بلومبرج:
- الكاظمي أقوى من أي وقت مضى لمواجهة الميليشيات الإيرانية
- إذا استطاع الكاظمي حشد ما يكفي من الدعم الداخلي والدولي فستكون هناك فرصة لمواجهة الميليشيات دون إطلاق رصاص
- محاولة قتله تعطي الكاظمي التبرير ليأمر بقمع الميليشيات
قالت وكالة "بلومبرج" الأمريكية إن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي كان محظوظًا بالنجاة من محاولة الاغتيال التي تعرض لها منذ أيام، مشيرةً إلى إنه إذا استطاع حشد ما يكفي من الدعم الداخلي والدولي فستكون هناك فرصة لمواجهة المليشيات دون إطلاق رصاص.
ولففت الوكالة في تقرير لها نشرته، أمس، إلى إن الكاظمي أصيب بجرح خفيف حيث ظهر معصمه الأيسر مغطى بضمادة كما تبين خلال كلمته عبر التلفزيون، إثر الهجوم. لكن رغم دعوته العراقيين إلى الهدوء وضبط النفس، لم يستطع الكاظمي إخفاء الجرح الخطير الذي لحق بالجسم السياسي العراقي. ولا يجب أن يحاول.
ومنذ تعيينه في مايو 2020، حاول الكاظمي التوصل إلى تسوية مع الميليشيات المدعومة من إيران، والتي تفسد النظام الديموقراطي الهش في العراق. والآن عليه مواجهتها وسادتها في طهران.
وقالت "بلومبرج" إن محاولة قتله تعطي الكاظمي التبرير ليأمر بقمع الميليشيات، وهو قمع كان يجب أن يحصل منذ زمن طويل. لا يمكن التشكيك كثيراً في أن الهجوم كان من صنع واحدة من أدوات إيران.
من بين مجموعات مسلحة متعددة في العراق، فإن هذه الميليشيات وحدها يمنها الوصول إلى الطائرات دون طيار التي توفرها إيران لتستخدمها في العالم العربي، بدءاً من بيروت وصولاً إلى اليمن.
في العراق، استخدمت الميليشيات الموالية لإيران الطائرات دون طيار الإيرانية لمهاجمة القواعد العسكرية التي تؤوياً أمريكيين. وشنت أيضاً هجمات بطائرات دون طيار، على مناطق في عمق السعودية انطلاقاً من منشآت عراقية.
لكن الكاظمي الذي يخشى معاداة طهران كان يكره إعلان المجموعات المسؤولة عن تلك الهجمات، ناهيك عن إدانة داعميها. حيث يرى التقرير أنه إذا تمكن الكاظمي الآن من استجماع الشجاعة لاتهام المذنبين وقادتهم، فسيكون بإمكانه الاعتماد على سلاح سياسي قوي كان ينقصه حتى الأمس القريب، دعم مواطنيه.
وقال: "لقد تعب العراقيون منذ فترة طويلة من تدخل إيران الخبيث في شؤونهم، وحثوا قياداتهم السياسية على مواجهة وكلائها مثل كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق، ومنظمة بدر التي ترهب المدنيين بصورة اعتيادية، وتبتز المشاريع للحصول على الأموال، وتقتل الناشطين الحقوقيين".
وأكدت "بلومبرج" أن إخفاق الكاظمي في تقييد نفوذ الميليشيات ساهم في تزايد اليأس بين العراقيين العاديين والذي ظهر في انخفاض نسبة الاقتراع في الانتخابات التشريعية في الشهر الماضي.
وأشارت إلى أن هناك إحباطاً لدى الجيش العراقي أيضاً، وهو الذي يواجه خطر حلول الميليشيات مكانه، فيما هناك قلق متصاعد في عواصم عربية أخرى، وفي واشنطن، من استخدام طهران تلك المجموعات لقيادة السياسة في العراق، بشكل كامل.
وقال التقرير إن "سياسياً ماهراً قد يكون قادراً على تحويل اليأس والإحباط والقلق إلى جهد منسق ضد مصدره. بالنسبة إلى الكاظمي، هنالك زخم إضافي، فمحاولة الاغتيال توحي بأن الميليشيات لم تعد راضية عن تملقه وتريده بعيداً من دربها".
وشدد التقرير على أن رئيس الوزراء العراقي سيكون بحاجة إلى المساعدة الخارجية أيضاً. يستلزم الأمر جهداً دولياً للضغط على طهران لتكبح جماح وكلائها، واضطرار الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني إلى نفي المسؤولية عن محاولة الاغتيال، يظهر أنه يشعر بدرجة من الإحراج، على الأقل ما يعطي دولاً أخرى هدفاً للعمل عليه.
إن طهران حريصة على مواصلة محادثاتها مع الذين تعاديهم تقليدياً، ولدى العرب الآن فرصة للضغط على الإيرانيين لتقييد أتباعهم أو على الأقل التراجع بينما يتولى الجيش العراقي بمهمته. وإذا استطاع الكاظمي حشد ما يكفي من الدعم الداخلي والدولي فستكون هناك فرصة لمواجهة الميليشيات دون إطلاق رصاص.
لكن السيناريو الأكثر احتمالاً حسب "بلومبرج"، هو إراقة الدماء، فللميليشيات تدريب وأسلحة إيرانية. لكن الجيش العراقي أكثر من قادر على هزيمتها، بعدما أظهر مهاراته القتالية ضد داعش، وبفضل تمتعه بدعم وأسلحة غربية. إن المواجهة حتمية وفق التقرير. ويد الكاظمي المغطاة بضمادة قد تكون اليوم في قوتها القصوى بعد محاولة اغتياله.