أحمد عسلة يكتب : لله وللاجيال وداعا العملاق الأمين ستبقى خالدا فى الوجدان ياسليمان

رحل عن عالمنا رجل من انبل واخلص واروع واقوى الرجال مات اللواء عمر سليمان دون ان يفصح أويظهرأويكشف لنا عما فى داخل الصندوق الاسود من خبايا المتأسلمين الذين دانت لهم السيادة بدون تعب أوكلل أوعناء فقط ركبوا الموجة وتحينوا الفرصة ليحصدوا ثمرةجهد وكفاح وتضحيات الشباب اللى فتح فى الجناين والاخرين الذين وارى الثرى اجسادهم الطاهرة ودماءهم الذكية ليأتى اليوم الذى نجد فيه هؤلاء المتسلقين وهذاالنبت الشيطانى يتحكم ويحكم و يبيع ويشترى فى خلق الله بل ويقوم بتصنيف العبادإلى فلول وغير فلول.
رحل سليمان دون أن يودعنا كما سبق وودع قصرالرئاسة والحكم عندما طلب منه مبارك ذلك آمره ان يترك الدفة للجيش الوطنى ومجلسه العسكرى لانهم الاقدر والأمن والاخلص على القيادة فنفذ الامر دون ادنى تمرد أوتلكك رغم انه كان فى امكانه ان يتحايل على الامر ويفعل مافى صالحه ـ بعد ان استسلم مبارك ورفع الراية البيضاء ـ وليكن مايكون حتى ولوأريقت دماءفوق أكوام من الجثث والآلام والأحزان لكنه انكر ذاته وآسر السلامة وفضل ان ينتصر لمصر كلها.
مات المصرى الخالص الجاد صاحب الاخلاق الرفيعة دون أن تكون له مشاكل مع بلده وشعبه ومؤسسات الدولة حتى عندما اشتدت الحملات المسعورة ووطيس الحرب حوله بعد أن اعلن عزمه الترشح للرئاسة لم يقل الا كلمات مقتضبة بأنه سوف يفتح الصندوق الاسود لهؤلاء المسعورين الذين تجاوزوا حدود الادب واللياقة معه.
لم يقف الامرعند هذا الحد بل سارع ممن يسمون انفسهم اغلبية وصفوة واسياد الناس باستصدار قانون تفصيل فى 24 ساعة يقضى باستبعاد من تولى منصب رئيس وزراء اونائب رئيس جمهورية من الا ستمرار فى السباق الرئاسى رغم قناعتهم بأن القانون غير دستورى وبأن سليمان كان له دور طيب ووطنى ومحسوس وملموس فى تقريب وجهات النظر بين اسرائيل وفلسطين وبأنه من ساهم فى انهاء صفقة تبادل الاسير الاسرائيلى جلعاد شاليط فى مقابل عدد لابأس به من ابناء فلسطين وغيرها من المواقف الوطنية التى كان قاسما مشتركا فيها ولكن غباء بعض القوى وحقدهم عليه وخوفا من مزاحمته لهم كان دافعا للمسارعة بالهجوم الضارى عليه تحت مزاعم كاذبة وافك وضلال وبهتان ولان الخالق سبحانه وتعالى مطلع وصاحب حكمة لم يشأ ان يثقل عليه أويسمعه صفاقات وخرافات وعبثية هؤلاء فقضت حكمته ان يقبضه اليه فى هذه الايام المباركة ليكون ذلك دليلا على ان سليمان قد ظلم كثيراوبأن الرجل هو بالفعل أكبرمن كل الكلمات وبأنه خلاصة مستخلصة للمصرى الخالص الذى لم يتجنس او أولاده بجنسيات اجنبية .
الآن يمكن أن اقول إن مصر فقدت أهم بوصلة سياسية ووطنية جسورة ونضالية عظيمة فهو بالفعل آخر العمالقة الذى فضل ان يرحل عنا دون استئذان في وقت البلاد في حاجة إلى رأيه ومشورته وعفته وطهارته وجسارته في حاجة إلى قراءته الصحيحة للأحداث ومعالجته للامور ولعلاقاته المتشعبة وشبكة اتصالاته.
أخشى ما أخشاه أن يكون الراحل العظيم قد مات حزنا وكمداعلى مصر و من اليأس والقنوط والخوف من المجهول وليس بسبب مرض عضوى.
اريد ان اؤكد ان ما يحسب لسليمان انه استطاع ان يجذب إليه الانظار بل ويجبر الشارع على الخروج في مظاهرات تطالبه بالترشح للرئاسة بعد ان شعر الشعب بأن الاخوان يريدون ان يهيمنوا علي كل شئ دون ان يقدموا عمليا مايبرهن علي انهم اهل للقيادة الا ان سليمان كان حريصا على عدم الانجراف او الانخراط في العمل السياسي منذ مغادرته مؤسسة الرئاسة ورغم الضغوط التي مورست عليه للترشح الا انه كان دائما يرفض بعد ان اقنع نفسه ان دوره انتهى رغم اننا لاننسى ان الكل كان يطلبه فى السابق من القيادة السياسية لتقلد زمام القيادة.
اتذكر اننا كنا دائما فى العهد السابق عندما تسود الدنيا في وجوهنا نسارع اليه نتلمس خطاه ونرجوه ونطالب به رئيسا لنا اونائبا للرئيس بل انه قبل ان يسقط عرش مبارك كم تمناه غالبيتنا رئيسا لهم وبعد سقوط مبارك طالبه الكثيرون ان يترشح للرئاسة آملين ان يكون المنقذ وبالفعل لبى النداء فى اخرلحظة عندما ادرك ومعه اهل المحروسة خطورة الوضع في مصر وانها ستغرق في بحور الطائفية والفوضى وغيرها وان الآخرين خبراتهم وثقافاتهم تقف عند حدود إلقاء خطبة منبرية أودرس ديني مغلف بالسياسة بعد العصراومحاضرة نظرية ثم العودة مسرعا الى المنزل للجلوس بجوار المدام أما قيادة البلاد فلها اهلها كما تبين ان اغلب المرشحين لن يقدموا جديدا اضافة الي ما لحق كل منهم من شائعات ومشاكل سواء في الجنسية وغيرها ليعود طرح اسم سليمان بقوة علي المسرح بعد ان ظل عزيزاعازفا عن المنصب ليترشح بعد ذلك بقوة الدفع استجابة لرغبة الشارع وبدأ محبوه يظهرون الصورة الوردية له والتي جعلته محط الانظار وتذكروا انه خاض معارك كثيرة لصالح مصر وتكهرب الجوبعد ان ارتفعت ىاسهمه الا ان الرياح لاتأتى دائما بما تشتهيه السفن لنفاجأ باستبعاده من السباق الرئاسى لان اوراقه جاءت غير مستوفاة للشروط لنعيش فى حزن عميق ويتجدد هذا الحزن والمرارة مرة اخرى بوفاته المفاجئة التى قصمت ظهور الكثير منا.
والآن ياسليمان قل لنا اذا كنت تسمعنا عندما تعصف الامور بمصر لمن نتجه وقد رحلت عن دنيانا الفانية؟! وصدق من قال يأتى عمر سليمان على رأس قمة الساسة والمقاتلين فى هذا العصر.
كما يشهد الجميع بأن سليمان كان مايسترو سياسيا في إدارة جلسات الحوار بين الفلسطينيين المنشقين المتآمرين والاسرائيليين الاكثر شراسة وتأمرا وكل الناس تتذكر كيف تعامل بأخلاق وروح عالية وبتؤده وروية وصبر ايوب مع قادة البلدين وكم كان حريصا على نجاح مهمته هذه وكافة المهام التى أوكلت اليه سواء فى الضعف او الشدة.