الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نبدأ الحكاية


اقتربت منها صديقتها وهمست فى أذنها وقالت: بنتى بتتعالج نفسيا .وعندما لاحظت أن صديقة عمرها تقول هذه الجملة، وهى كمن ابتليت، أو أن ابنتها فعلت المحرمات والعياذ بالله، نظرت إليها نظرة طمأنة وقالت لها بهدوء :عادى، أكيد فيه ما جعلها تذهب إلى الطبيب النفسي، ولم تكمل عبارتها حتى انهارت دموع صديقة عمرها وعلا تحيبها وقالت أنا السبب فيما ألم بها، أنا من دفعها دفعا لذلك، هى لا تريد أن تكون مثلى، وأيضا لم تستطع أن تتعايش مع الأوضاع التى ألمت بنا.

كما أنها لا تغفر لى ما صنعته بنفسى من تهاون فى حقوقى كلها، وأيضا نظرتها لى متدنية لأنها كانت تريد أم قوية تحتمى بها، لا تخاف من طريقتها فى مواجهة الأزمات، وحرصها على الإبقاء على من باعوها بأبخس الأثمان.

صمتت عندما وجدتها لا تعير لكلامها اهتماما وأيضا لتفنيدها لكل كلمة قالتها، إنها غير صحيحة، وبأنها إنسانة رائعة ،لانها بنت اصول، ولم تكن مثل من باعوها، ولم تقابل خستهم بخسة ،بل عملت بالاية الكريمة التى تطالب بالا ننسى الفضل بين من عشنا معهم وشاركناهم كل حياتهم ،وبانها كانت انسانة فى كل مواقفها. وبان اسباب لجوء ابنتها الى الطب النفسى قد يكون جزء منه هو الظروف العائلية .
هدأت وعادت الى رشدها ولم تلتق بها لفترة طويلة اخذتها منها ظروف السفر والعمل خارج الوطن .وبعد مايقرب من عقد كامل عادت الى بلدها مصر واول مابحثت عنه هى وتحدثت معها فى الهاتف ووجدت صوتها يشع بهجة وسرور واتفقتا ان تلتقيا ، وبالفعل التقيتها فى فيلا فى الاحياء الجديدة الراقية بها ارقى الاثاث، واجمله ،واغلاه سعرا، وجاءت تستقبلها ... ولم تتعرف عليها لاول وهلة فقد تغيرت تماما، للاجمل بالطبع ،وصارت اصغر منها ،مع انهما من سن واحدة ،احتضنتها وهى ايضا فعلت المثل ، وجلست معها وبالطبع كانت من الذكاء لتعرف لهفتها على معرفة ماجد عليها .
فقالت : كلماتك معى كانت بلسم عمرى ، ودفعة حقيقية نحو الثقة بالنفس ،فقد تأكدت اننى كنت مخطئة حينما حملت نفسى فوق طاقتها ،وعندما تحملت عن طيب خاطر اخطاء غيرى، ورضيت بأن اعيش مظلومة ،وارضى بظلم الاخرين لى ،فقد رتبت اوراق حياتى ونظمت ظروف بيتى وتقربت اكثر واكثر من ابنائى ،وانتبهت لنفسى ، وتخلصت من قيودها بالماضى المزعج ،والتقيت بمن غير لى طريقة الحياة كلها ،شاب يصغرنى بعدة اعوام ولكنه يكبرنى بمفهوم رائع عن الحياة ،والمشاركة، والحب ،واحترام الاخر ،تزوجته وتغيرت حياتى كلها، وذقت طعما جديدا للحياة لم اتذوقه مع من كان يوهمنى انه لايوجد له مثيل ولابديل .
تعلمت مع زوجى الجديد ان الحب الحقيقى هو الذى اعيشه معه وليس ماعشته سابقا ،لم يبخل باى شيء من اجل اسعادى انا واولادى فقد حرص كل الحرص على تلبية كل مايريدونه حتى ان لم يعلنوا عنه ، صار هو بؤرة حياتنا وكل مانصبو اليه، تعلمت منه فى سبع سنين هم عمر حبى وزواجى منه، ان الحياة تعطى بقدر ماتأخذ ،وان الصبر على الابتلاء له جزاء لايعلمه الا الصابرين .
عشت معه ولم ازل اعيش حياتى التى لم اعشها مع من توهمت انه انسانا مخلصا وللاسف لم يخلص ولم يكن ينتمى للانسانية من الاساس ،ابنتى سعيدة وتزداد سعادتها بسعادتى ،وبأننى صرت جديرة بأن اكون امها .ابناي يفتخران بان هذا الرجل جلب لامهما سعادة حرمها منها من كانت عليه سعادتها حق وواجب ،كل ماانا فيه يجعلنى اسجد لربى شاكرة عطاياه راجية دوامها ،وسكتت ليدخل علينا من كانت توصفه ليأخذها بين احضانه ويقبلها وعندما تعرفه عليا يقول لى : باحسدك انك عرفاها من زمان ،انا باطلب من ربنا اعيش معاها لغاية اخر لحظة من عمرى ،وانى اسبقها الى الاخرة لانى لااتحمل الحياة بدونها.
اكملت وقتى معها وعدت بيتى، واقسمت الا اراها مرة اخرى لاننى تخوفت عليها من ان يحدث لها اى شىء وتظن بعض الظن اننى قد حسدتها ،ولكنى فى طيات نفسى سعدت ايما سعادة بما اصبحت عليه وفى صلاتى كنت اناجى ربه واقول له :كم انت حنان منان ياربى فهل لى من رحمتك جزءا؟!!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط