الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الرجالة بيتقهروا من سواقتنا.. حكاية علا رشوان أول معلمة قيادة في سوهاج |شاهد

 حكاية علا رشوان
حكاية علا رشوان أول معلمة قيادة في سوهاج |شاهد

زحام المرور بالطريق وسيارات بمختلفها تحاوطها من جميع الاتجاهات، صوت ضجيج السرينة يوترها، وعادات وتقاليد المجتمع الصعيدي تحكمها وتقتل حريتها وتُسيطر على أبسط حقوقها، نعم هذه المرأة عندما تقود السيارة وهي أقل الأشياء التي من حقها أن تفعلها، ولكن مبادئ الصعايدة تُحكم مُعتقداتهم.

وجاء عام ٢٠١٥ وتآتي معه سيدة ثلاثينية تضرب بقيود المجتمع الصعيدي بمحافظة سوهاج عُرض الحائط، لتكتسح في مجال قيادة السيارات وتعليمها للسيدات والفتيات من أبناء المحافظة، ألا وهي علا رشوان، الفتاة التي ولدت في أسرة يحدها القوانين من جميع الإتجاهات، حيث أن والدها وأشقاءها الثلاث من كبار محامين الإقليم.

"بتكتبي إيه يا علا؟ .. بكتب اسمي يا بابا اسمك! مش شايفة انك كبرتي شوية على كتابة اسمك دي؟! لأ يا بابا انا بكتبه بطريقة مميزة عشان أن شاء الله لما ابقى مشهورة أهلي الناس تقرأه بشكل جميل زي ما انا عاوزاهم يشوفوه ..مش فاهم أنا يعني لما تبقي مشهورة هتاخدي ايه من الشهرة.. عمومًا اتمنى لك الخير وربنا يوفقك وتحققي كل اللي بتتمنيه".

هكذا دار النقاش بين الأب وابنته منذ عدة سنوات، حيث كانت المُشاغبة والقريبة إلى قلب والدها فقد كانت مُدللته العزيزة، لم يستطع رفض أي طلبًا لها فكانت جميع أحلامها مُحققة وطلباتها مُجابة، فأخذت تتعلم القيادة منذ عمر العشرين دون مٌعلم بل كانت مُعلمة نفسها، حتى أصبحت الآن تُعلم الأخرين.

لم تستسلم علا رشوان بعد طلاقها من والد نجلها، ولم تقبل بأن تعيش عالة على والدها وأشقاءها، بل صمدت وأصرت أن يكبر طفلها ويقرأ اسم والدته كما أرادت أن يقرأه مع الأخرين، فأخذت تُفكر خارج الصندوق لتخرج إلى المجتمع السوهاجي كأول مُدربة قيادة سيارات للسيدات والفتيات بالمحافظة، فتلقى انتشارًا لم تكن تتوقعه مثلما حلمت بل كان أفضل.

"أنا الفكرة جت لي لما صحبتي قالت لي مكسوفه تنزل مع مدرب السواقة لوحدها وعاوزاني معاها أو أعلمها أنا ومن بدأت قصة الكفاح في المجال بقى"، بهذه الكلمات بدأت علا رشوان، خريجة في كلية التجارة جامعة سوهاج، ٤٠ عامًا، تتحدث ل"صدى البلد"، عن كيفية تحقيقها ذاتها في مجال يختلف عن المجالات الأخرى التي أبدعت فيها المرأة المصرية واثمرت نجاحًا كبيرًا.

وأشارت أم مهاب الطفل الذي يبلغ من العمر ٨ سنوات، أنها تعشق القيادة ولا تتعامل معها كمهنة للتعايش منها فقط، بل هي تُمارس بها هوايتها المُفضلة، ألا وهي القيادة ذاتها، موضحة أنها ٢٠ عامًا تتعمق في تفاصيل القيادة وما يُخفى فيها ولا يعلمه الكثير، حتى أصبحت نهرًا في عالم قيادة السيارات يمكن أن يُسقى منه الجميع.

"هي الستات بتعرف تسوق أصلا عشان تدرب منكم لله ضيعتونا"، هذه الكلمات التي كانت تسمعها دائما مُدربة قيادة السيارات عندما يراها أحد الرجال وهي تُعلم إحدى السيدات أو الفتيات القيادة بمدينة ناصر بمحافظة سوهاج، ولكنها كانت لأ تُعطي أي اهتمام لكل هذه العقبات، لم تسمح بأن يهز أحد كيانها التي تُبدع في بناءه، فكانت تتجاهل ذلك قائلة:"الرجالة بيتقهروا من سواقتنا".

بالصبر والمثابرة بالفكر خارج صندوق العادات والتقاليد والقيود التي جعلت من طموحنا قطع زجاج مُبعترة لا نستطيع إلمامها كي تجرحنا ولا نستطيع تركها حتى لا تعوق طريق سيرنا، عاشت تحلم ببناء اسم في عالم المرأة يختلف مجاله عن كافة المجالات فتدخل عالم قيادة السيارات وتصبح مُعلمًا للنساء.

"بالله عليكي يا علا علمي جوزي معايا السواقة ده هو مش مصدق ان فيه ست بتفهم فيها كده... علا علا علمي أخويا عشان أن شاء الله ينجح السنه دي واهديه عربية يروح بيها جامعته... علا علمي ابني السواقه مش هلاقي احسن منك يعلمه وهكون مطمنة عليه لو اتعلم ع ايدك"، هكذا كانت مطالب مُتدربي ابنة آل رشوان، ولكنها لم تتناسى أنها من أصل صعيدي بمجتع تحكمه قوانين لأ يمكن تجاوزها، فلا يمكنها أن تسير بصحبة رجل يجلس إلى جانبها داخل السيارة كي تُعلمه القيادة فالناس لا تؤمن بأنه عملًا وكلاهما يُركز فقط عليه.

رفضت علا رشوان أن تُعلم أصول القيادة سوى للسيدات والفتايات فقط، كما رفضت تعليمها للشباب في عُمر المُراهقة مُبررة ذلك بأن الشاب في هذا السن ترفع القيادة عنده معدل الأدرينالين ما يجعله يقود كالمجنون أو كالذي تعاطى شيئًا فأخرجه عن وعيه، أما الفتيات فبطبعهن هاديات عاقلات يُريدن الوصول في سلام وأمان، وهي فعفت نفسها من هذه المسؤولية.

واختتمت "رشوان" حديثها بنصيحتين وهما:"ألا تتعلمين القيادة من زوجك لأنه سينسى تعليمك بعض الأشياء الهامة كما أنه يستسهل بعض الأمور فمثلا رجل قال لزوجته أن تقود حافية القدمين كي تشعر بلمسها للفرامل والبنزين وهذا مبدأ خاطئ .

"لا تخشين أن تُبدعين في أي مجال تُريدين الدخول به والإبداع فيه ولا تحسبين لحديث الأخرون حساب فهم لن يعيشون حياتك بدلًامن عنكِ".