الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحدها حمل العشاق والآخر شهد مجزرة الطلاب.. حكايات الشهد والدموع لأقرب 3 كباري في القاهرة.. نوستالجيا

صدى البلد

تعاني القاهرة الكبرى، من الازدحام المروري يوميا وخاصة في ساعة الذروة، إذ نرى السيارات تتكدس خلف بعضها البعض، ولكن بالنظر إلى تصميمات الكباري العريقة بالقاهرة، نجد أن لها تصميمات عتيقة تحكي عن التاريخ، فالقدرة التقريبية لحمل هذه العربات، تنم عن جهد كبير مبذول في إنشائها ومنها كوبرى الجلاء، الذي يتخطى عمره الـ ١٤٨ عاما، يليه كوبرى قصر النيل ثم كوبرى الجلاء.

ويستعرض" صدى البلد" تاريخ هذه الكباري والتي تعد شاهدة على التاريخ الحديث لمصر.

_ كوبري الجلاء "العشاق"
أنشئ عام 1872 بقرار من الخديوي إسماعيل، 146 عاما مرت على تشييده شهد خلالها على حوادث تاريخية مختلفة، كما حمل ملايين المصريين، ليعبروا من خلاله إلى الجهة الأخرى من القاهرة الخديوية، وأطلق عليه حينها البحر الأعمى، حتى مر بأحداث تاريخية ليحمل اسم "الجلاء"، عقب إجلاء الإنجليز من مصر، ليحتفظ باسمه حتى الآن.

تم تشييد الكوبري في عهد الخديو إسماعيل، كان ممرا عاديا حتى 1914 ووضعت له فتحة لعبور المراكب والبواخر النيلية الكبيرة لتسهيل حركتها، ومن ثم إغلاقه مرة أخرى، وعلى ذلك الوضع تم تجربته قبل بدء أعمال التطوير منتصف نوفمبر عام 2017 بهدف التأكد من سلامة الأجزاء الميكانيكية خاصته لتسهيل عبور البواخر السياحية الكبيرة، وكذلك إمكانية فتحه في حالات الطوارئ".

وأصبح ممر الكوبري يُشكل رونقًا آخر بعد ترميمه، فبدلًا من هروب العشاق إلى كوبري "قصر النيل" خوفًا من سوره المائل أو أرضيته غير المتزنة، عادت إليه الروح مرة أخرى، ليزدحم بالمحبين، وبالعودة لتاريخ الكوبري فقد حمل اسم البحر الأعمى في أول أيامه، إلى أن تغير لاسم بديعة لقرب ملهى الفنانة بديعة مصابني والذي يحمل حاليا مقر فندق "شيراتون".

وبعد الاحتلال الإنجليزي أطلق عليه "كوبري الإنجليز" إلى أن حدثت ثورة يوليو لتمحي آثارهم ومسمياتهم "ليطلق عليه حينها "الجلاء".

أسود قصر النيل
يعود تاريخ تماثيل أسود قصر النيل، إلى أواخر القرن التاسع عشر ويبلغ عمره ١٤٨ عاما، وقد أبدعها المثال الفرنسى الشهير هنري جاكمار، بطلب خاص من الخديو إسماعيل، وجاكمار هو النحات الذي صنع تمثال الكولونيل جوزيف سيف الذي عهد إليه محمد على ببناء الجيش المصري الحديث، فاستوطن جاكمار مصر التي أحبها واعتنق الإسلام فصار يعرف باسم سليمان باشا الفرنساوي وأطلق اسمه على أحد أهم شوارع قلب القاهرة وعلى الميدان، وقد تغير اسمهما بعد ذلك ليصبحا شارع وميدان طلعت حرب، بينما انتقل تمثال سليمان باشا من موقعه فى الميدان الى المتحف الحربي.

كما صنع "جاكمار" أيضا تمثال لاظوغلى الموجود حاليا بالميدان الذى يحمل اسمه، ولهذا التمثال قصة طريفة، فمحمود بك لاظوغلو الذي تحور اسمه التركي ليصبح لاظوغلي، هو قائد عسكري فى الجيش المصري، وقد كان كتخدا مصر أى رئيس الدواوين الإدارية، وهو ما يوازى الآن رئيس الوزراء.

أما تماثيل أسود قصر النيل فقد لا يعرف البعض أنها صنعت أصلا لكى توضع على بوابتى حديقة حيوان الجيزة، لكن حين وصلت التماثيل الأربعة إلى القاهرة من فرنسا، كان الخديو إسماعيل قد تم خلعه، وتولى ابنه الخديوتوفيق، وكانت تجرى فى ذلك الوقت عملية تجميل كوبري الخديو إسماعيل كما كان يسمى الكوبرى آن ذاك.

ورأى الخديو توفيق أن الكوبرى يحتاج لمظهر يليق بهيبة اسم والده، فتم وضع أسدين على كل مدخل، واستعيض عن التماثيل عند افتتاح حديقة الحيوان عام 1891، بلوحات مجسمة على المدخل تصور مختلف حيوانات الغاب.

كوبري عباس
يرتبط كوبري عباس الذي أنشأ في عام 1908 بعمر يتخطى ١١١ عام ويحمل اسم الخديو عباس حلمي الثاني بين محافظتي القاهرة والجيزة، ويسير عليه كل يوم آلاف العربات ومئات المارة، وفي الغالب لا يعرف أحد منهم شيئًا عن قصته، أو تاريخه الذي يحمله بين طياته ، والذي أبى أن يتم تغيير اسمه بعد ثورة يوليو لطمس كل ما يمت للفترة العثمانية بصلة، حيث أطلق عليه "كوبري الجيزة" ليظل يحمل نفس اسمه الذي اشتهر به طيلة عقود سابقة متمسكًا بكل تفاصيله، وعلى الرغم من أن هذا الكوبري قد يحمل ذكريات جميلة للمحبين، ويظهر ذلك عندما نتذكر أغنية المطرب الشعبي عدوية "يا بنت السلطان" إلا أنه يحمل بين طياته ذكريات الأليمة التي لا يعلم عنها الكثير شيئًا: فهو شاهد على أسمى صور النضال الوطني في يوم 21 فبراير من عام 1946 خلال المذبحة التي راح ضحيتها عدد كبير من طلاب جامعة القاهرة بين غريق وقتيل.

وشارك الطلاب حينئذ في ذلك اليوم في النضال ضد الإنجليز، وعند اجتياز كوبري عباس تصدت لهم قوة من "كونستبلات " جنود الإنجليز، فسقط عدد من الجرحي كما توفي أحد طلاب كلية الزراعة وأحد طلاب كلية الآداب، واستجاب الرأي العام للحركة الطلابية وأعلنت مختلف الطوائف أن يوم 21 نوفمبر 1935 سيكون إضرابًا عامًا، ولم يمر عشرة أعوام حتى اندلعت مظاهرات لا تقل ضراوة عن سابقتها بل كانت أشد، حيث راح ضحيتها عدد كبير من طلاب جامعة القاهرة، ويشهد 21 فبراير يوما عالميا لطلبة الجامعات.