الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

معركة "صفين" وواقعة رفع المصاحف

صدى البلد

معركة صفين كانت ثاني المعارك التي وقعت بين المسلمين بعد معركة الجمل للقضاء على خليفة المسلمين الإمام علي ابن أبي طالب .
بدأت معركة صفين بين الثامن والعاشر من صفر سنة 37 هجرية (657 ميلادي 26 - 28 من شهر تموز) وحسب بعض الروايات في 11-13 من شهر صفر.
كان أعداء خليفة المسلمين الإمام علي، في تلك المعركة بقيادة معاوية اين أبي سفيان الحاكم الأموي في الشام الذي أراد الاستيلاء على الخلافة بعد أن عزله الإمام علي، من منصبه.
كان عدد جيش الإمام علي ما يقارب 80000 مقاتل وعدد جيش معاوية ما يقارب 120000مقاتل، وكان قائد جيش خليفة المسلمين الإمام علي مالك الأشتر وقائد جيش معاوية ابن أبي سفيان عمرو ابن العاص.
استغرقت المواجهة ما يقارب ثلاث أشهر في حر الصيف واجه فيها جيش خليفة المسلمين الإمام علي، الطرف الآخر ببسالة وشجاعة، وخلال تلك الأشهر الثلاثة كانت تحصل بعض المواجهات المحدودة والمبارزات مترافقة مع محاولات الإمام علي ، عرض حلولاً سلمية لإيقاف سفك الدماء ولإيقاف تلك الحرب التي فرضت عليه ليحقق أعداؤه أهواءهم.
ولما لم تفلح المحاولات السلمية وبعد أن أصر أعداء الإمام علي ، على الحرب بدأت المعركة الكبرى في الثامن من شهر صفر سنة 37 هجرية واستغرقت تلك الحرب الطاحنة ثلاث أيام بدا فيها هيمنة جيش الإمام علي ، على المعركة بوضوح، وتقاتل الطرفان بضراوة ليل نهار أبدى فيها الكثير من أصحاب الإمام علي شجاعة وبسالة فائقتين تجاه الأعداء مثل مالك الأشتر الذي مدحه أمير المؤمنين. بأنه كان له كما كان هو للنبي محمد ، وكان مالك الأشتر ينادي في جيش الخلافة الإسلامية.
وفي معركة صفين استشهد الصحابي الجليل عمار ابن ياسر وبذلك تحقق ما نبأه به رسول الله (ص) عندما قال له: "يا عمار تقتلك الفئة الباغية" لتكون شهادته شهادة على بغي فئة معاوية اين أبي سفيان.
لما رأى جيش معاوية أنه قارب على الهزيمة أمرهم عمرو ابن العاص برفع صحائف القرآن على رؤوس الرماح مدعين أنهم يريدون القرآن والإسلام حكماً بين الطرفين، رغم محاولات الإمام علي، تنبيههم إلى أن ذلك خدعة من الطرف الآخر وتذكيرهم أنه القرآن الناطق وإمام المسلمين وأنه على معرفة وثيقة بما يفكر به الطرف الآخر من خديعة ومكر استطاع نفر ممن كان في جيش خليفة المسلمين الإمام علي دسهم معاوية لتحقيق مآربه من تأليب الرأي العام في معسكر أمير المؤمنين ليضطروه للتحكيم.
وفى بعض الروايات قيل إن الإمام علي فال لهم: "عباد الله، إنّي أحقّ من أجاب إلى كتاب الله، ولكن معاوية وعمرو بن العاص وابن أبي معيط ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، وإنّي اعرف بهم منكم، صحبتهم أطفالاً وصحبتهم رجالاً، فكانوا شرّ الأطفال وشرّ الرجال، إنّها كلمة حقّ يُراد بها باطل، إنّهم والله ما رفعوها، إنّهم يعرفونها ولا يعملون بها، ولكنّها الخديعة والوهن والمكيدة، أعيروني سواعدكم وجماجمكم ساعة واحدة، فقد بلغ الحقّ مقطعه، ولم يبق إلاّ أن يقطع دابر الذين ظلموا".
ورغم أن مالك الأشتر رضوان الله عليه كان قد اخترق صفوف الأعداء وقارب على إلحاق هزيمة نكراء بهم أطاع أمر الإمام علي ، بالرجوع بعد أن اضطر هؤلاء خليفة المسلمين للقبول بالتحكيم ضاربين بتحذيره لهم من عاقبة ذلك عرض الحائط.
وكان التحكيم الذي طولب به يتلخص بتفاوض كل نائب عن كل من الطرفين.وناب معاوية في التحكيم عمرو ابن العاص، وأراد الإمام علي ، أن يكون مالك الأشتر نائبه في التحكيم ما جوبِهَ بمعارضة شديدة بسبب إخلاص مالك للإمام علي و أجبر هؤلاء المعرضون خليفة المسلمين الإمام علي ، على إرسال أبا موسى الأشعري نائباً عن جيش الخلافة في التحكيم. ورغم تحذير الإمام علي ، المتكرر لعامة الناس من وبال ذلك الاختيار تم إرسال أبو موسى الأشعري للتحكيم.
عرض عمرو ابن العاص على أبى موسى الأشعري فكرة خلع الإمام علي، و معاوية اين أبي سفيان معاً، فلما رأى من أبي موسى تلك قبولاً لذلك الحل عرض عليه عمرو ابن العاص أن يبدأ بخلع الإمام علي (ع) مدعياً أنه لا يستحسن أن يتقدم على صاحب رسول الله (ص) في ذلك. فتقدم أبو موسى و خلع علياً ، من ولاية أمر المسلمين كما خلع معاوية معه، أما عمرو ابن العاص، فقد أعلن موافقته على خلع الإمام علي ، و تثبيت صاحبه معاوية. بعد ذلك أعلن عمرو ابن العاص معاوية خليفة للمسلمين.
رفض الإمام علي ، نتائج التحكيم ولم يكن الإمام علي الوحيد الذي رفض نتيجة التحكيم ولكن الفرقة الي أجبرته على ذلك رفضت النتيجة أيضاً واتهمت الإمام علي بتسببه لذلك ليكونوا ما سمي بفرقة الخوارج. ولما رجع الإمام علي بجيشه إلى الكوفة انشق عنه هؤلاء ولم يدخلوا معه وتحصنوا في منطقة تسمى حروراء وحاربوا الإمام علي في معركة النهروان.
تقع صفين في يومنا هذا في الرقة على ضفاف الفرات في سوريا بالقرب من الحدود العراقية حيث يقع أيضاً ضريح الصحابي الجليل عمار ابن ياسر الذي استشهد مدافعاً عن الإمام علي في معركة صفين.