المنظمة العربية لحقوق الإنسان تصدر توصيات مؤتمر «تطوير التشريعات العقابية»

اكتملت فعاليات ورشة العمل الوطنية "نحو تطوير التشريعات العقابية في ضوء الاستحقاقات الدستورية" يومي 15 – 16 مايو 2017 بالقاهرة، والتي بادر إلى تنظيمها المنظمة العربية لحقوق الإنسان بالشراكة مع المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان.
وتأتي الورشة في سياق أنشطة المشروع الدولي حول "الحد من عقوبة الإعدام وخاصة في سياق الأزمات ومكافحة الإرهاب" والذي تنفذه المنظمة العربية لحقوق الإنسان بالتعاون مع منظمة "هاندز أوف كاين" Hands Off Cain الإيطالية (الشريك الرئيسي)، والمعهد العربي لحقوق الإنسان (تونس) ومنظمة أجندة المرأة الصومالية (مقديشيو)، بدعم من الاتحاد الأوروبي، والذي يستهدف الحد من العقوبات المغلظة في المنطقة العربية، ويستهدف في مرحلته الأولى تونس ومصر والصومال.
افتتح أعمال الورشة كل من الأستاذ "محمد فائق" رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، والأستاذ "علاء شلبي" الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، والأستاذ "حافظ أبو سعدة" رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، والأستاذ "علاء عابد" رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب المصري، والسيدة "اليزابيتا زامبروتي" رئيسة منظمة Hands Off Cain الإيطالية، والنائبة "مارجريت عازر" عضو مجلس النواب المصري.
وشارك في فعاليات الورشة 70 مشاركة ومشارك من البرلمانيين، والمشتغلين بالقانون بما في ذلك قضاة سابقين ومحامين وأساتذة القانون الجنائي، ورجال الدين الإسلامي، ومؤسسات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل، والباحثين المتخصصين، وخبراء علم الاجتماع والطب النفسي، والكتاب والإعلاميين، من القاهرة ومن محافظات شمال وجنوب الصعيد والدلتا.
كما تابع أعمالها بصفة "مراقب" محامون وحقوقيون من الكويت والإمارات والأردن وسوريا، بالإضافة إلى ممثلين عن السفارتين الإيطالية والألمانية بالقاهرة.
تناولت فعاليات الورشة: استعراض الاستحقاقات الدستورية في مجال التشريعات العقابية فيما يتعلق بالتوجهات والالتزامات، وبالضمانات والتدابير، ودراسات حول عقوبة الإعدام في التشريع والممارسة ومن منظور الإعلام والشرع الإسلامي، والتدابير والتطبيقات في مواجهة التحديات الراهنة، وخاصة سياق مكافحة الإرهاب، وبحث السياقات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية المرتبطة بظروف السجن والاحتجاز في المؤسسات العقابية وأوضاع الفئات الخاصة خلال مراحل التحقيق والمحاكمة وتنفيذ العقوبات المقضي بها، وذلك عبر ستة جلسات عمل.
وبعد يومين من المناقشات التفصيلية المعمقة، والتي غطت الجوانب الموضوعية والتقنية، في سياق حوار يتميز بالحرية والسخاء العلمي والخبرات والسعي للوصول لمخرجات ذات طبيعة عملية قابلة للتطبيق وتستجيب بموضوعية للحاجات الأساسية وللتحديات الراهنة، توافق المشاركون على ما يلي:
•أن ورشة العمل تشكل واحدة من جولات حوار دائر يجب أن يتواصل ويتكثف في سياق تبني مفهوم المشاورات المجتمعية حول التشريعات المتنوعة، والدعوة إلى توسيع نطاق هذا الحوار ليشمل كافة الفئات صاحبة المصلحة في المجتمع، مشيدين في هذا الإطار بالمؤتمر العام لتعديل قانون الإجراءات الجنائية الذي نظمته رئاسة مجلس الوزراء عبر اللجنة العليا للإصلاح التشريعي في يناير، والذي أثمر مشروع القانون ذا الطابع الإيجابي الذي أقره مجلس الوزراء قبل انعقاد الورشة بيومين تمهيدًا لإحالته إلى مجلس النواب.
•التأكيد على حتمية احترام الدستور كمرجعية أساسية للتشريع وكونه العقد الاجتماعي، مع التأكيد على أن السلطة التشريعية ليست مطلقة.
•أن ورشة العمل تتزامن مع تسريع وتيرة الجهد التشريعي وتأكيد الحاجة إليه عبر جهود مكثفة لمجلس النواب وقرار رئيس الجمهورية بإعادة تشكيل اللجنة العليا للإصلاح التشريعي قبل بضعة أيام من انعقاد الورشة.
•التأكيد على أن مصر وبعد الانتهاء من فترة الانتقال السياسي عقب ثورتي 2011 و2013، تمر بفترة انتقال تشريعي بموجب العشرات من القوانين الأساسية المكملة للدستور والمئات من الالتزامات بإجراء تعديلات تشريعية واسعة على العديد من القوانين القائمة.
•أن الدستور يشكل قوة دفع كبرى لاحترام حقوق الإنسان والحريات العامة، حيث تبنى بشكل واضح المعايير الدولية لحقوق الإنسان من خلال أحكامه المتنوعة، بل وأثراها في بعض الجوانب وفق أحسن الممارسات.
•أن نص الدستور في مادته رقم (93) على كون المعايير الدولية التي صادقت عليها مصر جزء من التشريع الوطني يؤكد أهمية مواءمة التشريعات القائمة والمرتقبة مع الدستور والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
•أن الدستور المصري المستفتى عليه في العام 2014، شكل نقلة تاريخية سواء على مستوى المبادئ الكبرى التي أقرها أو على صعيد الضمانات التي كفلها من أجل صيانة حقوق الإنسان، وفي القلب منها الحق في المحاكمة العادلة.
•التأكيد على أهمية الإسراع بإصدار قانون السلطة القضائية في سياق تفعيل الدستور ووفق الضمانات التي أرساها، وفي سياق تشاور مجتمعي واسع يؤسس لتمكين السلطة القضائية العريقة من تحديث بنيتها وإدارة شئونها مع الالتزام بمعايير الكفاءة وترسيخ حقوق المواطنة وضمان المساواة وتكافؤ الفرص.
•التأكيد على أهمية الدور المحوري للسلطة القضائية – بمختلف تكويناتها وأجهزتها- في إنفاذ هذه المبادئ على أرض الواقع، مشيدين – في الوقت ذاته- بالإسهام التاريخي للمدرسة القانونية المصرية في تطوير التشريعات العقابية، منذ تأسيس الدولة الحديثة في مصر.
•التأكيد على إدراك جسامة التهديد الذي تمثله ظاهرة الإرهاب على كل المستويات، وأن مكافحته مسؤولية أصيلة للدولة من أجل حماية المجتمع، على أن يكون ذلك بمهنية وكفاءة في إطار سيادة القانون وبأدواته، وفي سياق يضمن للمواطنين التمتع بالحقوق والحريات العامة التي كفلها الدستور على نحو متفرد وقاطع.
•أن الدستور لبى مطالب المصريين فى نظام قضائى يضمن شروط ومعايير المحاكمة العادلة والمنصفة، ويضمن رقابة القضاء على أعمال السلطة التنفيذية، تأكيدا لمبدأ الشرعية وسيادة القانون، غير أنهم لاحظوا أنه، وعلى الرغم من مرور ثلاث سنوات على إقرار الدستور، لم يتم تعديل التشريعات المختلفة بما يواكب الاستحقاقات الدستورية ويحقق ما يصبو إليه المواطنون.
•أنه ومع التسليم بالجهود التي تبذلها الجهات المعنية باتجاه تطوير منظومة التشريعات العقابية للوفاء بالاستحقاقات الدستورية، لاسيما ما تقوم به اللجنة العليا للإصلاح التشريعي، ولجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، والمجلس القومي لحقوق الإنسان، ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بهذا المطلب، فإنه من الملاحظ أن التطور التشريعي يواجه جملة من التحديات، أبرزها: بطء إجراءات التقاضي، والترهل التشريعي، وصدور تشريعات انتقائية، فضلًا عن تخلف بعض القوانين عن درجة التطور التي بلغها المجتمع، ووجود قوانين تتعارض مع المعايير التي نص عليها الدستور والصكوك الدولية التي صادقت عليها مصر، والمبادئ القضائية التي رسخها القضاء المصري في أحكامه.
•الإعراب عن القلق من الإسراف في عدد النصوص التشريعية وأنماط الجرائم التي تتيح التوسع في تطبيق عقوبة الإعدام، والحاجة الماسة إلى معالجة تضمن أولًا: الحد من النصوص التشريعية المشار إليها على نحو يؤدي لقصر العقوبة على أشد الجرائم غلظة وخطورة، وثانيًا: تعزيز الضمانات في سياق المحاكمات عن الجرائم التي قد تؤدي إلى معاقبة المدانين بعقوبة الإعدام، لا سيما أن العقوبة لم تحقق الردع العام - بما في ذلك في جرائم الإرهاب التي باتت تتخذ نمط التفجيرات الانتحارية، وفي حال تنفيذها تبقى غير قابلة للإصلاح ويستحيل درء آثارها.
•تثمين دور محكمة النقض المهم في ضمان عدالة المحاكمات، وخاصة إزاء العقوبات المغلظة والقاسية وفي مقدمتها عقوبة الإعدام، وكذا الدور الذي تنهض به مؤسسة دار الإفتاء وأثره في بعض القضايا النموذجية، بالإضافة إلى دور رئاسة الجمهورية في ضوء مسئوليتها للتصديق على الأحكام وإمكانية استخدام الصلاحيات الدستورية والقانونية بتخفيف العقوبات المقضي بها.
•الإعراب عن القلق لاستمرار ظاهرة التوسع في الحبس الاحتياطي للمتهمين قيد التحقيق والمحاكمة رغم الجهود التي تبذلها مختلف المؤسسات المعنية، لما له آثار اقتصادية واجتماعية ونفسية، فضلًا عن مضاعفته للأعباء الملقاة على عاتق المؤسسات الأمنية.