الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عجز في الطاقة من آسيا إلى أوروبا يصعد بأسعار الوقود والكهرباء |تفاصيل

سوء الأحوال الجوية
سوء الأحوال الجوية وقيود المناخ

قبل عدة أسابيع فقط كان الاقتصاد العالمي على طريق الانتعاش بأمان من جائحة فيروس كورونا، لكننا الآن تقف على شفا أزمة أخرى لم نشهدها منذ السبعينيات، لقد أدت العواصف القوية الناتجة من سوء الأحوال الجوية والقيود المتعلقة بالمناخ واختناقات سلاسل التوريد والخلافات الجيوسياسية إلى حدوث عجز غير متوقع في الطاقة من آسيا إلى أوروبا، الأمر الذي نتج عنه ارتفاع صارخ في أسعار الوقود، ومن المحتمل أن تتفاقم الأمور خاصة مع اقترابنا من فضل الشتاء.

كما زاد من الضغط على الأسعار انقطاع التيار الكهربائي في العديد من المقاطعات الصينية التي أدت إلى إغلاق المصانع، أما في المملكة المتحدة أدي نقص الوقود إلى وقوف سائقي السيارات في طوابير طويلة على طول الشوارع حول محطات البنزين، كما وصلت أسعار الغاز الطبيعي إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، الأمر الذي نتج عنه توقف أغلب المرافق البريطانية عن العمل، وارتفعت أسعار الفحم أيضًا نحو مستويات قياسية حيث فاقت مستويات الطلب مستويات العرض بكثير.

لم تتوقف الأزمة فقط على أوروبا والصين بل إنها سرعان ما انتشرت في جميع دول العالم مثل تأثير الدومينو، مما أعاد إحياء ذكريات أزمة الطاقة طويلة الأمد في السبعينيات التي ضربت العالم الغربي.

أسعار النفط تتخطي 80 دولار للبرميل

واصلت أسعار تداول النفط الارتفاع حيث بلغ كل من برنت وغرب تكساس الوسيط أكثر من 80 دولار للبرميل خلال تعاملات يوم الاثنين (11 أكتوبر)، وقد تجاوزت أسعار النفط يوم الجمعة حاجز 80 دولار للمرة الأولى منذ نوفمبر 2014، وقد تخطتالأسعار 100 دولار لأول مرة منذ 2014 هذا الشتاء مما قوض من نمو الاقتصاد العالمي،وحتى الآن لا يزال المسار صعوديًا، وذلكبسبب الذعر من حدوث أزمة كبيرة للطاقة، تتشبث أوروبا أيضًا بمخاوف من نقص الغاز من روسيا ومشاكل الرياح البحرية التي تدفع جميع أسعار الطاقة المرتبطة إلى مستويات قياسية متعددة السنوات.

وفقًا لخبراء سوق النفط، أشاروا إلى أنمخاوف القوة تستمر في تقديم الدعم لسوق النفط، كما أنهم يروا أن هذا اتجاه من المحتمل أن نشهده مستمرًا خلال الشتاء، تتخذ الصين حاليًا خطوات لمحاولة التخفيف من الضيق في سوق الفحم المحلي، من خلال دفع المناجم المحلية لزيادة الإنتاج، ومع ذلك، أدت الأمطار الغزيرة في مقاطعة شانشي خلال الأسبوع الماضي إلى إغلاق بعض المناجم مؤقتًا في المنطقة.

ارتفاع أسعار الغاز

تراجعت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا عن مستوياتها المرتفعة التي سجلتها في الأسبوع الماضي، بعد تصريحات الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" بأن روسيا ستكون مستعدة لتحقيق الاستقرار في أسواق الغاز.

انتابت الأسواق حالة من الذعر مدفوع بالمخاوف من نقص الغاز الطبيعي في أوروبا بعدما وصلت مستويات التخزين عند أدنى مستوياتها منذ أكثر من عقد، الأمر الذي أدي إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا إلى مستويات قياسية وارتفع بنسبة 100% تقريبًا في شهر سبتمبر وحده، ومع ذلك، فقد تراجعت الأسعار مرة أخرى بعد أن عرضت روسيا زيادة الإمدادات.

ما سبب أزمة الطاقة الراهنة؟

لم تكن أزمة الطاقة الحالية وليدة اليوم، بل إنها نشأت من مجموعة من الأزمات المختلفة بين المحن الاقتصادية وغيرها من الأزمات في أجزاء مختلفة من العالم، والتي تشمل:

1 .انهيار الطلب العالمي على الطاقة خلال عام 2020 بسبب جائحة فيروس كورونا والتي أدت إلى حدوثهبوط حاد في مستويات المعروض، ولكن عندما عادت مستويات الطلب مرة أخرى هذا العام في ظل حملات التطعيم غير المسبوقة التي ساهمت في الانتعاش الاقتصادي، لم تتمكن مستويات العرض في مواكبة ذلك، مما تسبب في اتساع الاختلالات.

2 .قطاع الطاقة في الصين الذي أصبح يبتعد بشكل جزئي عن استخدام الفحم كوقود، متجهًا نحو استخدام الطاقة النظيفة، وبالتالي لم يكن قادرًا على التعامل مع الطلب المتزايد على الكهرباء.

3 .أدي الطقس العاصف إلى الإضرار بإنتاج الطاقة المتجددة في المملكة المتحدة وأوروبا، حيث تسبب نقص الرياح الصيفية في بحر الشمال في تراجع إنتاج طاقة الرياح وجفاف في النرويج مما أثر على توليد الطاقة الكهرومائية

4 .تعاني المملكة المتحدة من نقص في الأيدي العاملة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، وقدنتج عنه حدوث نقص في سائقي الشاحنات لمسافات طويلة، الأمر الذي أدي إلى شل حركة البضائع بما في ذلك الوقود، مما تسبب في حدوث أزمة البنزين في جميع أنحاء البلاد.

فجوة بين العرض والطلب

تعود جذور أزمة الطاقة الحالية إلى ذروة أزمة كوفيد في عام 2020، حيث عانى الاقتصاد العالمي من أسوأ فترات الركود منذ قرن، مما تسبب في تحولات عميقة في التوازن بين العرض والطلب في أسواق الطاقة.

تسارع الطلب العالمي على الطاقة في أعقاب انتهاء عمليات الإغلاق الوبائي، وعلى خلفية الحوافز المالية والنقدية غير العادية التي أطلقتها الحكومات والبنوك المركزية، ومع ذلك، فشل العرض في النمو بنفس الوتيرة، مما تسبب في عدم تطابق العرض والطلب في أسواق السلع من النفط والغاز إلى الألومنيوم.

الصين وأزمة الفحم

ظهرت أولى علامات التحذير من الأزمة في الصين في نهاية أغسطس، عندما بدأ نقص الفحم يؤثر على مولدات الطاقة المحلية، مما أدى إلى توقف الإنتاج في عدة مقاطعات.

ثبت أن العرض المحلي للفحم في ثاني أكبر اقتصاد في العالم غير كاف لتلبية الطلب العالمي المتزايد على السلع الصينية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى سياسات المناخ التي انتهجها الرئيس "شي جين بينغ" والتي كان لها تأثير سلبي على تعدين الفحم في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى ذلك، تواصل بكين فرض حظر على استيراد الفحم الأسترالي بسبب الخلاف السياسي الذي لم يتم حله.

في نهاية عام 2020 كانت الصين أكبر منتج للفحم في العالم بحصة 50.7% وأكبر مستهلك بحصة 54%، وفقًا لمحللي بنك مورجان ستانلي تم إيقاف ما يقرب من 7% من طاقة إنتاج الألمنيوم في الصين حتى الآن ونحو 29% من إنتاج الاسمنت، من المحتمل أن تؤثر هذه الأزمة على النمو الاقتصادي الصيني على المدى القريب، وقد خفض بعض المحللين في جولدمان ساكس بالفعل توقعاتهم للنمو لهذا العام بأكمله في البلاد من 8.2% إلى حوالي 7.7%.

نقص الوقود في المملكة المتحدة

إن صور السيارات التي تصطف على طول الشوارع حول محطات البنزين في المملكة المتحدة والمضخات الفارغة تذكرنا على الفور في أواخر السبعينيات، لكن أزمة الوقود هذه المرة تنبع أساسًا من نقص سائقي الشاحنات.

سارع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في خروج العمال الأوروبيين من بريطانيا على الأقل في قطاع النقل وزاد من صعوبة تعيين موظفين من الخارج، وفقًا لمكتب المملكة المتحدة للإحصاءات الوطنية، انخفض عدد سائقي سيارات البضائع الكبيرة إلى 275000 في مارس 2021 من 304000 في العام السابق، انخفض عدد السائقين من جنسيات الاتحاد الأوروبي بنسبة 40% تقريبًا خلال عام إلى 28000 من 44000.

كإجراء طارئ خططت حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون لجلب 5000 سائق شاحنة أجنبي بتأشيرات مؤقتة قصيرة الأجل، ومع ذلك، قد لا يكون هذا كافياً لمواجهة النقص الهيكلي في العمالة في المملكة المتحدة.