قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

هل الحكم بالحبس أو السجن له أصل فى الإسلام؟


قال الشيخ الراحل عطية صقر، إن فكرة العقوبة بالسجن معروفة قبل الإسلام، وفى القرآن الكريم ما يدل على أن عزيز مصر كان عنده سجن ودخله يوسف عليه السلام، ودخل معه فتيان دعاهما إلى توحيد الله " انظر سورة يوسف 36- 42 " وفيه أيضا أن فرعون الذى أرسل إليه موسى كان له سجن هدده بإدخاله فيه ، { قال لئن اتخذت إلها غيرى لأجعلنك من المسجونين } الشعراء: 29.
وأضاف صقر في إجابته عن سؤال "إن الحكم بالحبس أو السجن ليس فى الإسلام، فهل هذا صحيح؟ أن فكرة السجن موجودة فى الإسلام ولم تكن أيام النبى صلى الله عليه وسلم بالمعنى المتبادر إلى الذهن من اتخاذ دار خاصة يوضع فيها من استحق عقوبة، ولم تكن كذلك أيام أبى بكر رضى الله عنه، ولكن كان هناك "حبس" بمعنى تعويق الشخص ومنعه من التصرف الحر حتى يقضى دينا وجب عليه، أو يرد حقا اغتصبه، وكان الذى يلازم المحبوس هو الخصم أو وكيله، ولهذا سماه النبى صلى الله عليه وسلم أسيرا.
وتابع: وروى أحمد أنه عليه الصلاة والسلام حبس فى تهمة ، وكذا رواه أبو داود والترمذى والنسائى، قال الترمذى: حسن . وزاد هو والنسائى : ثم خلى عنه . والحاكم صحح هذا الحديث، وله شاهد آخر من حديث أبى هريرة يقوى حديث بَهْزَ بن حكيم الذكور. وجاء فى حديث أبى هريرة أن الحبس كان يوما وليلة استظهارا وطلبا لإظهار الحق بالاعتراف.
واستشهد بما رواه البيهقى أن عبدًا كان بين رجلين فأعتق أحدهما نصيبه، فحبسه النبى صلى الله عليه وسلم حتى باع غنيمة له " وهذا الحديث وإن كان فيه انقطاع فإنه روى من طريق أخرىَ عن عبد الله بن مسعود مرفوعا. والبخارى فى صحيحه جعل بابا بعنوان "باب الربط والحبس فى الحرم " قال ابن حجر فى شرح البخارى " فتح البارى": كأنه أشار بهذا التبويب إلى رد ما نقل عن طاوس أنه كان يكره السجن بمكة ويقول : لا ينبغى لبيت عذاب أن يكون فى بيت رحمة.
ونوه بأنه يقال إن عمر بن الخطاب رضى الله عنه هو أول من اتخذ داراً للسجن فى مكة، اشتراها من صفوان بن أمية بأربعة آلاف درهم ، وكان ذلك بمعرفة عامله على مكة "نافع بن عبد الحرث الخزاعى" وقيل : إن أول مرن اتخذ دارا للسجن هو معاوية بن أبى سفيان : كما ذكره المقريزى "الخطط ج 3 ص 303 " . وكان القاضى شريح هو أول من حبس فى الدين.
وبين: ومن وقائع الحبس أيام عمر رضى الله عنه، أنه حبس الحطيئة الشاعر الهجاء لتطاوله على ابن بدر، عامل عمر، أو هدده بالحبس حتى تضرع له بقصيدة معروفة منها قوله: ماذا تقول لأفراخ بذى مرخ * زغب الحواصل لا ماء ولا شجر * ألقيت كاسبهم فى قعر مظلمة * فاغفر عليك سلام الله يا عمر فعفا عنه. وكذلك حبس أبا محجن الثقفى ، لما جلده على السكر ونفاه إلى جزيرة فى البحر فهرب من الرجل الذى كان يصحبه ، ولحق بسعد بن أبى وقاص وهو يحارب ، فكتب عمر إلى سعد أن يحبسه ، وبعد نفيه إلى رابغ وهروبه منها قبض عليه وسجن قرب القادسية أسفل قصر الإمارة ، وتوسل إلى سلمى بنت حفصة زوجة سعد فأطلقته واشترك فى الحرب وأبلى بلاء حسنا ثم عاد إلى القيد ، وفى النهاية أفرج عنه بعد توبته ، وأيضا معن بن زائدة ، أمر المغيرة بن شعبة بحبسه فى حادث تزوير فى أوراق رسمية ، ولما هرب من السجن عاد إلى عمر تائبا وفى النهاية عفا عنه.
ولفت إلى أن عثمان بن عفان رضى الله عنه أقر عقوبة الحبس، ومن سجنائه جنائى بن الحرث الذى هجا بنى جرول .
ويلاحظ أنه لم يكن له مكان خاص ، بل كان يسجن أحيانا فى السجن ودهاليز البيوت. وأما على بن أبى طالب فيقال إنه حبس الغاصب وآكل مال اليتيم ظلما والخائن فى الأمانة، وخصص للسجن مكانا، وكان أولا من أعواد القصب، ثم بنى غيره محكما، ويقول البلاذرى والمسعودى: إن معاوية أربى على الخلفاء فى إعداد السجون والاهتمام بها.
واستطرد: ومن أنواع السجن النفى، لأنه فصل عن المجتمع الذى كان يعيش فيه المَنفِى، ومنه قوله تعالى فى جزاء المحاربين المفسدين {أو ينفوا من الأرض } المائدة : 33، وقد قرر الفقهاء إيقاع الحبس على المشترك فى جناية حتى يفصل فيها، وكذلك أجازوا التعزير للردع وللديون حتى ترد، وللتأديب الذى يراه الحاكم ، فالسجن الموجود الآن نوع من التعزيرات التى لم تحدد فى الإسلام لاَ كما ولا كيفا، بل ترك أمرها إلى القاضى ليقرر ما يراه مناسبا للجريمة أو المخالفة بوجه عام."