الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تحرك عاجل.. استجواب فى البرلمان حول هدم المقابر التاريخية والأثرية.. مستندات

هدم المقابر
هدم المقابر

تقدمت النائبة داليا يوسف، عضو مجلس النواب، باستجواب برلماني حول هدم المقابر التاريخية والأثرية التى تتم فى مصر.


وقالت داليا يوسف إنها وجهت الاستجواب إلى وزير الآثار، ووزير الأوقاف، ووزير الرى والموارد المائية، ووزير التنمية المحلية، ووزير الإسكان لـ 4 أسباب تتضمن:
- مخالفة أحكام الدستور المصري.
- مخالفة أحكام وفتاوى الشريعة الإسلامية
- انتهاك حقوق الإنسان بالمخالفة للمواثيق الولية
- انتهاك حرمة الموتى وهدم المقابر


ونستعرض في النقاط التالية المخالفات المستجوب عنها مشفوعة بالأسانيد:

أولا: مخالفة أحكام الدستور المصري بشأن انتهاك حقوق الموتي وإهدار كرامة الإنسان حيا أو ميتا.


نص الدستور فى المادة "2" منه على أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع".


كما نصت المادة 35 من الدستور على أن "الملكية الخاصة مصونة".


ونصت المادة 51 منه على أن "الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها".


وهذه النصوص تؤكد أن حرمة الإنسان لا تمس، وأن ملكيته الخاصة مصونة، وأن أى انتهاك يتعرض له فى ملكيته الخاصة وكأنها انتهاك لنصوص الدستور.


وأضافت أن هذه الوزارات قامت بانتهاك حرمة الموتى وحرمة الملكية الخاصة وأيضا الحقوق الإنسانية للمواطن المصرى، بارتكابها اعتداءات بالهدم للمقابر الخاصة للمواطنين، فهي ملكية خاصة لهم، ونبش القبور والعبث بالرفات، معللة ذلك تارة بتوسعة الطرق، وتارة أخرى بمحاربة العشوائيات، مشيرة إلى أن الحكومة خالفت نصوص الشريعة الإسلامية والشرائع الأخرى والتى رسخت احترام الموتى وحقوقهم، وتكريم الله عز وجل للمتوفى.


وأكد أهل العلم أن القبر حبس على صاحبه، لا يجوز أن يمشى عليه ولا ينبش ما دام به عظم من عظام المقبور أو شعر من شعره إلا لضرورة، وأن من كبائر الذنوب انتهاك حرمة الأموات ونبش قبورهم لغير ضرورة معتبرة شرعا.


وأوضحت أن حرمة الميت كحرمة الحي، فقد أخرج أبو داود وابن ماجه وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن كسر عظم المؤمن ميتًا مثل كسره حيًا.


ثانيا: مخالفة أحكام القانون المصري بشأن انتهاك حرمة الموتي وهدم القبور.


أوضحت المادة 160 من قانون العقوبات المصري عقوبة هدم القبور بالحبس وبالغرامة، حيث نص القانون على معاقبة كل من انتهك حرمة القبور أو الجبانات أو دنسها أو خرب أو كسر أو أتلف أو دنس مبانى معدة لإقامة شعائر دين أو رموزًا أو أشياء أخرى لها حرمة عند أبناء ملة أو فريق من الناس.


وأركان الجريمة منها الركن المادى، وهو كل فعل مادى من شأنه الإخلال باحترام الموتى، وأن يكون الفعل معبرا عن إرادة الجانى ورغبته، وأن يكون من شأن الفعل امتهان حرمة القبور أو تدنيسها، كهدم المقابر وإخراج الجثث أو تدنيسها، والقصد الجنائى أن يرتكب الجانى بإرادته الفعل المؤثم، ولا عبرة بالباعث.


وهذا يعني أن قانون العقوبات المصرى قد جرم هدم المقابر أو تدنيس الجثث وحث على احترام الموتى، عكس ما قام به وزراء الموارد المائية والأوقاف والتنمية المحلية والإسكان فى عدم حماية المقابر وامتهانها، والعبث بالموتى.


ثالثا: مخالفة أحكام وفتاوى الشريعة الإسلامية
انتهاك حرمة الأموات في الإسلام من كبائر الإثم والذنوب والكبائر التي حرمها الله تعالى، فجميع الموتى المسلمين وغير المسلمين لهم حرمة لا ينبغي مطلقا الاعتداء عليها بأي حال من الأحوال، وإنما يبقى الميت في مكانه لا ينبغي العدوان عليه أو فصل جزء من جسده، فكل من يعتدي على حرمة الميت خارج عن حدود الله تعالي وما أقرته الشريعة الإسلامية لأن ذلك خروج على ما أمر به الله سبحانه وتعالى.


هدم المقابر وهي ملك لأصحابها الأحياء الذين اشتروها من سنين طويلة ليدفنوا فيها موتاهم لا يجوز لأحد تكسيرها، ويقول الدكتور محمد نجيب عوضين، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة القاهرة، في إحدى مقالاته في جزء منها نشر في جريدة الأهرام المصرية الصباحية في عدد 2 مايو 2016 ما نصه: "لقد حرص دين الإسلام الحنيف على تكريم الإنسان حيا وميتا فجاء في القرآن الكريم [ ولقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ على كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا] سورة الإسراء الآية رقم 70 . ووضع ضوابط لهذه المسألة لها باب مستقل في الفقه الإسلامي يسمى [ فقه الموتى والجنائز ] وقد حرم الإسلام نبش القبور أو نقل جثث الموتى من مقبرة إلى مقبرة".


وتوسع المدينة بصورة سريعة ليس مبررا لانتهاك حرمة الأموات ؛ فبإمكان المدينة أن تتوسع إلى جهات أخرى وتبقى المقبرة في مكانها، ولذلك فإن على الأحياء أن ينظموا أمور حياتهم بما ليس فيه أذية لموتاهم.


وصدرت العديد من الفتاوى بشأن حكم نبش القبور القديمة بهدف توسيع الشوارع من المقبرة... في الفتاوى : 10802، 19135، 22870، 74077.، كلها تؤكد على مخالفة الشريعة الإسلامية فى حالة هدم القبور للتوسعة.


رابعا: انتهاك حرمة الموتي
حصاد هدم المقابر الأثرية والتراثية


تضم القاهرة قرافتين هما «القرافة الصغرى من المقطم وحتى منطقة الإمام الشافعي، القرافة الكبرى وهي من صلاح سالم والدراسة وباب النصر ومنه حتى أول مدينة نصر حاليًا وبها صحراء المماليك»؛ وبين القرافتين تفرع جبانتين هما «جبانة المجاورين خلف القلعة، وجبانة الغفير الشرقية تقع بين المقطم والعباسية وبها مدافن الغفير ومنشية ناصر والدويقة شمال قلعة الجبل».


وعلى حساب مقابر الغفير، تقرر إنشاء محور الفردوس بهدف توصيل ميدان الفردوس بشارع صلاح سالم ومن الأخير إلى محور المشير طنطاوي وهذا يعني هدم مقابر بمناطق «الغفير ـ منشية ناصر ـ الدويقة»، ومع انتشار صور المقابر المهدومة ذهب كثيرون إلى أن ما يتم تسويته بالأرض آثار صحراء المماليك.


وتضم صحراء المماليك المترامية 36 أثرا مسجلين وهم عبارة عن خانقوات وقباب وأسبلة وهؤلاء لم يتم مسهم بالهدم وإنما ما تم هدمهم (مقابر حديثة ـ بحسب وصف وزارة الآثار) التي خرجت في بيان رسمي، وقالت إن المقابر التي تم هدمها لم يتم تسجيلها كأثر وإنه على الرغم من أن هذه المقابر غير مسجلة كأثر، فإن الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار وجه بتشكيل لجنة علمية فنية لمعاينة الشواهد والأحجار التي تشتمل على نقوش زخرفية أو كتابية ليتم دراستها وبحث إمكانية عرضها جزء منها ببعض المتاحف كجزء من تراث مصر المتميز.


وردت داليا يوسف على وزارة الآثار بالآتي:
أولا:- على فرض أن المدافن الموجودة لم يتم تسجيلها كـأثر، لكنها جزء لا يتجزأ من قوة مصر الناعمة لسببين:
أولهما يتعلق بالطراز المعماري إذ أن المقابر التي تصفها الوزارة بالحديثة بنيت قبل 100 سنة وأكثر وكلها مبنية على طرز إسلامي يستحق الحماية الأثرية من باب أنه نسيج فني وعمراني للمنطقة، فالأزمة ليست في أنها غير مسجلة وإنما الكارثة أنها لم تسجل أصلًا.


ومما لا تعلمه وزارة الآثار أنه جرت العادة عند أهل أموات مصر زمان من علية القوم أو حتى ميسوري الحالي هو بناء تربة عائلية أو مدفن كبير على طراز إسلامي، وتلك عادة لم تنقطع حتى آخر 70 سنة مثل محمد محمود باشا وزير الداخلية الذي بنى فوق قبره قبة بمنطقة مدافن الإمام.


أما ثاني الأسباب، فأن أغلب الموتى المدفونين في تلك المقابر لهم ارتباط وثيق بالتاريخ المصري الإسلامي والمعاصر مثل الشيخ بكري الصدفي، مفتي الديار المصرية، الذي رفض التصديق على إعدام قاتل بطرس غاليوغيرهم مثل عبود باشا، صانع الاقتصاد المصرى، وشخصيات أخرى كان لها تأثير في تاريخ مصر الحديث، ومسألة عدم أثرية هذه المقابر لا تعني هدمها.


ثانيا: لوزارة الآثار في مصر سجل أسود في التعامل مع ما تسميه "مقابر حديثة"، فحين قررت محافظة القاهرة تطوير منطقة باب النصر تقرر هدم عدد من القبور بحجة أنها غير أثرية لتظهر بعد سنوات فضيحة ثقافية تمثلت في أن من ضمن الشخصيات التي سويت قبرها بالأرض المؤرخ تقي الدين المقريزي والعالم الإسلامي الكبير عبد الرحمن بن خلدون.


وبالتالي فإن تكرار فضيحة قبر بن خلدون قابلة للحدوث وهذا ما حدث في مقابر الغفير، حيث تم التعرض بالهدم لمدفن إحسان عبد القدوس والإعلامى الإسلامى أحمد فراج.


ثالثا: ذكرت وزارة الآثار أنها ستقوم بتشكيل لجنة علمية فنية لمعاينة الشواهد والأحجار التي تشتمل على نقوش زخرفية أو كتابية ليتم دراستها وبحث إمكانية عرض جزء منها ببعض المتاحف كجزء من تراث مصر المتميز.


وما ذكرته وزارة الآثار لن يحدث، فهي نفسها الوزارة التي لم تهتم بمقابر الشخصيات التاريخية بحجة أنها قبور حديثة وكانت النتيجة هو سرقة رخام قبر المفكر عبدالرحمن الكواكبي الذي سُجِّل عليه أبيات شاعر النيل حافظ إبراهيم وتمت سرقته.


والدليل على صحة أن وزارة الآثار لن تفعل شيئًا هو عدم وضع دراسة حفائر أثرية شاملة بأحدث تقنية متبعة، فكما يذكر شريف عبد الهادي أنه قد يكون ما تحت الأرض أهم مما فوقها، ويعرف الأثريون أن الفسطاط والقاهرة تقومان على طبقات خفية من الآثار أقلها الأساسات القديمة وشبكات الصرف العتيقة فضلا عما يمكن أن تشتمل عليه من دفائن ولِقًى.


رابعا: تتعامل وزارة الآثار بالإهمال في ملف «سياحة المقابر» فهناك شخصيات لها ثقل تاريخي كبير في مصر وقبورها الآن مرتع لجلسات شرب الحشيش وممارسة الرذيلة مثل قبر العز بن عبد السلام.


لا ينبغي بتاتًا استمرار عملية هدم مقابر الغفير ومنشأة ناصر والدويقة لحرمة الأموات أولًا ولأن هذه المناطق تعتبر متحفًا جنائزيًا مفتوحًا، خاصةً أن هناك شخصيات تاريخية في تلك المقابر لم يتم الاهتمام بمدفنها أصلًا حتى الآن مثل محمود سامي البارودي على سبيل المثال.


لا يوجد حصر بقبور الشخصيات التاريخية المهدومة في منطقة صحراء المماليك وارتفعت حصيلة قبور الشخصيات التاريخية المهدومة في هذه المنطقة جهة مقابر الغفير والدويقة ومنشية ناصر إلى 7 شخصيات تاريخية (حتى الآن) دون المساس بالمدافن المسجلة كأثر أو المنشآت التاريخية الـ 36 بالشارع.


ومن المتوقع أن ترتفع حصيلة قبور الشخصيات التاريخية التي تعد بمثابة رموز مصر الوطنية.


وأخيرا، نجد ان الخطورة الحقيقية من جراء ما قامت به الحكومة من هدم المقابر، هو صورة مصر الخارجية، فهناك صدى دولي مؤثر يرسم صورة ذهنية أن مصر تنتهك حرمات المقابر لا سيما الأثرية، فوسائل الأنباء الدولية تناقلت هذه الأمور بطريقة سلبية تؤثر على صورة مصر الخارجية في الحفاظ على تراثها والحفاظ على الكرامة الإنسانية (مرفق أحد المقالات).


لماذا تصر الحكومة على تشويه ما يقوم فخامة الرئيس ببنائه يوما بعد يوم من تصحيح الصورة الذهنية وتثبيت أركان الدولة.


وبناءً عليه:

نتقدم بهذا الاستجواب طبقا للحقوق الدستورية المنصوص عليها بالمواد (101، 130) من الدستور لمحاسبة الوزراء: الرى والموارد المائية، والأوقاف، والآثار والتنمية المحلية على هذه المخالفات الجسيمة.