مصر وأمريكا.. والتسليح

لا يمكن تجاهل الحملة ضد مصر ـ من جانب نواب في الكونجرس الامريكي ـ بسبب صفقات الأسلحة الامريكية.. ولا يمكن التغاضي عن هذه الحملات السياسية التي شنها نواب جمهوريون والذين يطالبون الرئيس أوباما بتأجيل ارسال طائرات إف ٦١ المتطورة الي مصر في ظل تصاعد المظاهرات الاجتماعية ضد حكومة الرئيس محمد مرسي وعدم استقرار الاوضاع.
وفي ذات الوقف كانت تعبر عن الاحتجاج وتصريحات الرئيس مرسي المعادية للسامية ووصف فيها الاسرائيليين بأحفاد القردة والخنازير حسب وصفهم.
ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست عن النائبة الجمهورية ايلينا روس قولها: ان تصاعد الاحتجاجات العنيفة والموقف المتوتر في مصر يمنح الولايات المتحدة ذريعة لإعادة النظر في شحنة هذه الطائرات الي مصر والتوقف عن ارسال المساعدات العسكرية الامريكية، وجاء ذلك في خطاب وقعته النائبة ـ وهي عضو في اللجنة الفرعية الخاصة بالشرق الأوسط في لجنة الشئون الخارجية في الكونجرس ـ مجلس النواب ـ مع النائب الجمهوري يتم جريفين.. ووجه النائبان الخطاب الي الرئيس اوباما وزير الخارجية الجديد جون كيري وشدد الخطاب علي ضرورة تأجيل ارسال طائرات إف ٦١ المتطورة ـ وعددها اربعة ـ الي القوات الجوية المصرية.
ومثل هذه الحملات تعودت مصر عليها في فترات مختلفة في علاقتها مع الولايات المتحدة وانها تعلم قوي الضغط التي تقف وراءها ولكن ذلك لم يؤثر علي العلاقات القائمة علي المصالح المشتركة.
وليست هذه هي المرة الأولي ـ كما قلت ـ وانما كانت هناك حملات سابقة في الكونجرس ضد ارسال المساعدات العسكرية الي مصر وهو ما يخدم اسرائيل ـ منذ عهد الرئيس مبارك ـ واتخذت ذرائع مختلفة، وهناك مثلا حملة عنيفة منذ سنوات بدرجة ان مبارك اضطر الي استعانة بالمشير أبوغزالة ـ رغم اقالته وقتها ـ بحكم علاقته بأعضاء الكونجرس وارسله الي واشنطن لمواجهة الحملة القائمة بخصوص تلك المساعدات الامريكية، واستطاع المشير ابوغزالة مواجهة محاولات قطع المساعدات والتي كان يقف وراءها اللوبي الصهيوني في الكونجرس.
وكان مبارك علي اتصال دائم به علي خط مباشر ساخن للاطلاع علي الموقف ومتابعة التطورات أولا بأول والتنسيق بشأن مواجهة الحملة، وكان يصحب ابوغزالة وقتها السفير اشرف غربال الذي كان وثيق الصلات مع اعضاء الكونجرس منذ كان سفيرا في واشنطن في فترة اتفاقية كامب ديفيد وما بعدها.. وكانت الحملة عنيفة بدرجة ان ابو غزالة اتخذ مقرا له داخل احد مكاتب الكونجرس لإجراء الاتصالات والاجتماعات المباشرة مع الاعضاء الذين تربطهم به علاقات سابقة منذ كان ملحقا عسكريا في واشنطن ولذلك نجح في مهمته وانتهت الازمة!
ولذلك اتوقف أمام الاتصال الاخير الذي جري بين وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا مع الفريق اول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع المصري واتفاق الوزيرين علي دعم علاقات التعاون في مجال الدفاع بين الولايات المتحدة ومصر ولذلك شدد بانيتا علي التزام الولايات المتحدة علي علاقات الدفاع بين البلدين كما بحث وزيرا الدفاع أهمية استمرار المساعدات الامريكية العسكرية لمصر لكي تتمكن القوات المسلحة المصرية من الاستمرار في تحقيق الاهداف المشتركة »الأمنية« في ظل تحديث معداتها وقدراتها.. وقد اكد السيسي التزام القوات المسلحة المصرية بمعاهدة السلام مع اسرائيل وعدم السماح باستخدام سيناء كقاعدة تهدد اسرائيل، وقد بدا التفاهم واضحا بخصوص الدعم.
ومعني ذلك ان التعاون والتفاهم قائم بين القاهرة وواشنطن بشأن مجالات الدفاع واستمرار المساعدات العسكرية لمصر لكي تستمر القوات المسلحة المصرية من الاستمرار في تحقيق الاهداف الأمنية المشتركة وتحديث معداتها وأسلحتها.. وذلك من منظور ان واشنطن تهتم بتطوير الجيش المصري لدوره في عملية السلام في المنطقة.. رغم ما يصدر احيان عن اعضاء في الكونجرس.
ولابد من تقييم العلاقات المصرية الامريكية ـ وبالذات العسكرية ـ من زاوية المصلحة المشتركة واستمرار التعاون في مجال التسليح وتطوير قدرات الجيش المصري.. ولاشك ان العلاقات في مجال الدفاع ـ كما اشار بانيتا الي ذلك ـ تمثل جانبا اساسيا في علاقات مصر والولايات المتحدة علي مدي سنوات طويلة ولا يؤثر فيها ما قدر يثار من جانب أعضاء الكونجرس ويتمثل ذلك في الزيارات التي يقوم بها قادة القوات الامريكية لمصر بين الحين والآخر واجتماعاتهم مع وزير الدفاع ورئيس الاركان لان العسكرية المصرية تعتبر دائما موضع التقدير والاهتمام من جانب الولايات المتحدة باعتبار انها حجر الزاوية للأمن والسلام في المنطقة ـ طوال ثلاثين عاما واكثر منذ معاهدة السلام مع اسرائيل.
وأتوقف امام ما شدد عليه الفريق اول السيسي ـ خلال لقائه مع طلبة الكلية الحربية مؤخرا ـ حول دور القوات المسلحة بها وله معاني هامة وقال: ان الجيش المصري سيظل هو الكتلة الصلبة المتماسكة والعمود الفقري الذي ترتكز عليه اركان الدولة المصرية وهو جيش كل المصريين بمختلف طوائفهم وانتماءاتهم.
ان العسكرية المصرية لها تاريخ مشهود منذ نشأتها فقد كان دوما الدعامة القوية للدولة والقادرة علي حمايتها والحفاظ علي أمنه.
نقلا عن "الأخبار "