الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المولد النبوي .. الإفتاء تكشف كيفية إحياء ذكرى المولد والوفاة معاً.. والمفتي: ذكراه شاهدة على الحب.. وعلي جمعة يكشف فضيلة محمدية باقية ليوم الدين

ذكرى المولد النبوي
ذكرى المولد النبوي
  • إحياء ذكرى المولد والوفاة معاً لا شيء فيها
  • سيرة النبى وسنته وفهمه للقرآن ستظل في أمته إلى يوم القيامة
  •  نص العلماء على استحباب إظهار السرور والفرح بشتى مظاهره

ذكرى المولد النبوي.. بدأت مع غروب شمس الإثنين الـ 18 من أكتوبر الجاري، دخول ليلة الثاني عشر من شهر ربيع الأول لعام 1443هـ، شهر ميلاد خير البرية وسيد الخلق وخاتم المرسلين والرحمة المهداة للعالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ووسط حديث عن تزامن ذكرتي الميلاد والوفاة معاً في هذا الشهر الفضيل، حيث يحرص المسلمون على معرفة المنهج الشرعي في إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف.

الاحتفال بمولده شاهد على الحب

قالت دار الإفتاء، إن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف شاهد على الحب والتعظيم لجناب سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم والفرح به، وشكرٌ لله تعالى على هذه النعمة. وهو أمرٌ مستحبٌّ مشروعٌ، ودرج عليه المسلمون عبر العصور، واتفق علماء الأمة على استحسانه.

وأضافت الإفتاء، في إجابتها عن سؤال: «ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي؟»، المراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوي: أن يقصد به تجمع الناس على الذكر، والإنشاد في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وإطعام الطعام صدقة لله، والصيام والقيام؛ إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإعلانًا للفرح بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم إلى الدنيا.

واستدلت دار الإفتاء بما روي عن بُرَيدة الأسلمي رضي الله عنه قال: خرج رسول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم في بعض مغازيه، فلمَّا انصرف جاءت جاريةٌ سوداء فقالت: يا رسول الله، إنِّي كنت نذَرتُ إن رَدَّكَ اللهُ سَالِمًا أَن أَضرِبَ بينَ يَدَيكَ بالدُّفِّ وأَتَغَنَّى، فقالَ لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «إن كُنتِ نَذَرتِ فاضرِبِي، وإلَّا فلا» رواه الترمذي، موضحة: فإذا جاز ضرب الدُّفِّ فرحًا بقدوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم سالِمًا، فجواز الاحتفال بقدومه صلى الله عليه وآله وسلم للدنيا أولى.

النبي باقٍ بأنفاسه الطاهرة

قال الدكتور مجدى عاشور المستشار الأكاديمي لمفتي الجمهورية، إن الله سبحانه وتعالى قال في سورة الزمر: "إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ"، مشيراً إلى أن الموت على الجميع وهو حقيقة كونية لكافة مخلوقات الله ، إلا أن ذلك لا يعني انقطاعه صلى الله عليه وسلم وإنما سيرته وسنته وفهمه للقرآن سيظل في أمته الى يوم القيامة.

وأشار عاشور، إلى أن كل إنسان منا لا ينبغي أن يظن في أن وفاته صلى الله عليه وسلم، مثل وفاتنا وموتنا، فالنبي صلى الله عليه وسلم معنا بأنفاسه الطاهرة وهو يتجلى فى وجوده برده السلام على من يصلي عليه، كما أنه تعرض عليه الأعمال فإن وجد خيراً حمد الله عليه وإن وجد غير ذلك استغفر الله تعالى لنا، فالعلاقة به صلى الله عليه وسلم منذ بعثته من الناحية الشرعية ، بل منذ إن كان آدم عليه السلام في طينته.

وبين أمين الفتوى، أنه لا شيء في الاحتفال بمولده وإن كان يوافق يوم موته على بعض الأقوال فالمقصود هو أن يفرح بنا صلى الله عليه وسلم أننا نتبعه ونحبه سواء كان ذلك يوم ولادته أو انتقاله، وخاصة أن معنى الانتقال هنا هو انتقال روحه لمزيد من النور والسعادة للقائه بربه.

وشدد على أننا حين نحتفل به نظهر الفرح لأننا نتبع سنته وحبه وشكراً على مجيئه وبعثه من الله تعالى هداية لنا، موضحاً أن النزول في القبر من الناحية الفيزيائية بالنسبة لأجساد الأنبياء يختلف عن عامة البشر فجسدهم يحرم على الأرض أن تأكله.

وبين مستشار المفتي، أن الحياة البرزخية لها قانون آخر وخاصة مع النبي صلى الله عليه وسلم فحياته صلى الله عليه وسلم تساوى وفاته بالنسبة لنا فهو حي فى كل قلوبنا متجسداً في سنته وسيرته ولا نستطيع بغير ما جاء به العادي، وعنه صلى الله عليه وسلم قوله :"حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ ، تُحْدِثُونَ وَيَحْدُثُ لَكُمْ ، وَوَفَاتِي خَيْرٌ لَكُمُ ، تُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُمْ فَمَا كَانَ مِنْ حَسَنٍ حَمِدْتُ اللَّهَ ، وَمَا كَانَ مِنْ سَيِّءٍ اسْتَغْفَرْتُ اللَّهَ لَكُمْ".

حكم شراء الحلوى والتهادي بها 

وفي ردِّه على فتاوى المتشددين التي تُحرِّم شراء حلوى المولد النبوي أو التهادي بها في ذكرى المولد النبوي، أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن شراء الحلوى والتهادي بها أثناء الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف "مباح شرعًا ويدخل في باب الاستحباب من باب السعة على الأهل والأسرة في هذا اليوم العظيم".جاءت فتوى مفتي الجمهورية ردًّا على سؤال حكم الشرع في شراء الحلوى والتهادي بها في المولد النبوي الشريف، حيث ظهرت بعض الأقوال التي تدَّعي أنها أصنام، وأن ذلك بدعة وحرام ولا يجوز للمسلم أن يأكل منها، ولا أن يشارك في شرائها ولا في إهدائها ولا في الأكل منها، فما الحكم الشرعي في ذلك؟

وأجاب مفتي الجمهورية قائلًا: إن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف والفرح بها من أفضل الأعمال وأعظم القربات، ويندب إحياء هذه الذكرى بكافة مظاهر الفرح والسرور، وبكل طاعة يُتقرب بها إلى الله عز وجل، ويَدخُل في ذلك ما اعتاده الناسُ من شراء الحَلوى والتهادي بها في المولد الشريف؛ فرحًا منهم بمولده صلى الله عليه وآله وسلم، ومحبةً منهم لما كان يحبه.

واستدل المفتي بما جاء عَنِ السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يُحِبُّ الحَلْوَاءَ، وَيُحِبُّ العَسَلَ" رواه البخاري وأصحاب السنن وأحمد، فكان هذا الصنيعُ منهم سُنَّةً حسنة، كما أن التهادي أمر مطلوب في ذاته، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تَهَادُوا تَحَابَّوا» رواه الإمام مالك في "الموطأ"، ولم يَقُمْ دليلٌ على المنع من القيام بهذا العمل أو إباحَتِه في وقت دون وقت، فإذا انضمت إلى ذلك المقاصد الصالحة الأُخرى؛ كَإدْخَالِ السُّرورِ على أهلِ البيت وصِلة الأرحامِ فإنه يُصبح مستحبًّا مندوبًا إليه، فإذا كان ذلك تعبيرًا عن الفرح بمولدِ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كان أشَدَّ مشروعيةً وندبًا واستحبابًا؛ لأنَّ "للوسائل أحكام المقاصد".

وقال مفتي الجمهورية: لقد نص العلماء على استحباب إظهار السرور والفرح بشتى مظاهره وأساليبه المشروعة في الذكرى العطرة لمولده الشريف صلى الله عليه وآله وسلم، ويقول الحافظ السيوطي في "حسن المقصد في عمل المولد" المطبوع ضمن "الحاوي للفتاوي": [فيستحبُّ لنا أيضًا إظهارُ الشكر بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات].

فضيلة عظيمة للنبي باقية ليوم الدين 

أكد الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء أن بروز قبره وبقاؤه صلى الله عليه وسلم أحد فضائل المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا﴾ [النساء :64]. 

وقال جمعة في منشور عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك:"قد انتقل النبي ﷺ من هذه الحياة الدنيا، ولكن بانتقاله هذا لم ينقطع عنا ﷺ وله حياة أخرى هي حياة الأنبياء، وهي التي تسمى الحياة بعد الموت، أو الممات كما سماها ﷺ حيث قال: «حياتي خير لكم تُحدثون ويَحْدُث لكم. ومماتي خير لكم، تُعرض علي أعمالكم فما رأيتُ من خير حمدت الله، وما رأيتُ من شر استغفرت الله لكم». 

وقال ﷺ: «ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي؛ حتى أرد عليه السلام»، وهذا الحديث يدل على اتصال روحه ببدنه الشريف ﷺ أبدًا؛ لأنه لا يوجد زمان إلا وهناك من يسلم على رسول الله ﷺ ، وحياة النبي ﷺ بعد انتقاله ليست كحياة باقي الناس بعد الانتقال؛ وذلك لأن غير الأنبياء لا ترجع أرواحهم إلى أجسادهم مرة أخرى، فهي حياة ناقصة بالروح دون الجسد، وإن كان له اتصال بالحياة الدنيا كرد السلام وغير ذلك مما ثبت في الآثار، ولكن الأنبياء في حياة هي أكمل من حياتهم قبل الانتقال، وأكمل من حياة باقي الخلق بعد الانتقال.

وتابع: قد صح أن الأنبياء عليهم السلام يعبدون ربهم في قبورهم، فعن أنس رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «مررت على موسى ليلة أُسري بي عند الكثيب الأحمر، وهو قائم يصلي في قبره». وعنه ﷺ: «الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون»، ويدل هذا الحديث على أنهم أحياء بأجسادهم وأرواحهم لذكر المكان حيث قال «في قبورهم»، ولو كانت الحياة للأرواح فقط لما ذكر مكان حياتهم، فهم أحياء في قبورهم حياة حقيقية كحياتهم قبل انتقالهم منها، وليست حياة أرواح فحسب؛ كما أن أجسادهم الشريفة محفوظة يحرم على الأرض أكلها، فقد صح عنه ﷺ أنه قال: «إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء».

ومن تمام إعجاز القرآن وبقائه وصلاحيته في كل الأزمان، وتمام تحقيق الله لوعد نبيه ﷺ إبراز قبره الشريف، وأصبح القبر الشريف حقيقة تاريخية لا يختلف اثنان من أن ذلك الموضع بالمدينة المنورة في مسجده الشريف هو القبر الذي ضم جسد أعظم العظماء بشهادة غير المسلمين.

وشدد على أنه ليس هناك يقين عند أحد من المؤرخين بوجود قبر صحيح منسوب لأحد من الأنبياء إلا قبر النبي ﷺ ، فكان ثبوت قبره يقينًا عند المؤرخين، وبروزه فضيلة أخرى شهد بها الواقع التاريخي، وجميع الشواهد.