الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فضل الصبر على الابتلاءات والمصائب.. وجزاء الصابرين

فضل الصبر على الابتلاءات
فضل الصبر على الابتلاءات والمصائب.. وجزاء الصابرين

فضل الصبر على الابتلاءات والمصائب..أمر الله تعالى بالصبر، وحثّ عليه، وبيّن ما فيه من الأجر الكبير، وفيما يأتي بيانٌ لما في الصبر من الجزاءات بشكلٍ مفصّلٍ:
١- لم يحدّد الله جزاءً محدّدًا للصابرين، وإنّما قال: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)، ولو لم يكن للصبر إلّا هذا الفضل لكفى، ووصف الله الصابرين بالمتقين، وهم كذلك في معيّة الله وحبّه ونصره.

٢- يعدّ الصبر سببًا من أكبر أسباب الخوض في معترك الحياة، والقدرة على السير فيها؛ فالصبر هو المغزى والوسيلة لكلّ من أراد أن يصل إلى هدفه في الحياة الدنيا؛ فمن باب أولى أنّ الوصول إلى الجنّة والفوز برضا الله يحتاج إلى تعبٍ وصبرٍ، ولا يتحقّق ذلك بالكسل والراحة؛ فرسول الله لم ينل الراحة في دعوة الناس إلى الخير ونشر الإسلام بينهم، حتى وصفه الله بأنّه ذو خُلقٍ عظيمٍ.

٣- تكفير السيئات، ومغفرة الذنوب، ومحو الخطايا، ودخول الجنّة، وهذا من أعظم ما يجنيه العبد من الصبر، دلّ على ذلك قوله - تعالى-: (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ*جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ*سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ).

فضل الصبر
١- الصبر: أساس الأخلاق وسيدها وقوامها.

٢- ضياء للحائرين، يهديهم به الله إلى الصراط المستقيم.

٣-  عون على لزوم العبادة، ودوام الطاعة، والاستقامة.

٤- عزاء للمسلم وعدة له في الكروب والبلايا، وهي عونه في مجاهدة النفس لترك الخطايا والذنوب.

٥- أمْرُ الله لرسله ولأنبيائه  - عليهم السلام-، وللمؤمنين، وهو سبب لمحبة الله لأهله.

٦- جزاء الصبر مما تكفل الله تعالى جزاء للصابرين جعل الإمامة لهم، قال -تعالى-: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ)، والنصر على أعدائهم، كما انتصر بنو اسرائيل على فرعون وجنده، وحصول الصابر على المدد والعون من الله تعالى، والمساندة من ملائكته، والحظوة بما تورثه معية الله، من الطمأنينة والانشراح.

أنواع الصبر
للصبر ثلاثة أنواع وهى:

١- صبر على الطاعة، فيصبر العبد ويجاهد ليفعل الطاعة المأمور بها، ويجاهد ما ظهر وما بطن من أعدائه، فبقدر هذا الصبر يكون فعله لهذه الأوامر والمستحبات.

٢- صبر على المعصية، وما نُهي عنه، فيصبر على ما تزين له النفس والشياطين وقرناء السوء من المعصية، فبمقدار صبره وقوته يكون تركه للمنهي عنه.

٣- صبر على المصائب التي تصيبه دون اختياره، وهي قسمان، الأولى: لا اختيار لأحد فيها، كالمرض، والمصائب الكونية، فيصبر هنا اضطرارًا أو اختيارًا، والقسم الثاني: هو الصبر على ما يحصل له بفعل الناس، فيصاب بماله، أو نفسه، أو عرضه، وهو نوع من المصائب من الصعب الصبر عليها، حيث تعرف النفس الجهة المؤذية، وتطلب الانتقام، وهو نوع قليل، لا يصبر عليه إلّا الأنبياء والصديقين.

تعريف الصبر
- الصبر لغةً هو الحبس، فيحبسُ نفسه عن الجزع، أما اصطلاحًا فهو أن يحبس المرء نفسه ويمنعها عمّا حرّم الله، وحبسها على القيام بفرائضه، وحبسها عن الشكوى والتسخط لأقدار الله -تعالى-، فيترك الشكوى من الألم لغير الله، فتكون الشكوى لله فقط، ويحبسها أيضًا على ما يقتضيه الشرع والعقل.

- ويختلف الصبر عن التصبّر، والاصطبار، والمصابرة، والاحتمال، فإن كان هذا خُلُقًا للإنسان وسجيّةً فإنّه الصبر، وإن كان بتكلّفٍ مع ما يستصعبه من تجرّع مرارته فهو التصبّر، كما قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-: (ومَن يتصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ).

- أما الاصطبار هو ابتداء اكتساب التصبّر؛ فإنّ كثرة تكرار التصبّر يجعله اصطبارًا، أمّا المصابرة فيكون وقوعها بين اثنين في حال المخاصمة والمرابطة، ويتوقّف ذلك على التقوى، ويتجلّى ذلك في قول الله - تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، وإنّما سمّي الصبر صبرًا؛ لتمرّره في النفس كما هو الصبر المعروف بأنّه دواءٌ مرٌّ، وهو من أكثر الأخلاق التي اعتنى بها دين الإسلام، وممّا يدلّ على ذلك كثرة تكراره في القرآن الكريم، فقد قال أحمد بن حنبل: " إنّ الصبر مذكورٌ في القرآن نحو تسعين مرةً، فجاء في عدّة مواضع، منها ما كان بالأمر به، ومنها ما كان بالنهي عن ضده، وبعضها جاءت بربط الفلاح به، ومنها ما أخبرت أنّ أجر الصابرين مضاعفٌ عن غيرهم، وكما ورد ذكره في القرآن الكريم في مواضع عديدةٍ، فقد جاء ذكره كذلك في السنّة النبويّة الشريفة".

نماذج من صبر الأنبياء
من أعظم وأجلّ ما جاء في الصبر؛ صبر أولي العزم من الرسل على مشاقّ الدعوة إلى الله، وما تحمّلوه من الأذى في سبيل ذلك، فقد صبر نوح -عليه السّلام- ألف سنةٍ إلّا خمسين عامًا وهو يدعو قومه، وصبر إبراهيم -عليه السّلام- على أبيه وقومه، وتحمّل منهم صنوف الأذى، فقد جُمع له الحطب الكثير وأوقد وألقي في النار، فجعلها الله بردًا وسلامًا، وصبر موسى -عليه السّلام- على أذى فرعون له وجبروته عليه، أمّا عيسى -عليه السّلام- فقد كان له من الصبر على ما لقيه من أذى بني إسرائيل وتكذيبهم له، فقد أرادوا أن يقتلوه ويصلبوه، لكنّ الله نجّاه منهم ورفعه إليه، ونزلت الوصيّة لمحمدٍ -عليه الصّلاة والسّلام- من الله تعالى، فقال له: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ).

كيف تعلم نفسك الصبر
يتعرّض الإنسان في حياته إلى ابتلاءاتٍ ومحنٍ عليه أن يكون صابرًا فيها، وقد يؤدّي طاعةً بعد جهدٍ كبيرٍ فيصبر على ذلك، وقد يحاول ترك معصيةً، أو ذنبٍ، فيستعين بالصبر ليحقّق ذلك، فالصبر مهمٌّ في حياة الإنسان في كلّ الأحوال والأوقات، وفيما يأتي بيان بعض الوسائل والطرق التي تُعين على التخلّق بالصبر:

١- استشعار الإنسان الثواب الجزيل، والأجر العظيم الذي أعدّه الله -تعالى- لأداء الطاعات والعبادات.

٢-  أن يتذكّر دائمًا أنّ للمعاصي والذنوب عقابٌ شديدٌ عند الله تعالى.

٣- القراءة في أحوال الأنبياء عليهم السلام، وأولو العزم من الرّسل كيف أنّهم صبروا على كلّ ما حلّ بهم في حياتهم.

٤-  الاستمرار بدعاء الله تعالى، مع الإلحاح فيه بأن يرزقه الله الصبر، ويُعينه على ذلك.

٥- الاستعانة بالصلاة، والإكثار منها، فالصلاة تُعين العبد على أن يكون صبورًا. أن يستحضر في نفسه الثواب والفضل العظيم، الذي أعدّه الله تعالى للصابرين.

٦- أن يكون الإنسان على علمٍ دائمٍ، وثقةٍ بالله أنّه الذي خلق الكون كلّه، وكتب كلّ شيءٍ عنده في اللوح المحفوظ، وقدرّه قبل الخلق، فيبقى على إيمانٍ بالقضاء والقدر خيره وشرّه.

٧- أن يكون العبد دائم التذكّر أنّ الدنيا زائلةٌ فانيةٌ، وما هي إلّا امتحانٌ، واختبارٌ من الله -تعالى- لعباده ليختبر عباده. أن يستحضر العبد النعم التي أنعمها الله تعالى عليه، وأنّ كلّ المصائب والابتلاءات التي تحلّ وتقع، ويحمد الله -تعالى- على أنّ ما حصل لم يكن أكثر من ذلك. أن يعلم الإنسان بأنّ بعد كلّ ما يحصل من ابتلاءاتٍ ومصائبٍ له سيأتي بعده فرجٌ من عند الله تعالى، فبعد كلّ عُسرٍ يُسرٍ.