الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نبيل فزيع يكتب: استقلال الجامعات وقانونية التحقيق مع أساتذتها

صدى البلد

أثارت أزمة إحالة بعض أساتذة الجامعات للتحقيق أمام النيابة الإدارية، تساؤلات حول مدى صحة إجراءات ربما تكون باطلة تماما لمخالفتها قانون تنظيم الجامعات والذي يضمن استقلاليتها، ويترتب على بطلان الإجراء بالضرورة إفلات بعض المخطئين والمخالفين من العقاب.

فلرئيس الجامعة بعد عرض الأمر عليه أن يصدر أمرًا بالتحقيق في أي واقعة، والسلطة المختصة بإحالة عضو هيئة التدريس إلى التحقيق حددتها المادة 26 من قانون تنظيم الجامعات، رئيس الجامعة، كذلك هو مسئول عن تنفيذ قرارات مجلس الجامعة، والمجلس الأعلى للجامعات، في حدود هذه القوانين واللوائح، لذلك إذا نسب إلى عضو هيئة التدريس بالجامعة، أنه ارتكب عملا من قبيل الإخلال بواجباته الوظيفية، أو خروجا على مقتضياتها، فإن الاختصاص بإحالته للتحقيق ينعقد لرئيس الجامعة وحده.

ويبلغ عضو هيئة التدريس المحال للتحقيق، بإحالته للتحقيق بشكل رسمي، عن طريق خطاب موجه إلى مكان عمله، أو محل إقامته الثابت بالأوراق الرسمية، وليس شفاهه أو عن طريق الهاتف. ويتضمن الإخطار استدعائه لسماع أقواله، مع تحديد الزمان والمكان واسم المحقق والمخالفة المنسوبة إليه، وذلك قبل إجراء التحقيق بوقت كاف وملائم.

ويكلف رئيس الجامعة أحد أعضاء هيئة التدريس في كلية الحقوق بالجامعة، وفي حالة عدم وجود كلية للحقوق، يتم انتداب أستاذ من كلية حقوق بجامعة أخرى، بمباشرة التحقيق، ويجب ألا تقل درجة من يكلف بالتحقيق عن درجة من يجري التحقيق معه، وإذا لم تتوافر هذه الشروط، يعد ذلك إخلال شكلي جسيم، مما يستوجب إثباته في محضر التحقيق، أو من خلال محضر إثبات واقعة بقسم الشرطة، التابع له الجامعة.

ولرئيس الجامعة بعد الإطلاع على التقرير أن يحفظ التحقيق، أو يأمر بإحالة المحقق معه إلى مجلس التأديب، إذا رأى محلًا لذلك، ويتم حفظ التحقيق مؤقتا إما لعدم معرفة الفاعل، أو لعدم كفاية الأدلة، أو حفظه قطعيًا لعدم صحة المخالفة أو الأهمية.

ويمكن لرئيس الجامعة أن يكتفي بتوقيع عقوبة في حدود ما تقرره المادة (112) من قانون تنظيم الجامعات، من منح رئيس الجامعة سلطة توقيع عقوبتي التنبيه واللوم، المنصوص عليهما في المادة (110)، على عضو هيئة التدريس الذي يخل بواجباته، أو مقتضيات وظيفته، وذلك بعد سماع أقواله وتحقيق دفاعه، ويكون قراره في ذلك مسببًا ونهائيًا، وله أن يُوقف أي عضو من أعضاء هيئة التدريس عن عمله احتياطيًا، إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك، ويكون الوقف لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر، ولا يجوز مدها إلا بقرار من مجلس التأديب، مع وقف صرف ربع راتبه، ابتداءً من تاريخ الوقف، ما لم يقرر مجلس التأديب صرف كامل الراتب، وإذا لم يرفع الأمر إلى مجلس التأديب، خلال شهر من تاريخ الوقف، يصرف كامل الراتب إلى أن يقرر المجلس غير ذلك.

بعد الإحالة لمجلس التأديب نكون بصدد مرحلة جديدة من أهم مراحل تأديب أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة، والتي تعد بمثابة محاكمة تأديبية. وتسري بالنسبة إلى المساءلة أمام مجلس التأديب، القواعد الخاصة بالمحاكمة أمام المحاكم التأديبية، المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة. ويكون الطعن على قراراتها أمام المحكمة الإدارية العليا، وهي أعلى درجة في القضاء الإداري.

ولعضو هيئة التدريس المُحال إلى مجلس التأديب، الإطلاع على التحقيقات التي أُجريت، وذلك في الأيام التي يعينها له رئيس الجامعة.

وتنحصر الجزاءات التأديبية على عضو هيئة التدريس فى "التنبيه، اللوم" وهما من العقوبات الأدبية ويختص بهما رئيس الجامعة، ومع النظر إلى التدرج العقابي في قائمة العقوبات، التي ورد النص عليها في المادة (110) من قانون تنظيم الجامعات، نجد أن اللوم يعتبر أشد جسامة من التنبيه، من حيث الترتيب التصاعدي للعقوبات، وفي بعض الجامعات توجد آثار تبعية على هاتين العقوبتين، تصل في خطورتها إلى تأخير تعيين عضو هيئة التدريس في الوظيفة الأعلى، ما لم يتم محو الجزاء من رئيس الجامعة، بعد العرض على مجلس الجامعة، بناء على اقتراح مجلس الكلية وأخذ رأي مجلس القسم.

وهناك عقوبة اللوم مع تأخير العلاوة المستحقة لفترة واحدة أو تأخير التعيين في الوظيفة الأعلى أو ما في حكمها لمدة سنتين على الأكثر، والعزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة، والعزل مع الحرمان من المعاش أو المكافأة وذلك في حدود الربع.

ويعاقب بالعزل عضو هيئة التدريس الذي يرتكب جريمة أو مخالفة الاشتراك أو التحريض أو المساعدة على العنف أو أحداث الشغب داخل الجامعات أو أي من منشآتها، أو ممارسة الأعمال الحزبية داخل الجامعة، إدخال سلاح من أي نوع كان للجامعة، أو كل فعل يزري بشرف عضو هيئة التدريس أو من شأنه أن يمس نزاهته وكرامته وكرامة الوظيفة أو فيه مخالفة لنص المادة (103) من قانون تنظيم الجامعات.

ويُحال مقترف أي من الأفعال المشار إليها بالبنود (1، 2، 3) للتحقيق، بقرار من رئيس الجامعة، الذي له أن يأمر بإحالته لمجلس التأديب، إن رأى محلًا لذلك على أن يعلنه ببيان التهم الموجهة إليه، وبصورة من تقرير المحقق، بكتاب موصى عليه بعلم الوصول، قبل جلسة المحاكمة بسبعة أيام على الأكثر.

وهناك مجموعة من ضمانات التحقيق والتأديب، منها الضمانات الشكلية التي تتعلق بسلامة إجراءات الإخطار بالتحقيق، وإحاطة عضو هيئة التدريس بالتهم المنسوبة إليه، وكتابة التحقيق. ومن جانب آخر الضمانات الموضوعية، وأبرزها استيفاء مقومات التحقيق، وتحقيق الدفاع، وحياد المحقق.

ومن أهم المبادئ المستقرة في أصول التحقيق هو حيدة هيئة التحقيق أو المحاكمة، وإتمام إجراءات التحقيق بموضوعية ونزاهة، وصولا لإرساء العدالة. وذلك من خلال مراعاة عدة أمور، أهمها: عدم إبداء رأي سابق في الواقعة محل التحقيق، حيث يجب ألا يكون المحقق قد كتب أو سمع أو تكلم في موضوع التحقيق، ضمانا لصفاء ذهنه ونفسه من كل ما يكون عقيدة لديه عن الواقعة. وعلى المحقق أن يتحلى بالموضوعية والنزاهة لتحقيق العدالة، وألا يكون له مصلحة في التحقيق، وألا يكون خصما للمتهم بما يؤثر على حياد التحقيق.

ويكون الطعن على قرارات مجلس التأديب أمام المحكمة الإدارية العليا، حيث يعتبر قرار مجلس التأديب، بمثابة حكم أول درجة، وتسري بالنسبة إلى المساءلة أمام مجلس التأديب القواعد الخاصة بالمحاكمة أمام المحاكم التأديبية، المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة، ولابد من الطعن قبل مرور 60 يوما من تاريخ العلم بالعقوبة علما يقينيًا من قبل المحال أمام المحكمة الإدارية العليا، ويتم بصحيفة معلنة بجدول المحكمة الإدارية العليا.

ورئيس الجامعة ونوابه وأمين عام المجلس الأعلى للجامعات خلال مدة شغلهم لوظائفهم تلك، يظلوا فى كلياتهم الأصلية أساتذة، لهم فيها كافة حقوق الأستاذ، ولكن وضع لهم المشرع تنظيما تأديبيًا خاصا، حيث يشكل المجلس الأعلى للجامعات، بناء على عرض رئيسه، لجنة ثلاثية من بين أعضائه لتحقيق الوقائع المنسوبة إلى أحد رؤساء الجامعات أو نوابهم أو أمين المجلس الأعلى للجامعات.

ولهذه اللجنة أن تستعين بمن تراه من أساتذة كليات الحقوق أو الخبراء الفنيين، لاستيفاء ما تراه لازمًا، ولا يجوز للمعروض أمره حضورجلسة المجلس عند نظرموضوعه، ويعرض رئيس المجلس نتيجة التحقيق على السلطة المختصة بالتعيين لاتخاذ ما تراه بشأنه.

وأخيرًا.. فإن استقلال الجامعات يصونه قانون تنظيمها نفسه ويحدد سلطات القائمين عليها تجاه العاملين بها من أعضاء هيئات التدريس، ونتمنى ألا تخالف سلطة قانونًا أو يتجاوز أستاذ هو بالضرورة قدوة لأجيال، بحق زملاء أو طلاب أو بحق الجامعة ذاتها، ولنا فى أهل العلم المحترمين نماذج يحتذى بها فى احترام القانون.