الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عقد الـ30 يونيو يكتمل.. كيف قادت الدولة مسيرة الإصلاح السياسي خلال 10سنوات؟

ثورة 30 يونيو
ثورة 30 يونيو

اكتمل عقد ثورة الـ 30 من يونيو التي استطاعت عبر إرادة شعبية أن ترسم ملامح الجمهورية الجديدة، وتضع مصر على مسار الإصلاح الحقيقي الذي يستهدف في المقام الأول مصلحة الوطن، والارتفاء بحياة المواطنين في شتى المجالات، سياسا واقتصاديا واجتماعيًا.

وكان الإصلاح السياسي أحد تلك الأهداف التي مهدت ثورة الـ 30 من يوينو الطريق إليها ورسمت ملامحه هذا الإصلاح بعد فتح المجال العام، في الوقت الذي استطاعت الدولة التخلص فيه من شبح الإرهاب، واقتلاعه من جذوره، بتضحيات قواتنا المسلحة والشرططة المصرية الباسلة.

ثورة 30 يونيو، التي أطلق عليها «ثورة التصحيح» أفرزت قيادة سياسية حكيمة، استطاعت أن تنطلق بالمجال السياسي من سيطرت وهيمنة طيف سياسي واحد، إلى تعددية حقيقية عكسها التمثيل النوعي الذي يميز مؤسسات الدولة، وبالأخص المؤسسة التشريعية، التي يضمها برلمانها 13 حزبًا على اختلاف توجهاتهم وإيدلوجياتهم.

لكن كيف قادت الدولة المصري خلال الـ 10 سنوات الماضية، عملية الإصلاح السياسي؟.

لم يكن التحول من التحديات الأمنية ومحاربة الإرهاب المتجذر في مناطق عدة ومتفرقة تمس الأمن القومي المصري، إلى الإصلاح والتشاركية السياسية بالأمر السهل، إذا كان على الدولة أن ترسخ لمؤسساتها في البداية ثم تنطلق بعدها عملية الإصلاح السياسي، من خلال المحددات الدستورية والرضية الوطنية المشتركة التي يعمل الجميع عليها.

الحوار الوطني والإصلاح السياسي الشامل

عكست دعوة الرئيس السيسي، التي أطلقها في شهر أبريل من عام 2022، جهود متأصلة على مدار 10 سنوات، من أجل تهيئة المناخ لإصلاح سياسي يجمع مكونات المجتمع المصري بجميع اختلافاته، شريطة الاعتراف بالدستور وعدم التورط في أي أعمال عنف أو الانتماء لجماعات محظورة.

وعكست كلمة الرئيس السيسي خلال الدعوة للحوار الوطني، عندما صرح صرح بأنه يدعو إلى حوار سياسي يشمل لتحديد أولويات العمل الوطني، وكذلك مواقفه المتعاقبة، حرصه على إنجاح هذ الحوار والتحول إلى الإصلاح المنشود من جانب كل القوى الوطنية.

كما أن الموضوعات والملفات التي يناقشها لمحور السياسي، تبلور عملية الإصلاح الذي نسير نحوه، والتي تتمثل في إعادة الدور الفاعل للأحزاب مرة أخرى، إضافة إلى التأسيس لنظام انتخابي يضمن التعددية، وكذلك الملفات الأخرى المتعلقة بقانون حرية تداول المعلومات وبحقوق الإنسان والعفو الرئاسي، والتي عززت الملف الحقوقي وأعطت الثقة للأطراف الفاعلة والمهتمة بالعمل العام.

العفو الرئاسي وتعزيز الملف الحقوقي

تعتبر لجنة العفو الرئاسي، أحد المبادرات الرئاسية والتي وجه الرئيس السيسي بإعادة تفعيل دورها، بالتزامن مع الدعوة للحوار الوطني، لتعزز من توجه الدولة نحو فتح المجال العام، وتبرهن على مصداقية القيادة السياسية في أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية.

وقد أفرزت لجنة العفو الرئاسي، وبالتنسيق مع الجهات المعنية، سواء النيابة العامة أو وزارة الداخلية، مجموعة من قوائم العفو التي قاربت نحو 1500 شخصًا، تنوعوا ما بين محبوسين احتياطيًا، وآخرين محكوم عليهم، أفرج عنهم بعفو رئاسي من رئيس الجمهورية، وفقًا للصلاحيات الدستورية والقانونية.

وقد لاقت تلك الإفراجات إشادات وتأييد واسع من مختلف القوى الوطني، التي أكدت أنه تعطي الثقة ودفعة للمتحاورين للمضي قدمًا نحو عملية الإصلاح السياسي الذي لا يقصي أحدًا ولا ينكل بأحد لمجرد الرأي.

وتؤكد تصريحات الرئيس السيسي حرصه على فتح المجال العام للجميع، وهو عكسه تصريحه عند صدور تعليماته بإعادة تفعيل لجنة العفو، حيث صرح قائلا: "الوطن يتسع للجميع، وأن الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية.. عهدي معكم دائما الصدق والإخلاص في العمل والنوايا، والتجرد من الانتماء إلا للوطن ابتغاء لوجه الله سبحانه وتعالى".

الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان

وكانت من ضمن الجهود المبذولة  والإنجازات التي تحققت على مدار السنوات الأخيرة، هو إصدار الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والتي وضعت بنودًا صريحة ومبادئ أساسية تهيئة المناخ العام  للإصلاح السياسي.

وارتبطت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بالإصلاح السياسي، من خلال مبادئ الاستراتيجية، والتي تنص على أن الديموقراطية وحقوق الإنسان مترابطان ويعزز كل منهما الآخر.

إضافة إلى أن الاستراتيجية تنص كذلك، ضمن مبادئها الأساسية على أن تعزيز الحكم الرشيد ومكافحة الفساد وإرساء قيم النزاهة والشفافية لضمان التمتع بحقوق الانسان والحريات الأساسية .

-ويعزز من توجه الدولة نحو الإصلح السياسي، مبدأ آخر أقرته الاستراتيجية، وهو "الحريات اللصيقة بالإنسان لا تقبل تعطيلا ولا انتقاصا، ولا يجوز لأى قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة الحقوق والحريات، إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية لحماية الأمن القومى أو السلامة العامة أوالنظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم".

الجمعيات الأهلية وانفتاح المجال العام

بعدما عانى المجتمع الأهلي على مدار سنوات من غياب دورها الحقيقي، جاءت جهود القيادة السياسية الداعمة له، لتعيد إليه دوره الفاعل، وليجعلها شريكًا أساسيًا للحكومة في تحقيق عملية التنمية المستدامة، فأصدر الدولة قانون الجمعيات الأهلية، والذي حمل العديد من المميزات التي أدت إلى انفتاح المجال العام بشكل كبير وحرية تأسيس الجمعيات الأهلية.

ويضمن قانون الجمعيات الأهلية حرية العمل الأهلي والشفافية واحترام حقوق الإنسان، إضافة إلى عدم وجود مواد مقيدة للحرية، والاكتفاء بالغرامات المالية والإدارية، وعدم حل الجمعيات الأهلية إلا بحكم قضائي.

كما يرسخ قانون الجمعيات الأهلية لمفهوم انفتاح المجال العام، من خلال تعزيز قيم الديمقراطية والمشاركة من خلال تشجيع التطوع وتنظيم المتطوعين مع تعزيز المشاركة في الحياة العامة.

وكان التحالف الوطني للعمل الأهلي، ضمن أبرز الإفرازات التي نتج عنها جهود الدولة لفتح المجال العام أمام المجتمع المدني، والذي حقق نجاحات على مدار حوالي عام و 3 أشهر تقريبًا غير مسبوقة، وأصبح  بمشاركة حوالي 35 جميعة أهلية، شريكًا أساسيًا في عملية التنمية.

ولا تزال جهود الدولة مستمرة لاستكمال مسيرة الإصلاح السياسي وفتح المجال العام، من خلال الحوار الوطني، الذي من المنتظر إصدار توصيات ترفع إلى رئيس الجمهورية، تتبلور في شكل قرارات تنفيذية أو تشريعات صادرة عن البرلمان.