كشف الدكتور أشرف أبو اليزيد مدير عام متحف النسيج المصري، عن حكاية نسيج جبانة البجوات بواحة الخارجة،والذي سيكون الموضوع الرئيسي للمعرض الذي ينظمه المتحف الأربعاء 2 يناير بعنوان"الله محبة"، وذلك في إطار الاحتفالات التي ينظمها قطاع المتاحف بمناسبة أعياد الميلاد المجيدة.
المعرض سيستمر حتى نهاية شهر مارس المقبل ويضم عددًا من قطع النسيج الفريدة التى عثر عليها فى مقابر جبانة البجوات،منها خمس قطع تعرض لأول مرة، وتظهر تأثر الفن المسيحى الوليد بالفن المصرى القديم فى البداية، ثم اتخاذه ملامحه الخاصة من البساطة ورمزية الزخارف وغيرها بعد ذلك.
وقال أبو اليزيد في تصريحات لموقع صدي البلد إن منطقة الصحراء الغربية لعبت دورًا متميزًا علي الدوام في تاريخ الحضارة المصرية منذ بداية تاريخها،بما احتوته من واحات عديدة تم تقسيمها في عصر تحتمس الثالث الي مجموعتين المجموعة الجنوبية والمجموعة الشمالية.
وأصبح اسم الواحات منذ ذلك العصر وبخاصة المجموعة الجنوبية اى الخارجة، والداخلية فى الوادى الجديد يتردد كثيرا، ففي القرنين 3 و4 الميلاديين هرب الي الواحات الكثير من المسيحيين،فارين من اضطهاد الرومان الوثنيين والروم البيزنطيين بعقيدتهم المسيحية،وعاشوا فيها وخلفوا لنا آثارًا هامة تتمثل في جبانة البجوات"مدينة الموتي"في واحة الخارجة.
وتابع:وتقع جبانة البجوات علي بعد 3كم شمال مدينة الخارجة خلف معبد هيبس،ويرجع اسمها هذا إلى الطراز المعماري الذي بنيت به،وكان علي شكل قبوات ويرجع تاريخها إلى بدايات القرن الثاني الميلادي.
وتضم 263 مزارًا"مقبرة"علي شكل كنائس صغيرة بنيت بطراز القباب،وتحتوي على أطلال كنيسة تعتبر من أقدم الكنائس القبطية فى مصر،زينت جدرانها بأجزاء ومناظر من نصوص التوراة والإنجيل،بالاضافة إلي بعض القصص المسيحى.
وقال أنه من أهم هذه المزارات مزار الخروج والذي يحكي قصة خروج بني إسرائيل من مصر يتبعهم فرعون بجنوده، يليه مزار السلام وهو من أكثر المزارات شهرة ويطلق عليه المقبرة البيزنطية،وسمي المزار بهذا الإسم لوجود رمز السلام وفيه رسومات تمثل نبي الله يعقوب والسيدة العذراء والقديسين بولا وتكلا،بالإضافة لنقوش صورت مشاهد سفينة نوح وآدم وحواء وابراهيم وإسحاق وتعذيب تكلا.
وتابع:كانت الحكومة المصرية قد منحت متحف المتروبوليتان للفنون بنيويورك عام 1907م الإذن بالتنقيب في المنطقة الشمالية من واحة الخارجة،والتي استمرت حتي أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين،حيث اكتشف العالم تشارلز ويلكينسون عام 1930م بعض الدفنات،وعثر في بعضها على عدد من قطع النسيج المختلفة منها لفائف كتانية لمتوفين وأغطية رأس.
وقطع ملابس مختلفة غلب على بعضها استمرار ملامح الفن الفرعونى،مثل استخدام علامة العنخ للتعبير عن الصليب،كما ظهر على بعضها بعض ملامح الفترة الجديدة،ويحتوى متحف النسيج المصرى على مجموعة من نسيج منطقة البجوات التى تبرز تأثر الفن القبطى بالفن المصرى القديم،وذلك من خلال تصوير الصليب على شكل علامة العنخ.
وقال:ومنها قطعة عبارة عن غطاء رأس لصبى من الكتان مؤرخة بالقرن الرابع الميلادى،وقد نفذت علامة العنخ من الصوف باللونين الأحمر والأزرق،وقطعة تصور الصليب واضحًا بشكل صريح فى وشاح مؤرخ بالقرن الرابع الميلادى،من الكتان السادة ذو شراشيب ومزين أيضًا بعلامة العنخ،ونفذ الصليب الصريح فى المنتصف بالنسيج الوبرى ، مما يعبر عن الامتزاج بين بين الموروث القديم والعقيدة المسيحية الجديدة .
وكشف أنه تميزت الملابس التى جاءت من جبانات البجوات عمومًا بالبساطة وقلة الزخرف عليها،كما فى وشاح من الكتان مطرز بأشرطة من الطرفين بخيوط صوف أرجوانية اللون،ويعلوها شريط من النسيج الوبرى ذو شراشيب من كلا الجانبين.
وربما تدل قلة الزخارف على هذه القطعة انها كانت تستخدم للحياة اليومية، وقطعة تصور الصليب فى المنتصف وعلى الأطراف أيضًا أنها ربما استخدمت كملابس للرهبان ورجال الدين.
وأضاف: وقدساعد مناخ الصحراء الجاف فى حفظ مقابر البجوات واستمرار ألوانها طيلة هذه القرون،والتي يعلو العشرات من هياكلها آلاف الكتابات باللغات الإغريقية واللاتينية والقبطية،تحكي قصصا لتاريخ المسيحية في مصر.