قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

"حاضر المصريين أو سر تأخرهم" لمحمد عمر


عن سلسة ذاكرة الكتابة بالهيئة العامة لقصور الثقافة، صدر كتاب "حاضر المصريين أو سر تأخرهم" فى طبعة جديدة، والمؤلف محمد عمر من مستخدمى مصلحة البوستة المصرية، ونشر الكتاب للمرة الأولى فى عام 1902، وجاءت طبعة الهيئة الجديدة ملحقة بدراسة عميقة ومقدمة تفصيلية للدكتور مجدى عبد الحافظ.
وكتاب محمد عمر فريد فى موضوعه، ولا نعتقد أن كتابا مصريا آخر قد وضع بنفس هذا المنهج المحكم الذى اعتمد على البحث الميدانى والمنهج الإحصائى والاهتمام بالتفاصيل الدقيقة التى اهتم بها كتاب محمد عمر "حاضر المصريين أو سر تأخرهم".
فقد نجح المؤلف في أن يجعلنا نعيش أجواء تلك الفترة بكل دقائقها وألوانها وروائحها وأفكارها الشائعة، متضمنا عددا من الشواهد التى نعيشها اليوم فى سنة 2012 وبعد مرور عام كامل على الثورة المصرية، ومنها سطوة اللغات والأنماط والأسماء الغربية، ووضع المرأة فى المجتمع وقضية الحجاب، وقضايا الأحوال الشخصية المتعلقة بها، وقضايا التطرف، وتكفير الرأى الآخر، والوحدة الوطنية والتعليم، وهو ما يجعلنا نتساءل: "ألم تتغير مصر منذ أكثر من مائة عام وعشرة؟".
فى دراسته ومقدمته التى سبقت عرض كتاب محمد عمر، يقول الدكتور مجدى عبد الحافظ : "فى أعقاب انتكاسة الثورة العرابية واحتلال مصر سنة 1882، أصبحت البلاد مهيأة أمام الأجانب، وبدون مقاومة تذكر لعمليات النهب المنظم، فقد اعتلى الأجانب المناصب الكبرى فى الإدارة المدنية، وأصبحت محلاتهم تملأ شوارع المدن المهمة وعلى الأخص فى القاهرة التى أصبحت مركزا للإدارة الاستعمارية ولكبريات الشركات والمنشآت الأجنبية، وفى الإسكندرية وبورسعيد، كما برزت أحياء خاصة للأجانب، وساعدت الامتيازات الأجنبية الممنوحة لهم على إنشاء المحاكم المختلطة التى دعمت تميزهم وسيادتهم على المصريين، هذا الواقع المرير جعل الوطنيين يمقتون سلطة الاحتلا ، إلا أن المثقفين منهم، وكان لهم تراث فى التعامل مع الغرب الأوروبى، وذلك منذ أول صدمة حضارية فرضت على أسلافهم، وفى عقر دارهم يوم أن قرر بونابرت فى عام 1798 قطع الطريق على الجحافل البريطانية للهند باحتلال مصر، فقد وقفوا وجها لوجه أمام حضارة جديدة جعلتهم يقارنون ما وصلوا إليه بما وصل إليه غازيهم السيد الجديد على بلادهم، حتى أنهم فى النهاية نسوا بهذه المقارنة نموذجهم المحلى الواعد، وأخذوا يتطلعون إلى النموذج الجاهز القادم مع غازيهم.
ويرى صاحب الدراسة والتقديم أن أهمية كتاب محمد عمر "حاضر المصريين أو سر تأخرهم" تكمن فى معالجته غير المسبوقة لحياة الناس فى مصر، فقد استطاع أن يضع يديه على مواطن ما أسماه بالداء التى يعيشها، ويتنفسها، ويفهم دواعيها وأسبابها، كما يعيها كمواطن مصرى".
لم تكن دراسة محمد عمر دراسة باهتة، أو سطحية أو فاترة، مثلما بدت بعض دراسات المستشرقين فى عصره، فالهدف من هذه الدراسة أصبح ـ ربما ـ لأول مرة على يديه لا المعرفة المجردة، ولكن تجاوز سلبيات الواقع للانطلاق نحو النهضة المأمولة لأبناء وطنه من المصريين.
لقد بدت النزعة الوطنية المصرية جلية واضحة فى هذا الكتاب، وكان الحماس سمة أساسية من سماته، وحرارة الهم الذى يؤرق محمد عمر كمواطن مصرى مثقف يزيد من حجم همته وبحثه واستقصائه، وإحصاءاته.