أَقْوَى مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ مُنَاسَبَةِ الِابْتِدَاءِ بِالْمُحَرَّمِ».

حدث فريد في تاريخ البشرية

أكدت دار الإفتاء المصرية، أن الهجرة النبوية ورحلة النبي إلى يثرب تمثل حدثًا فريدًا في تاريخ البشرية يتجاوز حدود الزمان والمكان، فقد احتوت على المعاني الإيمانية والإنسانية العظيمة ومظاهر الرحمة الإلهية.

 وأوضحت الدار أن أحداث الهجرة النبوية المشرفة أكدت على أهمية حسن الظن بالله والتوكل عليه وتجريد الإخلاص له سبحانه، وإظهار أهمية التخطيط والأخذ بالأسباب وعدم إهمال السنن الكونية في تحقيق الأهداف، مشيرة إلى أن الهجرة النبوية أرشدتنا إلى أهمية هجرة المعاصي، ومخالفة الهوى، وترك العادات المذمومة، والعمل على تقوية إرادة الإنسان وعزيمته.

ولفتت إلى أن الهجرة النبوية أظهرت منزلة حب الوطن وألم مفارقته، وأنتجت قيم العمل والمثابرة والتعاون والتآخي والصبر لبناء المجتمع، والتعايش والمحبة مع الآخر واحترام العقائد.

معجزة الهجرة الحقيقية

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن اختفاء الجمال الثلاثة أثناء الهجرة النبوية ورحلة النبي إلى يثرب التي كان يركبها سيدنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر الصديق –رضى الله عنه- وعبد الله بن أريقط -غير المسلم- الذي كان دليل الرسول وصاحبه في الهجرة عن أعين المشركين، هو المعجزة الحقيقية في هجرة النبي إلى المدينة المنورة. 

وأكد "جمعة"، في فتوى له، أن كتب السيرة النبوية لم تتعرض إلى هذه المعجزة ولم يعرف أحد أين ذهبت الجمال الثلاثة وكيفية اختفائها عن أعين المشركين. 

وتابع: إن ما وجد في السيرة النبوية، هو أن عامر بن فهيرة خادم أبو بكر الصديق كان يمشي وراء الجمال الثلاثة التي كان يركبها النبي وصاحبه ودليلهما حتى يمحو آثارهم وكي لا يعرف المشركون مكانهم.

ولفت "جمعة"، إلى أن الهجرة النبوية ليست مجرد حادثة تاريخية ولا واقعة وقعت في السيرة النبوية بقدر ما هي تغيير للأفكار والسلوك إلى ما هو الأفضل وإلى الحق. وألمح مفتي الجمهورية السابق، إلى أن الهجرة النبوية كانت حادثة غيرت وجه العالم وغيّرت واقعه وكانت بداية خير ورحمة للعالمين، مشيرًا إلى أنها امتلأت بالعديد من الدروس، ووسعت المعاني لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ».

ونوه بأن الهجرة لم تعد الانتقال من مكة إلى المدينة، ولم تعد الانتقال من دار غير آمن إلى دار فيه آمن كهجرة الحبشة، بل انقطعت الهجرة بقيام الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، ولكن النبي -صلى الله عليه وسلم - كان دائمًا يعلمنا أن نفهم الأمور بسعتها، وقال الرَسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُهَاجِرُ مِنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ».

دروس من الهجرة ورحلة النبي إلى يثرب

عرض مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية من خلال صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، 9 دروس من الهجرة جاءت كالتالي:

1- ثبات وتسليم: حيث تمكن الإيمان من قلوب المؤمنين الأوائل، حتى سهل عليهم البذل والتضحية بكل شيء في سبيل الثبات على دينهم، وهان عليهم إيذاء المشركين لهم، بل منهم من بذل روحه في تسليم كامل لله ورضي عنه سبحانه، مثل سيدتنا سمية وزوجها سيدنا ياسر والدي الصحابي الجليل عمار رضي الله عنهم أجمعين. 

2- عطاء مع شدة الحاجة: رغم الحصار الاقتصادي الذي واجهه السابقون إلى الإسلام قبل الهجرة، إلا أنهم تحملوا وثابروا واستكملوا طريق الإيمان والثبات، مع معاناة الإيذاء والاضطهاد، وشدة الحاجة، وضحوا بديارهم وأموالهم.

3- هم الصادقون: صدق المهاجرين مع الله تعالى حملهم على الهجرة إلى المدينة تاركين ديارهم وأموالهم وأهليهم وبلادهم في سبيل التمسك بدينهم مع أن العيش في نعيم الوطن والمكوث بين الأهل والولد والتمتع بالأموال مما جبلت على محبته النفوس لكنهم:" رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ".

4- بيعة الأنصار: آمن الأنصار بالله سبحانه وبايعوا الرسول بيعتي العقبة الأولى والثانية على السمع والطاعة والنصرة، وعلى أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأولادهم، فوفّوا بعهدهم وصدقوا في بيعتهم.

5- استقبال حافل: فرح الأنصار بمقدم رسول الله عليهم، واستقبلوه على مشارف المدينة استقبالا حافلا، وعبروا فيه عن صدق إيمانهم، وإخلاص حبهم ووفائهم ورجا كل واحد منهم أن ينزل النبي في داره، فلما بركت ناقته في حي بني النجار أخوال أبيه نزل عندهم.

6- حب العطاء والإيثار: حين وصل المهاجرون إلى المدينة لم ينزلوا في بيوت مستقلة أو مخيمات جماعية، بل فتح لهم الأنصار بيوتهم، وشاركوهم أموالهم ومتاعهم، وقاسموهم كل شيء: "وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا".

7- أنصار الله: لم يقتصر عطاء الأنصار ونصرتهم للنبي ودينه على مواقف الهجرة المضيئة، بل وقفوا إلى جوار النبي في كل موقف وشهدوا معه.

8- حب النبي للأنصار: قابل النبي إحسان الأنصار بالإحسان وبادلهم حباً بحب، وكافأهم على نصرتهم، وأجزل لهم الثناء والدعاء.

9- رضي الله عنهم: تبوأ المهاجرون والأنصار مكانة عليا في الإسلام، لبذلهم وجهادهم وصدقهم وعطائهم الذي لا مثيل له فنالوا رضا الله ورسوله ونزل القرآن عليهم بالثناء فقال تعالى: "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّات النَّعِيم".