الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ما بين زكريا الحجاوي .. والشاعر الفاجر !!


نعم ما بينهما مسافة زمنية تتعدى كل المسافات المضحكات والمبكيات، بينهما مسافات فنية وأدبية وثقافية تتخطى كل الحدود، هذا أمر واقع يظهر لأى من جمهور المحبين والمتابعين للفن الشعبى وما هو ظاهر علي الساحة الآن من اللا فن ولا شعبى .

إذن من هو زكريا الحجاوى ؟
هو عاشق ومكتشف وجامع الفن الشعبى والفنانين والمداحين، هو فى الأصل إنسان عصامى ولكنه كان يملك وجدان فنان ومثقف حقيقى مصرى، لم يكن طريقه مفروشا بالورد، ولم يعرف الواسطة، ولكنه عرف القراءة والفكر وترجمة ذلك لتكوين شخصية مثلت فيما بعد رائد الفن الشعبى المصرى .

عمل في بداية حياته موظفا بمستشفى الحوامدية وكانت في عهدته بطاطين لا تستخدم، وجاء شتاء قارس فوزع البطاطين على الفقراء (بوهيميا الفن)، ومصادفة قاموا بجرد العهدة، وتبين عدم وجودها، فترك الوظيفة واتجه إلى العمل صحفيا في جريدة (المصري) التي ظلت تصدر إلى 1954، ونشر فيها بدايات تجاربه القصصية .

أسس بعد ثورة يوليو 1952 بعدما استعان به السادات،  وفريق التحرير جريدة الجمهورية، ولكن بعد الأعداد الأولى تركها الحجاوي، وعاد إلى البحث عن الفنون والموهوبين في أنحاء مصر.

وحين تأسست وزارة الثقافة عام 1957 استعان به الأديب «يحيى حقي» في جمع الفنون الشعبية، واكتشاف المواهب في مختلف المجالات الشعبية .

وكان هو صاحب فكرة إنشاء( مسرح السامر والثقافة الجماهيرية)، لكن نشاطه وعطاءه الرئيسي كان في جمع التراث الشعبي من مكامنه، واكتشاف المواهب، وتقديمها للناس، وهذا دفعه للغوص والتجول أكثر في كافة أنحاء الوطن، بحثا عن الكنوز المغمورة، وإزاحة الركام عنها، وتلميعها، حيث قدم عددا كبيرا من الفنانين. اكتسب عدد كبير منهم شهرة واسعة، وباتوا أسماء لامعة، ومنهم (خضرة محمد خضر ومحمد طه وأبو دراع وجمالات شيحة ومتقال قناوي). 

كتب للإذاعة 60 عملا منها (ملحمة أيوب المصري وكيد النسا و ملاعيب شيحة وسعد اليتيم) وقدم للسينما أفلام (سيد درويش وأدهم الشرقاوي وأحبك يا حسن) وله دراسات علمية نشرت في(مجلة الرسالة الجديدة) عن الفن الشعبي المصري وتُعد من أولى المحاولات العلمية في الثقافة الشعبية، وألف كتابا مهما بعنوان (حكاية اليهود)، بذل فيه جهدا ميدانيا، ولكنه لم ينشر إلا فى تسعينيات القرن العشرين .

وصف الأديب الكبير يوسف إدريس مجموعته نهر البنفسج ( بالريادة في الواقعية).
أنشأ معهد الفنون الشعبية والفرقة القومية للفنون الشعبية.
طاف أقاليم مصر واهتم بكل الإبداع الشعبي، من المديح النبوي إلى الأغاني والسير الشعبية والرقص الشعبي، والمواويل والبكائيات، وذكر في كتابه «حكاية اليهود» إن أولى رحلاته كانت إلى شمال سيناء والقنطرة والبردويل ورفح ، ورحلته الثانية عبر الصحراء الشرقية من إسنا إلى القصير،ثم إلى دير سانت كاترين، لجمع الرقصات الشعبية وعرضها على مسارح البلاد . 

كان يقود الفرقة الموسيقية للأعمال التى يجمعها كل من (عبد الحليم نويرة وعلى اسماعيل ) .
كان يؤمن بأن الفن الشعبي موجود في مصر القديمة منذ بناة الأهرام، في التراتيل الدينية والاحتفالات المصرية القديمة، لهذا أجرى حوارا مع الدكتور «سليم حسن» عالم الآثار المعروف، وصاحب موسوعة (مصر القديمة) حول الفن الشعبي في مصر القديمة، وحاور بيرم التونسي عن الزجل، و اصطحب صلاح جاهين إلى الموالد التي استلهم منها رائعته «الليلة الكبيرة»، وقال جاهين عن الحجاوي: (كان يشبه سقراط والتفاف تلاميذه حوله) .
وتوفي يوم 7 ديسمبر 1975.

ذلك هو الفنان المصرى الذى يرى أن هويته هى فى لهجته المحلية وتراثه الشعبى الموجود بالأقاليم وهو ما يستحق أن يبذل من أجله الوقت والعمر لكى يجمعه ويصيغه وينقله لأجيال قادمة لتعرفه وتغذى به وجدانها، فينتقل لها الشعور بأنها امتداد للجذور الحضارية الحقيقية، بفن شعبى رغم بساطته، إلا أنه يبهر من يسمعه ويشاهده، وله جمهور من أنحاء العالم .

أما السيد الشاعر الفاجر صاحب اللا فن واللا وعى، فمعذرة لم أجد ما يستحق الكتابة لأننى علي يقين أنه لا يعرف من الفن الشعبى غير هذا الاسم، إنه حتما الغبار الذى سيزيله المطر عن وطننا لنعيد طرح تراثنا من جديد على أجيالنا القادمة .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط