الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الكلمة طلقة نار إذا طلعت وراها مسئولية وعار.. ماذا تعني كلمة «بحبك» عند الصعيدي؟

الشاعر علاء جانب
الشاعر علاء جانب في استضافة الإعلامية قصواء الخلالي

لم يكن الطبع الصعيدي الحامي ليغفل جانب الإحساس بالحب في تراثه وثقافته العتيقة، فـ الصعيدي محُب للجمال وصافًا لأوصافه، عاشقا لمفرداته ومعانيه.

كل الشعراء ممن تحدثوا بلغة صعيدية أصيلة عبروا عن مشاعرهم بصور بليغة، حملت في الكلاسيكية عمقا أكبر مما تغنى به كبار المطربين، وجمعت من فنون البلاغة أحسنها وأوفاها حتى ولو تمادت في العامية.

عندما تحدث الأبنودي واصفا عين حبيبته التي خطفت فؤاده و أسالت الشعر على شفتيه قال «شفت في عينيكي المداين، والبيوت أم الجناين والغيطان أم السواقي والولاد أمّات طواقي والشطوط ام النخيل، شباكين ع النيل عينيكي» .. وسواء تحدث الأبنودي عن حبيبته أو تغزل في بلاده فالمعنى بالكاد تتقاطر منه الرومانسية كما لو كانت نظرة غير منتهية في العشق.

في أحد مساءات قصواء الخلالي، على قناة TEN جلس الجنوبي المبدع، الدكتور علاء جانب يحكي عن الشعر والشعراء بمزيد من الحب غير المشروط، إذ قال الشاعر إن الأدب ليس في عصرنا هذا مربحا لكنه شغف وحب لا أكثر.

تحدث في أمسية ثقافية نيّرة عن أحوال الشعراء قديما وحديثا، لكنه لم ينجرف في تيار الحداثة إلى الحد الذي يجعله يستغني عن لغته السوهاجية التي عطشت الجيم وأبت تهميز القاف، ما جذب المذيعة جذبا نحو حروفه البِكر فتحدثت بها عامدة مستسيغة.

لم يكن أمير شعراء الوطن العربي ليترك كل هذا القاموس اللغوي الزاخر بمعاني وحكم الصعيد ليقتصر شعره على الفصحى فقط، فأحب الصعيدي أن يتغزل بلغة أبويه، فماذا قال.. ؟

قال جانب «قصيدة شعري والقمرة ولاد مجانين .. وانا بينهم كجوز الاتنين .. لا أنا قادر أمسك القمرة .. ولا من غير جنون الشعر عارف أعيش».

الغزل عند علاء جانب وكل الصعايدة هو نوع من التحدي بين شخصية الصعيد غير القابلة للتبديل أو التأويل والنزعة العاطفية في قلبه التي تستدعي الرقة في التعبير والميل مع القلب أينما رمى أشواقه.

يقول جانب في أمسيته « لا أنا درويش ولا مخاوي .. ولا بعرف أمثل دور ولد تلفان من الأشواق .. لكن واللي نحت عودك وخلى الورد في خدودك دوا وترياق .. أنا فلبي غريب بيحس بالفرحة إذا أخد الوطن بالحضن في عنيكي وطلع سره في الأوراق».

ولعل الصعيدي الذي يجد في نفسه كبرياء الإعتراف، وحرج البوح، يركن إلى قصائده كثيرا ليصب في طيّاتها أشواقه فتبدو أكثر صدقا وأجدر بأن تُعبر وتعبر إلى القلوب.

يتابع « أنا الدرويش في محرابك .. وأنا الصوفي على ترابك .. وأنا الكحل اللي متعلق بطيف مشدود في أهدابك .. وبخترع السما التامنة إذا آنست منك ضي .. بحبك ياللي سابياني وسايباني ما بين الشعر والقمرة وتر مشدود .. كلامي لمعة في عنيكي .. كلامك دمعة في عنيا ورنة عود».

يختصر الشاعر القصة في بيت شعر قد يصل في بلاغته حد الوصف الدقيق لشخص الصعيدي إذا أحب وقرر الاعتراف «بحبك كلمة طلقة نار إذا طلعت وراها مسئولية وعار .. فـ ميصحش أقولك عاشق ويدي مش بتملك مهر .. وعيب الحر يخطب حرة فتبات الرجولة في قهر .. وعيب إني علشان قلبي أبيت عيني مكسورة ولو هيسكنوني في قصر»

تبتسم قصواء كأنما تتطاير المعاني غنجا في تلك المسافة البينية القصيرة بينهما، لكنما شيء ما آخر صار يبتسم في إطار الشاشة التي بدأت تحمل إلى من يشاهدها شيئا من تراث كاد أن ينسى وجانب من ثقافة وفقا لأصحابها «مبتأكلش عيش»، ربما لأنها تخاطب الروح فحسب.