إن قرآن الفجر كان مشهودا.. لقراءة القران الكريم فضلاً عظيماً ومنزلة عالية عند الله – سبحانه- وقد وردت العديد من النصوص النبوية التي تدل على أن قراءة القرآن في الفجر لها فضل عظيم يناله المسلم ويتميَّز به عن غيره، وقد مدح الله سبحانه قرآن الفجر بأنّه كان مشهودا، وفي ذلك بيان فضلقراءة القرآن الكريم بشكل عام، وفضل تلاوته في صلاة الفجر بشكل خاص.
القرآن في صلاة الفجر تحضره الملائكة، وذلك يتبين في قوله – تعالى-: «إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا»، [سورة الإسراء: الآية 78] ويؤكد أيضاً هذا الحضور قوله - صلى الله عليه وسلم- لابن حضير وهو يقرأ القرآن وقت الفجر عندما جالت فرسه عدة مرات بعد تكراره القراءة في كل مرة، قال - صلى الله عليه وسلم-: « تلك الملائكةُ كانت تستمعُ لك ولو قرأتَ لأصبحتْ يراها الناسُ ما تستتِرُ منهم»، [صحيح].
و يُعرّف المفسّرون لفظ قرآن الفجر بأنّه تلاوة القرآن الكريم في صلاة الفجر، فقراءة القرآن ركن من أركان الصّلاة، وتُسمّى الصّلاة بالسجود أو بالركوع؛ لأنّهما من أركان الصّلاة أيضاً، ولذلك فتفسير قول الله تعالى: (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)؛ أيّ أنّ صلاة الفجر مشهودة؛ أي تشهدها ملائكة الليل والنّهار، إذْ تجتمع الملائكة في صلاة الصّبح، وقد خُصّت صلاة الفجر بالذّكر في القرآن الكريم؛ لأنّها تُصلّى بقراءة جهريّة للقرآن الكريم، كما أنّها أطول من باقي الصّلوات، فكان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقرأ في صلاة الصّبح ما يقارب ستين آية أو مئة آية، وقد يقرأ سورة السجدة كاملةً في ركعةٍ واحدةٍ، أو سورة الرّوم، وكذلك كان يقرأ سورة التّكوير وسورة ق.
1- يستحق قارئ القرآن شفاعة الله سبحانه له يوم القيامة، لقوله - صلى الله عليه وسلّم-: «اقْرَؤوا القرآنَ فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابه»، [صحيح مسلم].
2- تتضاعف الحسنات، فلقارئ القرآن بكلّ حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، كما جاء في الحديث الشريف: «من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ {ألم} حرفٌ ولكن ألفٌ حرفٌ ولامٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ»، [صحيح].
3- يستحق قارئ القرآن رحمة الله سبحانه له، ويستحق المستمع لقراءة القرآن الكريم أيضاً هذه الرحمة.
4 - كسب محبة الله سبحانه ورضوانه.
5 - الشعور بالسكينة والطمأنينة.
6 - تقويم السلوك، وتهذيب النفس وكبح جماحها.
7- التفقه الدائم في الدين، ولا سيَّما متى قرأه متدبراً.
8- الشعور ببركة الوقت، ولا سيَّما متى انتظمت علاقة المسلم بكتاب الله سبحانه بشكل دائم.
9- قوّة الأيمان بالله وزيادته، بمعنى زيادة آثاره المترتبة عليه.
وردت عدّة أحاديث نبويّة تبيّن فَضْل صلاة الفجر وتحثّ عليها،وأبرزها:
1- صلاة الفجرِ في جماعة تَعدِل قيام كلّ الليل، وقد رُوي عن عمر بن الخطاّب -رضي الله عنه- أنّه يفضّل صلاة الصّبح على قيام كلّ الليل.
2- صلاة الفجر جماعةً تعدّ حصن للمسّلم وهي أمان له، فالذي يصلّي الفجر في جماعةٍ يعتبر في ذمّة الله -تعالى- حتى يُمسي.
3- صلاة الفجر تعدّ ضمان لدخول الجنّة بإذن الله تعالى، قال الرّسول- صلّى الله عليه وسلّم-: «مَن صلَّى البردَينِ دخَل الجنةَ»، والبردين هما: صلاة العصر وصلاة الصُّبح.
4- صلاة الفجر تحجب مؤدّيهاعن النّار، فرُوي عن الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- ما يدلّ على أنّ المحافظ على صلاة الفجر لا يدخل النّار.
5- مَن يؤدّي صلاة الفجرِ تشهد الملائكة له بحضوره للصّلاة، فهي موكّلة بحضور صلاة الصّبح مع المصلّين.
6- صلاة الفجر براءة لصاحبها من النّفاق، فالرّسول - صلّى الله عليه وسلّم- قال إنّ صلاة الفجر من أثقل الصّلوات على المنافقين.
7- صلاة الفجر تعدّ سبباً لنشاط المسّلم وهمّته، فقد ورد في حديثٍ نبويّ أنّ مَن ينام يعقد الشّيطان على رأسه ثلاث عُقد حتى ينام ويكسل، وإذا استيقظ المسّلم لصلاة الفجر وذكر الله -تعالى- انحلّت عقدة منهنّ، وإذا توضّأ انحلّت العقدة الثّانية، وإذا صلّى الفجر انحلّت العقدة الثالثة.
8- صلاة الفجر تعدّ من وصايا الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه رضي الله عنهم، فقد أوصى الرّسول أصحابه بأداء صلاة الفجر لعظيم فضلها.
هناك عدّة أمور تُعين على صلاة الفجر ويستطيع المسّلم القيام بها؛ منها:
1- الخوف من الله -تعالى- والخشية منه؛ فعلى المسّلم أن يبقى دائماً منتبهاً متيقظاً لحاله، فيخشى سخط الله -تعالى- وعِقابه، ويخاف أن تنتهي حياته دون أن يقدّم ما يُرضي الله -تعالى- عنه ليفوز بالجنّة يوم الحساب، ومن الأمثلة على ذلك من حياة الصّحابة -رضي الله عنهم-: عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- الذي كان يبكي ويخشى من طول الأمل ومن اتّباع الهوى، فطول الأمل يُنسي الإنسان أنّ له حياة آخرة وأنّه سيُحاسب على جميع أعماله التي قام بها في الحياة الدنيا، وأمّا اتّباع الهوى فإنّه يصدّ عن الحقّ ويميل الإنسان إلى سواه، فعلى المسلم أن يبقى ذاكراً لله -تعالى- لينال رضاه. البُعد عن المعاصي والمحرّمات؛ فالمعصية تغطّي القلب وتحرمه من الرؤية الصحيحة والهمّة للطّاعة وقد يُحرم المسّلم من التّوفيق في الطاعات، فيُحرم العبد بذنبه صلاة الفجر.
2 - الاستغفار؛ فمهما حرص المسّلم على الابتعاد عن المعاصي وترك الذّنوب فإنّه قد يقع في التقصير والخطأ والزّلل، فيكون الاستغفار وسيلةً لمَحو السيّئات التي يغفل عنها المسّلم، وفضل الاستغفار عظيم وثقيل في الميزان، وقد امتدح الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- المُكثؤين من الاستغفار.
3 - الإكثار من الأعمال الصالحة في اليوم؛ فالحسنة تجرّ خلفها الحسنة، وكذلك السيّئة تشجّع على السيّئة، فمَن أكثر من الطّاعات في نهاره وُفّق للمزيد منها.
4- النيّة الصّادقة والعزم على الاستيقاظ باكراً لأداء صلاة الفجر؛ فمن نام ونيّته جازمة للقيام وقت صلاة الفجر وُفّقه الله -تعالى- لذلك.
5- النّوم على طهارة؛ فرُوي عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ مَن بات طاهراً يبيت فوق رأسه مَلك يدعو ويستغفر له إذا استيقظ في الليل، ووجود مَلَك فوق رأس المسّلم أدعى وأقرب لقيامه لأداء صلاة الفجر.
6- الاستعانة بوسائل أخرى للإستيقاظ؛ مثل: ضبط المنبهات والاتفاق مع صديقٍ ما، وغير ذلك من الوسائل.