الجامعة العربية .. انتِ بتشتغلي إيه ؟!!

تأسست جامعة الدول العربية كمنظمة إقليمية عام 1945 ، بهدف دعم التعاون بين الدول العربية في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، وبهدف تكوين تكتل عربي أو صوت عربي موحد في مواجهة محاولات الهيمنة الغربية والاستعمارية على البلدان العربية ومقدراتها ، والحق أقول إن من يدقق في الاهداف التي أنشئت من أجلها هذه المنظمة وبين الواقع العربي اليوم ، وما يشهده من أزمات طاحنة وصلت إلى تفكيك دول عربية وانهيارها لسوف يدرك للوهلة الاولى أن هذه الجامعة لم تكن يوما " جامعة" ولم تكن أبدًا "عربية" ، حيث تم اختطافها لتحقيق أغراض سياسية تخدم مطامع البلدان الغربية وأمن إسرائيل ، ومن يقول غير ذلك فهو مدع ، لان الواقع الذي آل إليه العالم العربي يؤكد ذلك.
ومن المؤسف أن أي محاولات جادة من قبل البعض لتوحيد العالم العربي ولم شتاته ، واعادة لحمته تبوء بالفشل الذريع ، والسؤال هنا : أين كانت هذه الجامعة عندما غزت الولايات المتحدة الأمريكية والمتحالفون معها العراق ، وما دورها الآن فيما يحدث من حرب مذهبية طاحنة تستهدف اسقاط سوريا والجيش الوطني السوري؟ وأين هي مما يحدث في اليمن وليبيا ولبنان ؟!! .. فكل ما رأيناه من هذه الجامعة مؤتمرات قمة تعقد وتفض دون أي نتيجة تتحقق على الأرض لصالح الشعوب العربية ووحدتها وأمنها.
وفي الحقيقة هذه القمم ما هي إلا قيعان أودت بالعالم العربي إلى مصيره المحتوم الذي يعيشه اليوم من تقاتل وتناحر دون أن تحرك ساكنا على الأرض ، وهي قمم خدمت مصالح الاعداء وليس العرب ، لدرجة أنني كدت اكون على يقين أنها جامعة متواطئة ضد العرب والمسلمين ووحدة العالم العربي التي تعتبر اخطر شبح يهدد أمن إسرائيل ، فهذه الجامعة لم تعبر يوما إلا عن مصالح مجموعة من الحكام فى ظل سيطرة إحدى الدول الغنية على قرارات الجامعة العربية بفعل البترودولار ، وهو ما يستوجب وقفة من الشعوب العربية نفسها للمطالبة بإصلاح هذه المنظمة لتكون معبرا حقيقيا عن آمال ووحدة شعوب العالم العربي الممزق ، فأكبر خطر يسيطر على هذه المنظمة الإقليمية هو تسييسها لصالح خدمة الحكام وليس المحكومين ، وتركيع ارادتها لصالح انتماء ديني مذهبي معين ، وشل حركتها لتحقيق اطماع اعداء العالم العربي ، وهو امر يجعل من هذه المؤسسة عبئا ثقيلا على العالم العربي.
كما أن إصلاح هذه المنظمة يجب أن يكون قائما على دعم السلم العربي والاجتماع عمليا بعيدا عن التمذهب والانحيازات السياسية لصالح دولة معينة تمتلك المال والنفط والنفوذ ، كما يجب وبالضرورة أن يكون هناك ضغوط شعبية لخلق كيان مواز يعبر عن الشعوب العربية المطحونة والممزقة والتي تعاني ويلات الحرب والدمار والتفتيت والانهيار الإقتصادي وسط فرجة وصمت هذه الجامعة التي وجودها الآن بهذه الطريقة اكثر ضررا من عدمها ، ويجب أن يكون هذا الكيان الموازي للجامعة العربية ولنطلق عليه "جامعة الشعوب العربية" أو " اتحاد الشعوب العربية " رقيبا على أداء هذه المنظمة ويرصد جرائمها بحق الشعوب العربية ووحدتها ، كما يجب أن يكون أداة ضغط على الحكام لتغيير سياساتهم التي جعلت الجامعة العربية اسيرة وسجينة وتحت إمرة دول معين وحكام عرب معينين ، فأخطر داء يمكن أن يضرب الهدف من هذه المنظمة هو اختطافها لدعم مذهب ديني معين او وجهة نظر سياسية معينة تهدد وحدة العرب وامنهم وهذا الداء يخدم مخطط الشرق الاوسط الكبير القائم على تفتيت المنطقة على اسس عرقية وطائفية ودينية ومذهبية لاشعال العالم العربي باسم الدين لضمان أمن وسلامة إسرائيل ، فحال هذه المنظمة المنكوبة لن ينصلح إلا بضغوط شعبية سلمية من كافة الدول العربية الاعضاء لاصلاح المنظمة لتكون معبرة عن الجميع بلا استثناء.