وزير الصناعة السوداني:نحاول تقريب وجهات النظر بين مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة.. ويؤكد:رأينا في القضية ليس سلبيا كما تردد

قال وزير الصناعة السودانى السميح الصديق إن "الحكومة تحاول تقريب وجهات النظر بين مصر وإثيوبيا فيما يتعلق بإنشاء سد النهضة، وإن رأيها في تلك القضية ليس سلبيا تجاه مصر كما تتناقله وسائل الإعلام، فقد تم عقد لجنة فنية بواسطة سودانية وعقد اجتماع بين الوزراء الرى الثلاثة فى الخرطوم"، مشيرا إلى أن "الحكومة تعمل على تقريب وجهات النظر بما لا يضر بمصلحة مصر ولا الحقوق التاريخية المعروفة لكل من البلدين".
وأضاف الصديق – فى حوار مع وكالة أنباء الشرق الأوسط - أن زيارة منير فخرى عبد النور، وزير التجارة والصناعة والاستثمار، إلى السودان كانت ناجحة وإيجابية وجاءت فى الوقت المناسب، وتم خلالها مناقشة جميع القضايا المهمة للطرفين بصفة عامة القضايا المتعلقة بملفات الصناعة والاستثمار والتجارة بصفة خاصة.
وأكد أنه تم الاتفاق على العمل على تسريع الملفات بين البلدين، وأهمها فتح معبر "اشكيت"، فضلا عن العمل على تشكيل مجلس رجال الأعمال المصرى السودانى خلال أسبوع.
وقال إنه "تم التباحث أيضا على مستوى رجال الأعمال لوضع شراكات وإقامة شركات تدرج فى سوق الأوراق المالية السودانية، بجانب العمل على حل مشكلة التحويلات المالية عبر الاتفاق مع البنك المركزى المصرى والسودانى، أملا في أن يتم ظهور نتائج الزيارة على أرض الواقع قريبا، فالجانبان اتفقا على حل المشاكل بدلا من الحديث عنها فقط من خلال تخطى العقبات الواحدة تلو الأخرى".
ولفت إلى ترحيب السودان بالاستثمارات المصرية، ودعا إلى "توجيه تلك الاستثمارات فى مجال الصادرات، فمصر بحكم علاقاتها بالتجمعات الاقتصادية الكبرى تستطيع أن تقوم بتصدير المنتجات إلى تلك التجمعات".
وأضاف أن أهم المجالات التي يرغبون في الاستثمار بها تتمثل فى إنتاج اللحوم والسكر والصناعات الغذائية بصفة عامة، وبجانب الاستثمارات فى مجال توطين الأدوية والتجهيزات الطبية الأخرى، فضلا عن إمكانية الاستثمار فى المجالات التى يشعر المستثمر أنها تلبي احتياجات السوق المصرية.
وأشار إلى المنطقة الصناعية التى ستخصصها السودان لمصر على مساحة 2 مليون متر "فى منطقة قرى"، والتى تبعد 40 كيلو مترا من شمال الخرطوم، توجد بجانبها منطقة حرة وتجمعات صناعية، كما يوجد بها بعض المرافق، ويتم حاليا العمل لاستكمال ترفيقها، لافتا إلى أنه لتسريع الانتهاء منها، طالب الجانب السوداني مصر أثناء المباحثات مع وزير التجارة والصناعة والاستثمار بأن يوجهوا جزءا من الاستثمار فى ترفيق البنية التحتية للمنطقة بنظام المشاركة.
وفيما يتعلق بالقوائم السلبية لبعض البضائع التى تمنع السودان من دخولها إلى السوق المحلية، قال وزير الصناعة السودانى إن الصناعات المحلية كانت تعانى من المنافسة وضعت تلك القوائم لحماية الصناعات، مشيرا إلى أنه تمت مراجعة تلك القوائم حاليا وشطب 19 سلعة منها، وتتم مراجعتها بصفة دورية لتسهيل وجود تجارة حرة داخل المنطقة الحرة.
وأضاف السميح الصديق أن إستراتيجية الصناعة الوطنية قائمة على محورين، الأول منها يتمثل فى تنمية وتوطين الصناعات الهندسية والتى تتمثل في تصنع الآلات والمعدات والتجهيزات والاهتمام بصناعة العربات وخطوط الإنتاج لتغيير واجهة السودان والتحول من دولة زراعية إلى صناعية لتحقيق النهوض الاقتصادى.
وأوضح أن السودان تقوم بالاهتمام بتنمية قطاع الصناعات الهندسية بصورة مباشرة، فضلا عن الدخول فى شراكات مع الآخرين، مشيرا إلى أن جميع قوانين الدولة تشجع على الاستثمار الخاص سواء كان رأس المال المستخدم محليا أو أجنبيا أو عربيا، فضلا عن القيام بضخ استثمارات وطنية فى مجال البحث والتطوير بالصناعات الهندسية والكادر البشرى من خلال مركز البحوث الاستشارات الصناعية التابع للوزارة.
وقال إن المحور الثانى يهتم بمجال الصناعات التحويلية، والتى تعتمد على إحلال الصناعات الوطنية محل الواردات، بجانب إيجاد صادرات صناعية لها، والتى بدأت في إحراز تقدم رغم بطئه، لافتا إلى أنه حدثت طفرة فى الصناعات التحويلية خلال الفترة من 2005 حتى 2011، وأدت إلى توافر المنتجات بالسوق المحلية والتى تعتبر سوقا كبيرة وقوية لأن السودان تجاور ثلاث دول مغلقة ليس لديها منافذ بحرية وتعتمد على السوق والمنتجات السودانية، ما يعمل على زيادة الناتج المحلى.
وأضاف أن الاستراتيجية أيضا تعتمد على توطين الصناعات الصغيرة وزيادة الصناعات التحويلية، بحيث تقوم بتغطية السوق والقيام بالتصدير، فضلا عن أن السودان عضو في أربعة تجمعات اقتصادية وهى "الكوميسا، والمنطقة العربية الكبرى، و"س و ص" ومجموعة "إيجاد"، وتتم الاستفادة من تلك الأسواق من خلال رفع كفاءة المنتجات المحلية لكى تستطيع المنافسة أمام المنتجات الأخرى، مبينا أن السياسة العامة للدولة تقوم على حماية الصناعات المحلية أمام الصناعات الأخرى.
وأشار إلى أن معدل النمو الصناعي بلغ 34% خلال عام 2013 مقارنة بـ7% فقط خلال عام 1956، لافتا إلى أن أكبر معدل للنمو تحقق خلال الفترة من عام 2005 إلى عام 2013.
وأكد أن الصناعات التحويلية، والتى تتضمن الصناعات الغذائية والحرفية، تعتمد على الميزة النسبية للإنتاج الزراعي سواء كانت صناعة الجلود والسكر واللحوم أو صناعة الأحذية، منوها إلى أنه على الرغم من ما حدث فى سوق المنسوجات من إغراق للمنتجات الصينية، لكن الدولة استطاعت تأهيل مصانعها والتى تقوم حاليا بالعمل بكامل طاقتها.
وأشار إلى أن بعض الصناعات تحدث فيها هزات بسبب اضطربات السوق أو وجود حداثة فى المجال، ولكن الدولة تعمل على زيادة جودتها ودفعها إلى الأمام ولكي تكون المنتجات الصناعية منافسة وتغزو الأسواق.
ولفت إلى وجود خطة طويلة المدى للسودان على مدار 25 عاما مقسمة على خطط خمسية، وانتهى العمل بالخطة الأولى ويتم حاليا العمل فى الخطة الخمسية الثانية، مشيرا إلى أنه خلال الخطة الأولى حدث انفصال الجنوب، ما ترتب عليه فقد ما نسبته 75% من البترول وجعل الدولة تقوم بعمل خطة إنفاذ ثلاثية لمواجهة مشكلة نقص الموارد البترولية وحققت نجاحا، ولكن ليس كما كان مخططا لها، ولكنها قامت بتوجيه بعض الموارد إلى القطاع الإنتاجي للصناعة والزراعة، ما جعله لا يتأثر بصورة كبيرة بالأحداث.
وقال إنه يتم حاليا وضع خطة خمسية جديدة فى الفترة من 2015 إلى عام 2020 والتى يستمر فيها دعم جميع القطاعات الصناعية والزراعية، مشيرا إلى أن أهم ملامحها العمل على توطين الصناعات الهندسية بما يمكن الدولة من زيادة المعدات والتجهيزات بجانب زيادة الإنتاج فى الصناعات التحويلية فى مجالات إنتاج السكر والزيوت الطعام والصمغ العربي والمنسوجات والملابس والصناعات الغذائية بصفه عامة.
وأضاف أن خطة الدولة تهتم أيضا بالسياسات المالية والنقدية لخلق الاستقرار الاقتصادى "فى ظل أزمة الدولار وارتفاع سعره"، من خلال تقليل الإنفاق الحكومى والعمل على توحيد سعر صرف الدولار ليكون واحدا فى البنوك والسوق الموازية، فضلا عن وجود خطة لزياردة الصادرات من الذهب والمعادن والزراعة لتؤدي إلى توافر العملة بجانب زيادة الاستكشافات فى مجال البترول لزيادة صادراته.
وأشار إلى أن جزءا كبيرا من موازنة الخطة العامة للسودان يعتمد على القطاع الخاص وتشجيع الاستثمارات لزيادة الإنتاج، لأن الدولة تعتمد على سياسة السوق الحرة وتعمل على الخروج من القطاع الإنتاجي وتعمل على توفير المناخ الملائم لضخ الاستثمارات بما يساعد على زيادة الأداء، فالخطة لا تقوم على منافسة القطاع الخاص بل تشجيعه، منوها إلى أن الاستثمارات حكومية تتواجد فقط فى بعض المجالات التى تشعر الدولة بضروة مساندتها.
وقال إن الحكومة تعمل على تصفية الشركات الحكومية من خلال عمليات "الخصخصة" سواء بشكل كلى أو جزئي، وهو ما يضفى عليها العديد من المميزات، فشركات القطاع العام بها عدم فاعلية.
وأكد وجود مشروعات لتدريب العمالة من خلال مراكز التدريب المهنى التابعة لوزارة العمل فى 18 ولاية سودانية، ومؤسسات لتدريب التقنين بجانب وجود مراكز وسيطة فى الجامعات لتدريب المهنيين، فضلا عن توقيع عدد من البروتوكولات للتدريب مع العديد من الدول، ومنها الهند والصين ومصر والسعودية والإمارات.
وحول كيفية سيطرة الحكومة على عمليات تهريب الذهب، قال وزير الصناعة السودانى إن 90% من نشاط التعدين نشاط أهلى يقوم به صغار المعدنيين، و10% من الشركات لها حقوق امتياز، مشيرا إلى أن المشكلة تكمن فى صغار المعدنية والذين ينتجون ما يتراوح من 50 إلى 60 طنا فى السنة.
وأضاف أن الحكومة تقوم، فى محاولة لتقليل التهريب، بدفع أسعار الذهب لصغار المعدنيين بالسعر الموازى وليس السعر الرسمي لتحفيزهم على عدم التهريب، ونجحت تلك السياسة فى تقليل التهريب عام 2012، ولكن لارتفاع أسعار الذهب فى عام 2013 لم تتمكن الدولة من تقليل العمليات خلال تلك الفترة.
وعن أزمة الطاقة فى السودان، قال وزير الصناعة السودانى السميح الصديق إن نقص الطاقة يعتبر من أكبر الأزمات في الدولة، فتوجد قلة فى الطاقة والكهرباء والغاز والديزل، فإنتاج الطاقة الكهربائية يكفى فقط 70% من الاحتياجات ويتم استيراد الكهرباء من إثيوبيا، كما يوجد نقص فى الفيرنس والجاز، ويتم استيراد ما لايقل عن 60% من الاحتياجات، فضلا عن ارتفاع أسعار الطاقة الموجود لدى المصانع مقارنة بالدول المجاورة.
وأشار إلى وجود عدد من المشروعات التى تهدف توفير الطاقة من خلال عدد من الخطط بنهاية عام 2015 والتى تدخل بدائل للطاقة، لافتا إلى وجود بعض المشاريع تحت الإنشاء فى مجالات الطاقات الجديدة والمتجددة والرياح واستخدام أمواج البحر، بجانب بدء الإنتاج التجريبى من "جاتروفا" ووجود إنتاج فعلى من الإيثانول.
وقال إن أهم شركاء السودان فى الصناعة بالدول العربية هم مصر والسعودية والإمارات وقطر والكويت والأردن والعراق، بجانب وجود استثمارات من آسيا متمثلة فى الصين وماليزيا والهند وباكستان، لافتا إلى أن الاستثمارات الأوروبية والأمريكية قليلة بسبب الحظر المفروض السودان.
وأضاف أن الحصار الأمريكي ظهر أثره على الاقتصاد، وكانت أكثر ثلاثة قطاعات متأثرة به هى النقل والصناعة والتمويل الدولى، فجميع القطارات والطائرات المملوكة للخطوط السودانية كانت أمريكية الصنع، وفي قطاع الصناعة بعض الصناعات الغذائية والبطاريات الجافة كانت أمريكية المنشأ.
ولفت إلى أن منافذ التمويل الدولى توقفت، والمتمثلة فى صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، الذى اقتصر دوره على تقديم العون الفنى، منوها إلى أن السودان استطاعت تجاوز تلك المعوقات من خلال العلاقات القوية مع الدول العربية وشرق آسيا وتعديل السياسات المالية والاقتصادية التى حدت من تأثير تلك الصدمات.